لا يتوقف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان عن إثارة الدهشة والإعجاب معاً في قدرته علي التعامل مع المواقف الصعبة والخروج منها ظافراً بمكاسب عديدة أياً كان حرج المواقف التي تواجهه، حيث نجح مؤخراً في تفادي الفضيحة التي تعرض لها هو وعائلته بطريقة تثير الدهشة عندما أمر بتطبيق القانون علي ابن شقيقه محمد أردوجان بعد ضبطه ضمن مجموعة من الأشخاص متورطين في ترويج المخدرات في أسطنبول. فالرجل الذي عرفه العالم بوجهه البشوش ومواقفه البطولية لم يجد غضاضة في تطبيق القانون علي فرد من أفراد عائلته ولم يحاول التحايل علي القانون أو إسكات وسائل الإعلام فيما يتعلق بهذه القضية الحساسة، بل خرج بمنتهي الصراحة والشفافية معلناً تورط ابن شقيقه في القضية ومطالباً بتطبيق مواد القانون عليه مثله في ذلك مثل أي مواطن ضبط متلبساً بهذا الجرم. وأردوجان طالما وقف إلي جانب الحق خاصة فيما يتعلق بالعدوان الصهيوني علي غزة وبهجومه علي إسرئيل، برغم معارضة بعض الأصوات في مجلس النواب التركي لأردوجان ووصفه بالتحيز إلي حركة حماس ومعاداة إسرائيل، لكن أردوجان لم يأبه بالأصوات المعارضة وبقي علي النهج الذي رسمه وهو الوقوف مع الحق ونقد الظلم والتهديد بأن ما تقوم به إسرائيل سيؤثر في العلاقات التركية الإسرائيلية. رجب طيب أردوجان زعيم حزب العدالة والتنمية ينحدر من عائلة فقيرة، وكان والده عنصراً في خفر السواحل في مدينة ريزه علي ساحل تركيا علي البحر الأسود، وكان في الثالثة عشرة من العمر حين قرر والده الانتقال إلي أسطنبول علي أمل ضمان مستقبل أفضل لأطفاله الخمسة، وعمل وهو في سن المراهقة، في بيع الليموناضة وكعك السمسم في شوارع الأحياء التي تتسم بقدر أكبر من القسوة في أسطنبول. وبدأ حياته بالدراسة في مدرسة إسلامية ولعب كرة القدم علي سبيل الاحتراف، إلي أن حاز درجة جامعية في الإدارة من جامعة مرمرة في أسطنبول. خاض حزب العدالة والتنمية الانتخابات التشريعية عام 2002 وفاز بأغلبية ساحقة ولم يستطع أردوجان ترأس حكومته بسبب سجنه وقام بتلك المهمة عبدالله جول، إلا أنه تمكن في مارس عام 2003 من تولي رئاسة الحكومة بعد إسقاط الحكم عنه.