حبيب: خطاب الأقباط تغير منذ أحداث الكشح الأولي لكن من الصعب خروجهم في مظاهرات «سياسية» قريبًا حبيب العادلي يا مبارك ساكت ليه.. إنت معاهم ولا إيه».. هكذا هتف ما يزيد علي ثلاثة آلاف قبطي في فناء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية احتجاجًا علي أحداث نجع حمادي التي أودت بحياة سبعة مواطنين مصريين بينهم ستة أقباط عقب خروجهم من صلاة قداس العيد ليلة عيد الميلاد الأخير. كانت هتافات الثائرين قد تضمنت أيضًا هتافات تحث رجال الكنيسة علي عدم الرضوخ للصلح منها أنبا كيرلس أوعي تلين.. صلح تاني مش عايزين» وقالوها صريحة رافضين إتمام صلح عرفي دون تطبيق القانون، وحمل المتظاهرون الأحداث لمسئولي الأمن وهم يطالبون بإقالة اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية ومدير أمن قنا ومحافظ قنا اللواء مجدي أيوب الذي يعد المحافظ القبطي الوحيد بين 29 محافظًا مصريًا. وتلك المطالب أيضًا طالب بها ما يزيد علي ثلاث مائة ناشط وسياسي أغلبهم من الأقباط أمام دار القضاء العالي. هكذا تحولت نبرة الخطاب بين الأقباط والدولة من جانب وبين الأقباط والكنيسة من جانب آخر، وأضحي الأقباط يرفعون أصواتهم بدلاً من خضوعهم وانتظارهم رجال الكنيسة للتحدث باسمهم لكن هل ستستمر تلك النبرة خاصة بعد ما أعلنه سابقًا البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بتأييد جمال مبارك كمرشح للرئاسة في الانتخابات القادمة عام 2011، أم ستكون مجرد زوبعة في فنجان بسبب أحداث عارضة. الدكتور رفيق حبيب الباحث القبطي قال إن هناك علاقات ملتبسة بين النظام الحاكم والكنيسة وبالتالي بين النظام الحاكم والأقباط حيث نجد تأييدًا للنظام الحاكم بوصفه حاميًا للأقباط، وفي الوقت نفسه إدانة له لتفريطه في حقوق الأقباط أو لأنه لم يحاول حل مشكلاتهم. وأضاف حبيب أن هذه العلاقة واضحة بين الدولة والكنيسة حيث نجد تأييدًا من الكنيسة للدولة في مرات ونقد في مرات أخري، هذا بخلاف بعض الرؤي حول بقاء النظام الحاكم أفضل للأقباط رغم أنه لم يقم بأي دور إيجابي تجاه ما يعانيه الأقباط، ومن هنا يحدث التذبذب في المواقف وحيرة للكنيسة ولقطاع من الأقباط لأنهم انحازوا لتأييد الوضع القائم رغم أنه لا ينصفهم. وأرجع حبيب التأييد القبطي والكنسي للنظام الحالي بسبب الخوف من أي تغيير ورؤية البعض للوضع القائم بأنه أفضل من التغيير إلي وضع غير معروف ولذلك فإن الأقباط والكنيسة يعلنون تأييدهم للنظام الحاكم الحالي رغم كونه غير مكترث بمشكلاتهم، وهذا يفسر التناقض بين فترات التأييد والرفض للنظام، وأضاف الباحث القبطي أن لهجة الخطاب بدأت تتغير بين الأقباط والنظام منذ أحداث الكشح الأولي والثانية وبالطبع ساعدت موجة مظاهرات 2005 علي تكريس أسلوب التظاهر والاحتجاج عما سبق، إضافة إلي تغيير شكل الإعلام وزيادة مساحة تغطية الأخبار وهو ما شجع كل طرف علي التعبير عن شكواه ورأيه بجرأة، ولذلك فإن تظاهرات الأقباط سوف تستمر في الفترة القادمة. وحول إمكانية خروج الأقباط في مظاهرات احتجاجية علي الوضع السياسي الحالي في مصر قال حبيب: إن تلك المرحلة لم تأت بعد رغم أنها الطريق الصحيح لحل مشكلات الأقباط، مضيفًا أن من يتصور إمكانية حل مشكلات