إما أن يغادر ليبيا فوراً أو أن يتم عزله في منطقة نائية في الصحراء، تلك كانت هي الخيارات الجديدة التي طرحها الثوار على القذافي في المفاوضات التي بدأت التوصل إلى حل ينهي الحرب من أجل الحرية في ليبيا. التصريحات التي أدلى بها محمود شمام -المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي الليبي- لصحيفة "لوفيجارو" الفرنسية تمثل انقلاباً في موقف الثوار، الذين كانوا يؤكدون مراراً وتكراراً رفضهم أي مفاوضات قبل مغادرة القذافي ليبيا. ولكن شمام أكد أن المجلس الوطني أجرى اتصالات غير مباشرة مع ممثلين عن السلطات الليبية عبر وسطاء عقد خلالها جلسات في جنوب إفريقيا وباريس. شمام أبدى استعداد المجلس للتفاوض مع "أي تكنوقراطي أو مسئول رسمي ليبي، لا تكون يده ملوثة بدماء شعبه، واستعدادهم لضمه في أي حكومة مؤقتة تكون مهمتها تنظيم الانتخابات". أما بالنسبة لمستقبل القذافي وعائلته، فقال "مشاركة الزعيم الليبي وأفراد عائلته في حكومة مستقبلية أمر مستبعد تماماً، وعليه أن يقبل إما بمغادرة البلاد أو البقاء في منطقة نائية ولا نرى ما يمنع من انسحابه إلى واحة في الصحراء تحت رقابة دولية". واشنطن لم تغب عن ليبيا سياسيا، فهناك معلومات استخباراتية أمريكية جديدة تؤكد أن العقيد معمر القذافي "يفكر بجدية" في الهروب من طرابلس للانتقال إلى مكان أكثر أمنا خارج العاصمة، مما يشير إلى أن قبضته المحكمة على السلطة بدأت تزداد ضعفا. وهو ما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية عن مسئول كبير بجهاز الأمن الوطني الأمريكي قوله " إن الاستخبارات تصور القذافي على أنه لم يعد يشعر بالأمان في طرابلس بسبب الضربات الجوية المكثفة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ونظرا للمكاسب التي تحققها قوات الثوار في ميدان المعركة". "لم ننشق عن كتائب القذافي بسبب خوفنا من الموت، ولكن لرفضنا لأعمال القتل التي تمارس بحق أبناء الشعب الليبي"،كانت تلك الكلمات التصريحات الأولى التي أدلى بها 3 ضباط من ال 19 المنشقين لوسائل الإعلام التونسية، ناشدوا خلالها الثوار للإسراع في تنحية القذافي قائلين: "كل يوم يمر سيسقط شهداء جدد، وقد فاق عدد القتلى 15 ألفاً؛ علاوة على سجنه أكثر من 30 ألفاً". وكان وزير الخارجية الليبي السابق عبد الرحمن شلقم قد توقع رحيل القذافي عن الحكم خلال أسابيع، بينما أشار مسؤول في المجلس الوطني الانتقالي إلى مفاوضات غير مباشرة مع القذافي لنفيه إلى مسقط رأسه مقابل تخليه عن السلطة.
