جاءت امتحانات نصف العام فى الأيام الماضية حاملة طابعا فضائحيا. بعضها لم يكتف بالنفاق الرخيص للسلطة السياسية، ذلك الذى اعتدناه من الموظفين على الدوام، لكنه أتى محفوفا بالعار الذى يشين صاحبه ويضعه فى خانة المغفلين والأوغاد فى نفس الوقت. إليكم نماذج من أسئلة الامتحانات التى وضعها المنافقون ليجيب عنها التلامذة فى الإعدادى والثانوى: ■ اكتب رسالة إلى المجلس العسكرى تشكره على حمايته الثورة وتصميمه على حماية البلاد من كل عميل وطامع رغم ما تعرضت له من إهانات. ■ العمل والإنتاج الحقيقى لا يتحققان فى ظل استمرار الثورات ولكن الاستقرار هو القاعدة الأولى للإنتاج. ■ اكتب برقية تهنئة لحزب الحرية والعدالة الحائز على المركز الأول فى انتخابات مجلس الشعب. ■ ثورة 25 يناير حدث غيّر التاريخ.. اكتب عن عيوبها ومزاياها. ■ اكتب برقية لرجال القوات المسلحة تشكرهم فيها على حفاظهم على الوطن. ■ ما أسعد الإنسان فى ظل الأمن والسلام حب ونعيم وإخاء! وما أتعسه فى ظل الإرهاب والحروب، والفتن بغض وشقاء وفرقة! اكتب فى ذلك داعيا المواطنين إلى نبذ التهديد والتظاهر والإرهاب. ■ تمر البلاد بمرحلة انتخابية ناجحة تتنافس فيها أحزاب أهدافها مختلفة للوصول إلى البرلمان، وفى المقابل شاهدنا الثوار بل المفسدين يدمرون تاريخ البلد، حيث أحرقوا مجمع البحث العلمى الذى يضم نخبة من الكتب النادرة، ثم رجع المخرّبون وقلوبهم فرحة. ■ فى تعبير عن الاحترام يجب أن نرفع جميعا القبعة للمجلس العسكرى الذى كان يستطيع إطلاق النار على الثوار ولم يفعل. ■ إن ما يقوم به حزبا «6 أبريل» و«كفاية» من محاولات للوقيعة بين الجيش والشعب المصرى والادعاء بأن المجلس العسكرى بقيادة المشير طنطاوى ورجاله المخلصين من فلول النظام السابق، متجاهلين حماية الجيش لثورة 25 يناير.. أمر يتطلب الحذر والحيطة وعدم الانسياق وراء هذه الفئة الضالة ذات الميول العدوانية والأجندات الخارجية والأغراض الشخصية.. ما تعليقك؟ فى البداية لا يمكن أن أنكر على المدرسين التأثر بالحراك الذى يمر به الوطن والرغبة فى إشراك الطلبة فى الشأن العام وأمور الوطن الملحة، كما يمكننى أن أتفهم مع بعض الصعوبة كتابة سؤال يطلب من التلامذة شكر المجلس العسكرى لأنه لم يطلق النار على الثوار.. لكن ما لا يمكن فهمه هو الميل الواضح لإدانة الثورة ووصمها بالإرهاب مع وصف الثوار بالإرهابيين من جانب بعض المدرسين الجهلاء الذين أرادوا فرض أفكارهم المعيبة وخيبتهم الثقيلة على الطلبة.. كيف أمكن لمدرس بائس أن يصف الشباب الذى يحمى الوطن من الخراب بأنه الفئة الضالة ذات الميول العدوانية والأجندات الخارجية والأغراض الشخصية؟ كيف وهؤلاء الشباب هم من سعوا إلى تحريره من العبودية وعودته إنسانا من جديد؟ إن من يتأمل الإدانة الساحقة التى تحملها الأسئلة لا بد أن يصاب بالدهشة لأننا نعلم أن هؤلاء المدرسين لا يمكن أن يكون من بينهم أحد من أولاد ال..... الذين تحدث عنهم الشاعر مظفر النواب.. من يتأمل إدانة حركة 6 أبريل التى كان شبابها فى طليعة من رفضوا حكم العصابة وخرجوا يوم 25 يناير ينادون بالحرية، وكذلك إدانة حركة كفاية التى كانت أول من وقف فى وجه الشيطان عندما كان غيرهم يقول لنفس الشيطان تمام يا أفندم.. لا بد أن يتساءل عن ماهية واضع الأسئلة، وهل يمت بصلة قرابة للرجل النازى تلميذ هتلر الذى طالب بوضع شباب الثورة فى الأفران؟ إن ما حدث فى هذه الامتحانات يؤكد أن الثورة التى قامت لتحرير العبيد ما زالت بعيدة عن هذا الهدف وما زالت فى حاجة إلى جولة أخرى حتى تقتلع من النفوس ثقافة الحزب الوطنى التى رسخها فى العقول عن وجوب طاعة من فى السلطة والتقرب له ودخول الحروب نيابة عنه دون أن يكون لمن يفعل هذا ناقة ولا جحش فى الموضوع. المسألة فعلا مثيرة للقرف بقدر ما هى مثيرة للغضب وذلك لغرابة أن يقوم بنى آدم بركل إنسانيته عمدًا ثم التلحف برداء الكلب!