اضطر الزعيم الليبي الذي يحكم ليبيا منذ ما يزيد على أربعة عقود تحت وطأة الضربات الجوية المكثفة من جانب حلف شمال الأطلسي "الناتو" إلى تقليل ظهوره الإعلامي على عكس ما اعتاد عليه أنصاره ومعارضوه معا منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية ضد حكمه في ال17 من فبراير الماضي، ليفسح المجال للعديد من التساؤلات. وغاب القذافي عن الأنظار منذ ليلة 30 أبريل الماضي، حينما قتل نجله سيف العرب وثلاثة أحفاد، في هجوم جوي شنّته مقاتلات الناتو على طرابلس، ما دفع وسائل إعلام غربية ومحلية إلى التساؤل حول مصيره، ليعاود الظهور مجددا في مشاهد بثّها التلفزيون الحكومي الليبي مع من وصفهم بأعيان القبائل الليبية، حيث ظهر في أحد فنادق طرابلس مرتديًا عباءة بنية وقلنسوة سوداء ونظارة شمسية، وهو جالس قرب طاولة مستديرة صغيرة، في محاولة للرد على المشككين في بقائه حيا. ليظهر الزعيم الليبي بعد ذلك عبر صوته فقط، حيث أذاع التليفزيون الرسمي الليبي تسجيلا صوتيا للقذافي قال فيه مخاطبا قوات الناتو بعد تردد أنباء عن احتمال إصابته، "أسكن في مكان لا تستطيعون الوصول إليه وقتلي فيه، أسكن في قلوب الملايين". وهو ما يشير إلى أن القذافي يسارع إلى نفي أي تقارير حول وفاته أو احتفائه لمجرد اثبات أنه على قيد الحياة. ورغم أن الحديث عن استخدام القذافي ل"شبيه" لتضليل أعدائه على طريقة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في تسعينيات القرن الماضي وبداية القرن الجديد، ربما كان سابقا لأوانه، باعتبار أنه لا يواجه حملة عسكرية غربية واسعة النطاق تشمل اجتياحا بريا على سبيل المثال إضافة لتأكيد الناتو في أكثر من مناسبة أنه لا يستهدف شخص القذافي، إلا أن تركيبة العقيد الليبي وشخصيته العنيدة التي يقول محللون إنها تتشابه مع شخصية صدام في جوانب عدة، لا تدعو إلى استبعاد تلك الفرضية والخناق يضيق شيئا فشيئا على العقيد الليبي. ففكرة لجوء العقيد الليبي إلى البحث عن شبيه أو أكثر من شبيه كنوع من التمويه لا يمكن استبعادها عن عقلية القذافي وطريقة تفكيره التي تعتبر تخطت مرحلة الجنون إلى ما هو أبعد من "الجنون". فكرة استخدام القذافي لحيلة من هذا النوع تطرح نفسها بقوة خاصة مع استمرار الجدل والادعاءات بأن الزعيم العراقي لا يزال حيا، على رغم مضي 8 سنوات على إعدامه. فمع حلول الذكرى 74 لميلاده في 28 أبريل الماضي، نشر موقع تحميل مقاطع الفيديو "يوتيوب" تسجيلا صوتيا، منسوبا للزعيم الراحل، يقول فيه إنه مازلا حيًا وأن من تم إعدامه هو شبيهه، وأنه سيبدأ في تطهير العراق من الأمريكان. التسجيل الصوتي المنسوب لصدام مع حسن العلوي وهو كاتب ونائب في البرلمان العراقي يزعم فيه من يقال إنه صدام أن من أعدم هو شبيه له يدعى ميخائيل، وستفتخر به العراق، وأنه لا يستطيع أحد الاقتراب من لحيته! وهو ما يجعل ما ذكرته صحيفة "الديلي تليجراف" البريطانية عن استخدام العقيد الليبي شبكة انفاق سرية تحت الارض في العاصمة طرابلس قابلا للتصديق بكل سهوله، فى الوقت الذى يكثف فيه حلف الشمال الاطلسي "الناتو" جهودة لشن غارات تستهدف القذافي. وكثف الناتو هجماته مؤخرا ضد أهداف عسكرية ليبية في إطار المرحلة الثانية لاستهداف مراكز القيادة الخاصة بالقذافي، كما أعلن الثوار يوم الأربعاء أنهم سيطروا على مدينة مصراته المهمة وسعيهم لمواصلة الزحف باتجاه طرابلس، معقل العقيد الليبي.