إذا نجح الأستاذ أحمد «حديد» عز في تمرير تعديلات سيادته علي أصل مشروع قانون الآثار الجديد، وأضحي تبديد التراث الوطني و«البزنسة» فيه مشروعة ومباحة، فلن يكون صعبا ولا غريبا بعد ذلك أن يكمل الأخ عز وشركاه جميلهم ومعروفهم وأن يقوموا بسن قوانين أخري من هذا الصنف أقترح أن تبدأ بتشريع يسبغ المشروعية القانونية علي تجارة المخدرات بأنواعها المختلفة، يعني من «الحشيش» وإنت طالع علي «البانجو» و«الأفيون» و«الهيروين» وخلافه. وأظن أن البحوث العلمية في شئون «الكيف» ودراسات القانون المقارن التي سوف يحتاجها رجل الحديد والزرنيخ لكي يمتن ويعمق (كما فعل مع قانون الآثار) الأساس الفقهي لهذا التشريع الجديد سوف تكون أسهل كثيرا لأن اهتمام الإخوة «الصيَّع» الزائد بالحالة «المخدراتية» في دول العالم المختلفة من حيث التأثيم والإباحة وفر قاعدة معلومات علمية صارت الآن شائعة ومتاحة علي الأرصفة أو في أي «غرزة»، إذ بينما الأستاذ الصايع من دول لا يكاد يعرف أين بالضبط تقع دولة هولندا علي خريطة الكرة الأرضية فإنك تجده يحفظ عن ظهر قلب التفاصيل المملة المنصوص عليها في القانون الهولندي الذي يسمح بحيازة وتداول مقادير مقننة من بعض أنواع المخدرات الخفيفة وتعاطيها في أماكن (كافيهات ومقاه) مرخصة لهذا الغرض!! ومن ناحيتي أنا شخصيا أستطيع أن أتبرع للسيد عز وزملائه الموقرين بمعلومات علمية إضافية مفيدة جدا في هذا الباب (باب شرعنة المخدرات)، منها مثلا وجود قوانين وتشريعات مشابهة للتشريع الهولندي في دول أوروبية أخري (إسبانيا والبرتغال) لاتؤثم حيازة كميات «غير تجارية» من العقاقير المخدرة البسيطة، كما أن المحكمة العليا في بلد يدعي الأرجنتين حكمت قبل سنوات قليلة بأنه ليس من حق السلطات اعتقال ومعاقبة شخص بتهمة حمل مقدار صغير من مادة «الماريجوانا» لأن في ذلك اعتداء علي الحريات الشخصية بما في ذلك حرية المواطن في تعاطي هذا النوع من المخدرات!! وقد لا يكون التشريع الجديد المُحلل لتداول وتجارة المخدرات رغم الإقرار بضرورته الاقتصادية للطبقة التي تقود حاليا خطط تنمية وتقدم مجتمعنا نحو الهاوية علي نفس درجة أهمية تشريع آخر أكثر حيوية يبيح ويزيل التأثيم عن عمليات «القتل الرحيم»، نظرا لما تمثله مشكلة زيادة وتضخم أعداد المصريين من عبء ثقيل وخطير يحني كاهل حكامنا ويطيّر النوم من عيونهم الكحيلة، لكن دواعي الحصافة السياسية تفرض التدرج والتمهيد بالآثار والمخدرات قبل الدخول مباشرة علي إبادة السكان وإزهاق أرواحهم بطريقة قانونية مقننة ووفقا لشروط محددة ومعروفة سلفا أهمها وجود دليل معقول علي أن عملية القتل كانت لأسباب تتعلق بتوزيع «ثمار التنمية» علي عدد أقل من السكان، أو أن الباشا القاتل كان مدفوعاً بمشاعر إنسانية نبيلة ورقيقة مثل الرحمة والشفقة علي المواطن المقتول، وفي حالة وجود تشريع ينظم ويقنن هذه العملية علي هذا النحو فإن استمرار هروب ممدوح إسماعيل من حكم الحبس التافه الصادر بحقه وبقائه ياحرام يعاني قسوة النفي والتشرد في العاصمة البريطانية لندن، لا يعود عادلاً ولا منطقياً خصوصا أن الرجل يستطيع أن يثبت بمنتهي السهولة أنه استخدم عبَّارته في قتل مئات المواطنين الفقراء للسببين معا، فهو من جانب أبادهم كمساهمة متواضعة منه في عملية التوزيع الحازق لثمار التنمية، ومن جانب آخر هو قتلهم رحمة بهم وحتي يخلصهم من الحياة والعيش في ظروف أقل ما يقال عنها إنها صعبة وقاسية ومقرفة جدا.. وصباح الفل.