أحمد أبو دوح يكتب: الإخوان المسلمون.. مجانين السلطة أحمد أبو دوح لا يختلف إثنان على أن إنعدام التوافق قد أصبح الثمة المميزة الأن لغالبية القوى السياسية فيما بينها، فى الوقت الذى نجد فيه نوعا أخر من التوافق قد بدأ فى الظهور على السطح، وهو ذلك التوافق الذى يجمع فصيل واحد من بين هذه الفصائل السياسية وهو جماعة الإخوان المسلمين بذراعهم السياسية من جهة، والمجلس العسكرى من جهة أخرى . المنطق يقول أن الإخوان المسلمين سعوا للوصول إلى توافق ما ( والذى يسميه البعض "صفقة" ) مع المجلس العسكرى منذ تنحى الرئيس المخلوع عن الحكم فى فبراير الماضى وهو ما حدث بالفعل عندما أدرك الإخوان المسلمون أن مجاراتهم لسياسات المجلس العسكرى وتقديم العون له فى سحب البساط من تحت أقدام الثوار هو السبيل الوحيد للوصول إلى السلطة التى طالما نظروا إليها طوال سنوات الظلم والقمع ( الذين كانوا أكثر من عانى منهما )على أنها غنيمة هم أحق الناس بها . أما ما يحدث الأن فهو نوع أخر من التوافق..وهو ذلك التوافق الذى ترتكز العقيدة الراسخة لدى التيار السياسى أو الحزب الذى يسعى للوصول إليه على الميكيافيلية الضاربة فى أعماق الضمير الجمعى لصانعى القرار بداخله، وبالتالى يصبح معها الخروج من صف الجماعة الوطنية للإتشاح بعباءة السلطة فى سبيل التخلى عن دماء الشهداء والسكوت على التعذيب المفرط للشباب وهتك أعراض الفتيات وتعريتهن أمر عادى . الإخوان المسلمون ليسوا مرضى نفسيين وليسوا مصابين بعقدة ستكهولم ( التى يتوحد فيها المريض مع سجانه ) كما يدعى البعض أو بغيرها، كما أنهم ليسوامجموعة من الخونة خانوا الثورة والشهداء وضحوا بالبلاد والعباد فى سبيل إرضاء المجلس العسكرى على سبيل المثال، ولكنهم فصيل سياسى يعرف جيدا ما يريد وهو ما يدفعه لتبنى برجماتية فجة تحلق بطموحاته خارج أطر المبادىء والأخلاق.. فعلى الرغم من خلفيتهم الإسلامية وما تحمله من أيدولوجية من المفترض أن تكون مثالية، إلا أنهم عادة ما يفضلون الخروج عن هذا الإطار أيضا إلى حيث تفاعلات الواقع . والحقيقة أن المعادلة السابقة كانت لها بالغ الأثر فى تكوين الطبيعة النفعية للمواقف التى ربما لم تكن معلنة حينها من قبل الإخوان المسلمين تجاه مكونات الحركة الوطنية طوال سنوات حكم المخلوع، إلا أن نجاحهم الأخير فى تحقيق أغلبية مريحة داخل البرلمان قد وضعهم بين المطرقة والسندان.. مطرقة الثوار الذين ينظرون إلى الإخوان على أنهم مجموعة من المتسلقين الذين ركبوا على الثورة وعلى أكتاف الشهداء وبالتالى فهم لا يستحقون أن يحصلوا على أغلبية فى برلمان من المفترض أنه جاء لكى يعبر عن الثورة.. وبين سندان المجلس العسكرى الذى يريد تحويل الثورة ( كما يدركون هم جيدا ) إلى مجرد إحتجاجات شعبية إنتهت بتنفيذ بعض المطالب المحدودة، وهو الطرح الذى ربما لاقى إستحسان قادة الإخوان الكبار لإتساقه بشكل كبير مع التركيبة الأيدولوجية المحافظة التى تهيمن على التيار المتحكم حاليا فى مكتب الإرشاد بصفة خاصة، وفى الهيكل التنظيمى الكبير للجماعة بصفة عامة.. تلك الأيدولوجية التى لا تعترف بأية أفعال راديكالية ولا تؤمن بضرورة إستمرار الثورة لحين تحقيق أهدافها ولا بضرورة إندلاعها من الأساس.. وبالتالى فإن المصلحة العليا ( للإخوان المسلمين ) كما يرونها تقتضى تجنب الدخول فى أية مواجهة صريحة مع المجلس العسكرى فى الوقت الحالى، نتيجة لسيطرة هاجس المحاولات المستمرة لجرهم إلى تكرار سيناريو 1954 مع العسكر أيضا عليهم، على الرغم من تمتعهم بالشرعية هذه المرة من ناحية، وإختلاف الملابسات المحيطة بالثورة من حيث التفاعلات السياسية والمجتمعية التى أدت إلى القيام بها وأيضا من حيث ما إذا كانت الثورة قد تولت مقاليد السلطة أم لا . ولكن هذا لا يتعارض مع قيام الإخوان المسلمون بإلقاء قنابل الدخان بين الحين والأخر كلما إشتدت عليهم ضغوط الثوار وكلما كثر الحديث عن " شرعية الميدان أم شرعية البرلمان ".. فلا مانع مثلا من الإعتذار عن إتهامات البلطجة والتخريب التى وصف بها الثوار من قبل ممثلى الإخوان تحت قبة البرلمان إذا ما تصاعد هتاف الميدان ضد الإخوان، كما أنه من المحتمل اللجوء إلى إطلاق دعاوى إعتزام الإخوان القيام بتشكيل حكومة إئتلافية بدلا من الحكومة الحالية.. إذا أعلن الثوار عزمهم القيام بإضراب عام أو بعصيان مدنى !!