ليس جديداً أن يشرع الأستاذ أحمد «حديد» عز ونواب حزب حكومة سيادته لأنفسهم وأن يفصلوا القوانين علي مقاس مصالحهم و«سبابيبهم» وتجاراتهم في المشروع والممنوع كذلك، لكن الجديد والمثير حقاً هذه الأعراض والاهتمامات الأركيولوجية (الأركيولوجي هو علم الآثار) التي ظهرت فجأة علي رجل «الأسياخ» الوطنية الديمقراطية الصدئة بمناسبة مشروع قانون الآثار الجديد، وقد وصل هذا الاهتمام لدرجة أن الرجل ترك شئون «كرفتاته» العريضة وملياراته العديدة التي دفع عنها العام الماضي ضرائب باهظة بلغت نحو 3 صاغ ونص تقريباً، وتفرغ تماماً للدراسات القانونية الأثرية وعمل أبحاث علمية مهلبية مقارنة بين تشريعات وقوانين التراث والآثار المعمول بها في بلاد الطليان والهنود واليونان وفرنسا والصومال وهاييتي وبلاد تركب «السلعوة»، ونقلها وترجمها جميعاً ومباشرة من لغاتها الأصلية إلي اللغة العربية .. كل هذا الجهد العلمي الشنيع من أجل إثبات حقيقة أن الأرض كروية ومن ثم ف«البزنسة» والتجارة في تراثنا الوطني ونهبه ونزحه من أراضينا أمر مشروع وحلال ولا يأتيه التحريم والتجريم من أي حتة خلقها ربنا في هذه الدنيا الواسعة!! غني عن البيان أن الحاقدين علي النظام عموماً وعلي «كرافتات» الأخ عز وحديده بالذات لم يضيعوا الفرصة واعتبروا أعراض الاهتمام الأثري و«الأركيولوجي» التي داهمت سيادته بغتة كده ليست بريئة أبداً ولا يمكن ردها إلي إصابة مفاجئة بفيروس الرغبة الصادقة في نشر الثقافة التراثية والمتحفية في أوساط طبقة الأغنياء الجدد، بحيث يكون ميسوراً ومتاحاً لهم تزيين قصور مجتمعاتهم العمرانية الجديدة في البحرين الأحمر والأبيض وما بينهما بآثار مصر التي هي أمي وأمك و«أم أحمد» أيضاً!! وقد سمع العبد لله شخصياً من أشخاص ينتمون إلي هذا الفريق الحاقد ما معناه أن الإصرار والنضال العلمي القانوني حامي الوطيس الذي ينخرط فيه السيد عز حالياً من أجل إدخال تعديلات جوهرية علي مسودة قانون الآثار التي أعدتها وزارة الثقافة يشي بأننا أمام مشروع لتأسيس «سبوبة» جديدة بضاعتها تراث البلد وتاريخه، وأنه لا شئ إيجابي في هذا المشروع كله إلا إشارته إلي أن سكان مغارة «سياسات» الأستاذ النجل ربما استكفوا وشبعوا خلاص من ثروات الوطن الجارية وبدأوا يستديرون نحو آثار حضاراته القديمة!! والحقيقة لا مفر من أن أقر وأعترف علناً بأنني كنت ميالاً بل مقتنعاً تماماً بهذا التفسير التآمري لما يجري هذه الأيام في مجلس شارع قصر العيني، غير أن نور الهداية هبط وانسكب فجأة علي عبد الله الفقير عندما كنت أحتشد لكتابة هذه السطور، وقد صرت الآن علي يقين ببراءة أحمد «حديد» عز وصحبه من الهوي والغرض «البزنساوي» وأن النوازع التي تحرك جهادهم وكفاحهم المستميت من أجل إسباغ المشروعية القانونية علي أنشطة بيع وتداول الآثار ما قد يؤدي إلي نزحها وتهريبها بالسلامة إلي خارج الحدود، هي نوازع ودوافع «وطنية ديمقراطية» أصيلة يكفي للتأكد منها أن تتخيل حضرتك أهرامات الجيزة وقد غادرت موقعها البائس الحالي واستقرت متألقة مثلاً في قلب جزيرة «منهاتن» النيويوركية.. ألن تكون ساعتها خير سفير لمصر الجديدة في بلاد العم سام والعم أوباما؟!