الأمر محسوب.. وبدقة متناهية،.. سيصبح أطول نفق فى العالم.. هذا بعد ستة أعوام فقط، أطلقت عليه سويسرا اسم نفق"غوتهارد" ويتم إنشاءه حاليا، ويقطع مسافة قدرها 57 كيلو مترا وبعمق قدره كيلو مترين فى جبال الألب، بدأ الأمر بدراسة الأرض والصخور لمدة خمس سنوات بتكلفة 115 مليون فرنك سويسرى، لتحديد المكان المناسب للحفر، ثم إن كم مخلفات حفر النفق معروف منذ البداية.. سيخرج منها 25 مليون طن صخور يتم استخدامها في بحيرة لوسيرن لإنشاء محمية للطيور، فى حين سيسحق الجزء الجيد من التربة ويُحَول إلى أسمنت مسلح لتبطين النفق، ويختصر النفق مدة السفر بالقطار بين زيورخ حتى ميلانو إلى ساعتين ونصف فقط بدلاً من أربعة ساعات كاملة، كما يسهم فى تقليل عدد الشاحنات التى تزدحم بها الطرق، وتصبح سويسرا عن طريقه أرض منبسطة يسير فوقها قطار.. سيصبح لدينا رئيس منتخب وجديد "لانج".. هذا خلال العام الحالى، ولا نعرف اسمه، سيترشح أكثر من شخص للرئاسة حتى الآن، لكننا لم نر شئ من برامجهم، لا نعرف متى سيحققونها وكيف؟ ومدى أهمية العلم فى برامجهم وإلى أين سيصلون به؟، لم يتحدث مع أى شخص منهم عن خطة زمنية ومشروعات معينة سيتم العمل على إنشاؤها وتحقيقها، ولا أنطلقت دعوات أوحملات منا نحن المواطنين لوضع مطالب معينة تشمل رؤيتنا وتصوراتنا بأٌطر علمية محددة لم نود أن يتحقق خلال الفترة الرئاسية القادمة.. تصورات يضعها أى رئيس قادم فى باله، حتى نعلم بالضبط ما سنحاسبه عليه، فربما تكون البرامج غير مرضية ولا تحقق آمالنا.
هل يبدو الأمر غير مهم بالنسبة لك؟ ربما؛ لكن المعلومات التى نشرتها "ناشيونال جيوجرافيك" عن نفق "غوتهارد" لم تفزعنى أهميتها، بل دقة وكيفية التخطيط لمشروع يخدم البلد لسنوات طويلة، وكيفية استخدام كل شئ سيخلفه الحفر من جبال الألب، فى مشاريع أخرى لا تقل أهمية عن المشروع الأصلى وهو "نفق غوتهارد"، وأن ساعة ونصف هى الفرق بين قطع الطريق قبل إنشاء النفق وبعده فى 2017 لها هذا القدر من الأهمية فى سويسرا، وبتكلفة قدرها 10 مليارات دولار، ولا أعرف لماذا ربطت بين مرشحى الرئاسة فى مصر، وبين نفق "غوتهارد"؟ بين طرق تفكير مهندسي الطرق هناك وما يحدث من السلفيين والإخوان ومرشحي رئاسة مصر هنا.. هل كل هذا ليس له علاقة بالنفق؟! ليست عقدة الخواجة والله، لكن التفكير فى أن يصبح لنا رئيس يفكر بطريقة علمية تماما فى كل شئ، ولديه منهج يسير عليه، ويقيم الأمور كلها به، والتفكير أن يٌخضع كل المشروعات حتى السياسة منها لهذا المنهج المحسوب، وتفكيرنا نحن كمواطنين أيضا فى كيفية الإستفادة من كل مرشح سواء أصبح رئيسا أم لم نختاره، بدلاً من ضربهم بالطوب فى المقطم، هو ما يشغل البال فعلاً، أن نخطط تماما وبشكل عملى لكل شئ سنقوم به. لن نطلب طبعا من الرئيس الجديد أن ينشأ طرقاً أو إنفاقاً ك "غوتهارد" لأن مبارك ولله الحمد ملأ بالبلد بالكبارى، وكان يذهب لإفتتاحها بنفسه، ليأتى مٌنظر المرور فى عصره العقيد أحمد عاصم ويؤكد أنها كبارى تحل "وسط البلد"! مثلا نريد رئيساً يفكر فى أن يصدر الغاز لإسرائيل لكن بأسعاره العالمية، ويربطه بطلبات بشروط أخري كأن يتوقف التصدير فى أى وقت إذا ما فعلت إسرئيل شئ ما فى فلسطين أو على حدودنا.. إتفاقية تعتبرها إسرائيل خط مستقيم لو حادت عنه ملم تضع فى رأسها أن رئيس مصر لن يسكت وهيخلى أيامهم "سودة". تفكير علمى يقود الرئيس لجعلنا نلقى القمامة فى الصناديق خوفاً من الغرامة وصولاً لإلقائها بعد ذلك تعوداً أو لأن الواجب كذلك.. يصل "غوتهارد" بين منطقين متباينتين فعند مدخله فى الشمال يتحدث سكان إير ستفلد الألمانية فى جو ممطر، فى الوقت الذى يتحدث فيه سكان بوديو عند الخروج من النفق فى الجنوب الإيطالية فى جو مشمس تماماً".. لا يفكر السلفيون بهذا الطريقة فقط يعتبرون أن ذهابنا يوم الإستفتاء للتصويت وقول نعم أو لا "غزوة للصناديق"، رغم أننا لم نرى أى سيف أو حتى خنجر لعبة فى اللجان!، هل لو قدر للسلفيون حكم مصر سيفكرون فى أى مشروع بالعِلم؟ أم أنهم سيعتبرونه غزوة ومن الجائز أن يهزموا فيها، ف"غوتهارد" لا تعمل فيه سيدات لصعوبة العمل بالنسبة لهن وسط الصخور، ولو يتحملن السيدات الطقس والمكان كان سيتم بالطبع الإستعانة بهم، أما السلفيين فكل ما يشغلهم أن بنتاً "تغطى شعرها وتعرى جسدها"رغم أنها لو تعرت تماماً فلن ننظر إليها، وإذا نظرنا "يبقى ربنا يحاسبنا"، والإخوان أيضاً منهجهم فقط فى السعى لمصالح كجماعة وليس الوطن ككل، ولذلك اعتبروا نعم تُدخل الجنة ولا تنتصر للمسيحيين، والجماعة الإسلامية كل تركيزها فى عقد مؤتمر وحشد أكبر قدر ممكن من الحضور له حتى لو كان شارع فيصل "زحمة"، والبسطويسى يعرف أن الأصوات التى ستختاره لن تكون كبيرة، ويرفض فى نفس الوقت ان يتحد مع مرشح آخر من أجل المصلحة العامة، وعمرو موسى والبرادعى يتحدثون عن أحلام قد لا تزيد عن هذا، وصباحى وغيره، كل هذا ليس له علاقة ب"النفق" بالفعل..لكنها الأقدار التى تجعل "غوتهارد" فى مواجهتهم! وفعلا الأمر محسوب وبدقة متناهية ولا يتعدى الأسئلة فهل من إجابة.!