أحمد عابدين ثورة الخامس والعشرين من يناير تلك البقعة المضيئة في التاريخ المصري والحدث الروع والجمل في التاريخ الحديث , انها ذلك النموذج الابهى من الثورات الذي ادهش سكان الكوكب على اختلاف الوانهم ,كل هذا لان تلك الثورة عبرت عن ثقافة وحضارة شعب عظيم , تلك الثورة التي تحققت فيها احلام الثوار الانقياء وتجسدت فيها آمال البسطاء وحطمت اوهام السفلة محترفي السرقة والتزوير والقمع والتعذيب ولتخلع اقنعة الكذب عم كثير من القوى والشخصيات كنا نعدها من المخلصين اعلاناً عن انتهاء حقبة سوداء مظلمة من تاريخ مصر. انني اكتب اليوم عن شهادتي امام الله وامام من يقرأ تلك الكلمات عن اعظم حدث في حياتي واجمل ايام رأتها عيني وأعين كثير من المصريين الذين حملوا حبهم لوطنهم سنين طويلة مدافعين عن حقهم في دولة حرة ديمقراطية متقدمة تليق بهذا الشعب العظيم . انني أكتب اليوم عن اصحاب الثورة الحقيقين الذين يخونون اليوم ويتهمون بالعمالة وبكل التهم التي الفنها من نظام كنا نحسبه انتهى وزال , انني اكتب اليوم عن اولئك المخلصين لثورتهم المناضلين لسنوات طويلة على الارصفة وفي الميادين كلل الله نضالهم الشريف هذا بثورة عظيمة وان لم تكتمل بعد , ادعى الكثيرين وصلاً بها لكن يأبى الله الا ان تنكشف وجوههم الدميمة ونفوسهم الضعيفة المعبرة عن الخنوع والخضوع للظلم المحترفين في صنع الفراعنة والجبابرة . لقد كان لثورة يناير الكثير من المقدمات والعلامات والبشائر أهمها على ما اظن ظهور حركة كفاية عام 2004 وانتفاضة 6 ابريل عام 2008 والتي عبرت عن شبه اكتمال للنضوج الثوري للشارع المصري تجسد في تضامن كل فئات المجتمع مع فئة العمال الكادحين والمظلومين الذين تعرضوا للظلم على مدار عصر المخلوع وبلغ ذروته ضد عمال المحلة يومها. وكان لذلك الحدث الأثر العظيم في تغيير شكل المعارضة المصرية لتفضح المدعين بالمعارضة للنظام ابتداءً من احزاب مزيفة كرتونية وانتهاءً بجماعة الاخوان الذين وضح جلياً يومها انها ليس ذلك المارد الصارخ بالحق في وجه الطغاة كما كنا نظن وانما هي حزب سياسي له صبغة دينية يتقن اللعب مع الانظمة الاستبدادية دون مواجهة ولا يعرف قاموسها كلمة ثورة ابدا. فظهر على ساحة الساسة جيل جديد من شباب متحمس لقضيته ومتقنن لاحدث اساليب التغيير السلمي المتحضر ليبدأوا مرحلة جديدة من المعارضة شهدتها سنوات ما قبل الثورة من مسيرات ووقفات احتجاجية وتكوين ائتلافات وجبهات تعبر عن افكار جادة اذكر منها شباب من اجل الحرية والعدالة وحركة لا للتوريث واكثرها ظهورا وعملا في الشارع حركة 6 ابريل , ويشاء الله المطلع على صدق نوايا هؤلاء الشباب ان تولد الثورة على يد مجموعة من تلك الائتلافات الصادقة النقية الا وهي الحركات الداعية للتظاهر يوم الخامس والعشرين من يناير 2011 وهم – حركة 6 ابريل وصفحة كلنا خالد سعيد وحركة كفاية وشباب من اجل الحرية والعدالة الجبهة الوطنية للتغيير وشباب حزب الجبهة بالإضافة الى شباب الاخوان " الذين تم فصلهم بعد ذلك وشباب السلقيين – ويشاء الله ان يعزز هؤلاء الشباب لصدق نواياهم بقوى واشخاص اخرين لتشكل في النهاية كل طوائف الشعب المصري الثوري منها وغير الثوري . وكما تفصل النار المعادن الرخيص منها عن الثمين اخذت الاحداث تبين معادن الرجال ونوايا القوى التي ادعت انها قوى ثورية عندما اكتفت ببعض الفتات وثبت في ارض الميدان الثوار الحقيقيون الذين تحملوا البرد القارص والليالي الحالكة والقتل والضرب والسحل والاعتقال معلنين عن نيتهم استكمال ثورتهم مهما كان الثمن ومهما بلغت التكلفة من دمائهم ونور عيونهم صارخين لكل صاحب ضمير ان النظام لم يسقط ولم يتهدم من جبل الفساد شئ و تأكدوا انهم امام شبح يغير جلده مرة ببدلة مدنية ومرة ببدلة عسكرية ومرة بجلباب وزبيبة. ان اشد ما واجهه النظام في الثوار الحقيقين هي عزيمتهم وعزمهم على انقاذ بلدهم من مستنقع الفساد الواقع فيه تلك العزيمة التي حاول مجلس المجرمين التخلص منها باي شكل من الاشكال , وعلى قدر الشدة تأتي الشدائد وعلى قدر الاخلاص للثورة كان العقاب اشد , فأخذ يلقي التهم على الفصائل الثورة الواحدة تلو الاخرى دون دليل ولا برهان وفشله في اثبات اي من تلك التهم – اتهام حركتي 6 ابريل وكفاية بتلقي اموال من الخارج والتدريب على قلب نظام الحكم – وعندما لم يستطع ان يثبت عليهم تلك التهم النجسة الغارق فيها اتباعهم وحلفائهم دون حساب ولا عقاب اخذ العقاب شكلاً اكثر اجراما ووحشية من دهس بالمدرعات في ماسبيرو والقتل بالرصاص وفقئ الاعين في مواجهات محمد محمود وسحل وتعرية الاطهار والاشراف من بنات مصر في فضيحة مجلس الوزراء , كل هذا لم يكسر عزيمة الابطال ولم يفت من همتهم لتصل المواجهة الى اسود المراحل تلك التي تدخل فيها واحد من اشد اجهزتهم اجراما . لقد كشفت مذبحة بورسعيد النقاب عن اولئك الابطال حراس الثورة الحقيقيين الذين لم يطمعوا يوما في مكسب من وراء بطولاتهم وانما فضلوا ان يكونوا بعيدين عن الانظار وعن الاعلام حتى عندما سرق الاخرون انجازاتهم وبطولاتهم في حماية الميدان يوم موقعة الجمل لم يردوا ولم يلتفتوا الى هذه الصغائر وانما فضلوا ان يكونوا هم الجندي المجهول الذي حقق الانتصار واختفى عن الانظار انهم شباب الالتراس اخلص شباب مصر واكثرها وعيا وتفتحا وثورية يذبحون في جريمة حرب لم ترى ارض مصر مثلها يشترك فيها كل اشكال الاجرام من فرق القتل المحترفة واسطول من البلطجية المأجورين ويستغل فيها التنافس القروي لالحاق التهمة ببلد اقل ما توصف به بلد الابطال ورمز من اكبر رموز المقاومة المصرية . لقد عبر هؤلاء الجنود الاشاوس واولئك الثوار المخلصين عن روح الثورة المصرية التي يصعب على اي انسان وصفها او حصرها في كلمات وانما تحسها في شجاعة طفل في معركة وخفة دم عجوز في اعتصام في وقوف بنت رقيقة تضمد جراح المصابين في مستشفى ميداني في روح الاخوة التي تملئ المتظاهرين في وسط ظلام وحرقة الغاز المسيل للدموع في حمل شاب امتلئ جسمه جروح لاخ ثان اغمى عليه وفي روح اولاد البلد سائقي متوسيكلات الاسعاف التي عبرت عن عبقرية وحب هذا الشعب العظيم . كل ما سبق عبر عن تلك الثورة العظيمة الواقفة في وجه ظلم مجلس ادعى كذباُ صلته بالثورة و صمت جماعة ادعت ايضا صلتها بالثورة احياناً وتشجيعا وتبرير للظالم احيانا أخرى مما يجعلك تتأكد انهم كان لكل منهم ثورته الخاصة غير التي عرفناها.