الأقباط بمعزل من مشكلات المجتمع فهو وهم لأنه أمر مستبعد، فالنظام السياسي عندما يكون غير عادل ويسبب مظالم كثيرة في المجتمع فإنه لا يحدث إصلاحًا وعليه فإن علي الأقباط أن يهتموا بالنشاط السياسي والمدني لأن قضاياهم لن تجد حلاً إذا استمروا في نشاطهم من خلال الكنيسة. وقال حبيب يجب حل مشكلات الأقباط في الفضاء العام ضمن بقية مشكلات المجتمع التي يعاني منها المسيحيون والمسلمون معاً.. الأقباط لن يدركوا بعد أن قضيتهم هي تراجع النشاط السياسي والمدني وانتشار المظالم علي حد قول حبيب. وعلي النقيض رأي القس رفعت فكري - سكرتير ثان سنودس النيل الإنجيلي - أن الخطاب الرسمي للكنيسة لم يتغير بعد وإن سألت الباب شنودة عن رأيه في جمال مبارك أو سياسة الرئيس مبارك سيقول أؤيد جمال مبارك وسياسة الرئيس، وأضاف فكري أن خطاب الشارع القبطي تجاه الكنيسة والدولة هو لم تغير لأنه لم يكن هناك إدانة واضحة محدد من البابا شنودة أو الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي لأحداث نجع حمادي، وأضاف كذلك أن موقف القنوات المسيحية CTV وأغابي كان أيضاً هزيلاً جداً فقد بث زيارات المسئولين للبابا شنودة الذين أتوا لمعايدته وتهنئته بالعيد بثًا مباشرًا في الوقت الذي كانت نجع حمادي تشتعل وتتشح بالسواد لفقدان أبنائها، وأضاف فكري قبل أن تلوم مبارك والحكومة يجب أن تلوم الكنيسة نفسها أولاً، فالشعب القبطي يجب أن يتحرر ويناضل سلمياً وينضم للأحزاب، وأقول للأقباط آخر شيء تفكرون فيه أن تنتظروا الكنيسة لتدافع عنكم لأن الكنيسة قامت بتهوين مخل للأحداث، وحول إمكانية خروج الأقباط للتظاهر احتجاجاً علي الأوضاع السياسية في مصر، قال القس رفعت فكري: أتوقع أن يحدث ذلك في المراحل المقبلة، حقًا التظاهر مكفول للجميع لكنني أحذر من أعمال العنف وعلي الأقباط أن ينظروا للكنيسة علي أنها مكان صلاة فقط. من جانبه وصف كمال زاخر مؤسس جبهة العلمانيين الأقباط تحول الأقباط من الانسياق وراء البابا شنودة في تأييده لجمال مبارك وأبيه الرئيس مبارك إلي الهتاف ضد مبارك في فناء الكاتدرائية أنه اكتشاف بأن الكنيسة لا تصلح للتعبير عن الأقباط سياسياً، وقال زاخر إن الأقباط رفضوا كل ما يصدر عن الكنيسة باعتبارها وكيلاً عاماً للأقباط، مضيفاً أن الأقباط بذلك قاموا بسحب التوكيل الافتراضي للكنيسة، علي أن يقتصر دورها علي القيام بواجباتها الروحية لا أكثر وهذا ما ناديت به في كل مؤتمراتنا منذ عام 2006 وحتي 2009، وذلك لأن الكنيسة لا تمتلك أدوات التعامل مع السياسة ولأن التعاطي مع السياسة يتعارض مع منظومات القيم التي تحكم الكنيسة ومن هنا يمكن أن تفسر تضارب أقوال ومواقف الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي، وأيضاً الصمت الطويل للبابا ورفضه إعلان موقفه صراحة تجاه أحداث نجع حمادي وذلك بسبب التوازنات السياسية التي وضع البابا نفسه فيها وما قام به الأقباط ليس موقفاً من الرئيس مبارك بقدر كونه سحبًا للتوكيل الافتراضي الذي منحوه للكنيسة، وأنهي زاخر كلامه بأن اكتشاف غياب الدور الحقيقي المشارك من الأقباط ومجهودات أطراف عديدة أدت إلي اختزال الأقباط في الكنيسة، مما أضر بالجميع الأقباط والكنيسة والشارع السياسي.