.. كالسفينة المتعبة أعود - دائمًا - للإسكندرية لأريح جبيني علي قبر أمي، وبحر الثغر يغسل قلبي وعقلي من عناء سفر طويل لا يتوقف شمالاً وجنوبًا، شرقًا وغربًا.. .. في الإسكندرية تتغير جغرافية جسدي، فتصبح كريات دمي زرقاء بزرقة بحرها وأبجديتي صافية بصفاء أجواء الإسكندرية وحماس أهلها .. .. عندما أسير في شوارع الإسكندرية، أشعر بأني أمتطي صهوة سحابة من البشْر لا تنقطع، ولا تتبدد، أشعر بأني أتواصل مع حبل مشيمتي الذي انقطع بالإسكندرية منذ 45 عامًا!! .. صليت العيد في ميدان الساعة، بمنطقة فيكتوريا، وسط بحر من البشر، أمواج ملونة بألوان مشاعر الغضب والأشواق الجارفة للتغيير المنتظر .. الكل يسأل ويجيب «لسه في أمل »؟! .. هذه العبارة المتكررة آلاف المرات سمعتها من آلاف البشر في المنياوالإسكندرية في جولاتي ولقاءاتي هذا الأسبوع وآخرها عقب صلاة العيد .. الكل يسأل بحرقة «لسه في أمل»؟. .. يبدو أن هذه العبارة تعويذة!! ودواء!! وشفرة سرية!! تنتشر من العريش شرقًا إلي مطروح غربًا، من عروس البحر شمالاً إلي عروس الصعيد المنيا إلي النوبة جنوبًا.. .. في المنيا قضينا ليلة وقفة العيد، في حملة رائعة لطرق أبواب عروس الصعيد، وسط زخم من المشاعر المتدفقة من أبناء وشباب المنيا، الذين خرجوا لاستقبالنا في رسالة بالغة الوضوح، ردًا علي حملة جمال مبارك التي استفزت مشاعر أبناء المنيا، وحملتهم للإلحاح علي إتمام زيارة مؤجلة لي!! للتأكيد أن المنيا أكبر من تلك الصورة التي يحاول البعض أن يختزلها فيها عبر الحملة الحكومية الموجهة لدعم جمال!! .. ليلة العيد أيضاً اندلعت في بور سعيد حملة كبيرة ترد علي حملة جمال مبارك، وفي اطار حملة «مصر كبيرة عليك»!! التي قادها شباب الغد في العديد من المحافظات والأقاليم والتي ما زالت تنتشر في تعقب ناجح لحملة جمال مبارك!! ..لا أعرف هي الصدفة أم التوافق أن حملة شباب بور سعيد قامت بتوزيع ملصق ووضعه في كل أرجاء المدينة يحمل عبارة «لسه في أمل»!! وتحت هذه العبارة الموحية وضعوا عبارة أخري هي «التغيير حلم كل جيل»!! .. في الإسكندرية أيضًا روي لي أبنائي الأعزاء شباب حزب الغد بالإسكندرية تفاصيل ما حدث ليلة وقفة عيد الفطر في منطقة «بئر مسعود» في كورنيش «ميامي»، حيث حرقت لافتات تأييد جمال مبارك التي وضعتها حملة تسمي نفسها «ثورة شعب وانتفاضة حب»!! .. شباب الغد بالإسكندرية، الذي أكد لي أنه لم يتورط في حرق لافتات أي مرشح - حتي لو كان جمال مبارك - نقل لي تفاصيل مدهشة عندما حاولوا وضع صور ولافتات حملتنا إلي جوار صور جمال، حيث اكتشفوا أن عددًا من البلطجية المسلحين بالسيوف والسنج كادوا يجهزون عليهم عندما اقتربوا من مكان لافتات جمال!! ..المدهش أن أحد قادة الأمن بالإسكندرية قال للشباب عندما حاولوا الإبلاغ عن هذه البلطجة إن الشرطة في خدمة حملة جمال وستحمي من يحميها حتي ولو كانوا هم هؤلاء البلطجية!! .. كل هذه الصور السلبية تؤكد ولا تنفي أنه لسه في أمل، فالذين حرقوا لافتات جمال وصوره أو مزقوها في مختلف محافظات مصر هم ليسوا شباب الغد، أو الجمعية الوطنية أو الإخوان، بل هم الناس التي تشعر بأن استمرار مبارك الابن هو أكبر عدوان علي أشواق الناس المشروعة في الأمل والتغيير الحقيقي .. .. كل يوم يرتكب فيه النظام حماقات جديدة علي غرار اعتقال الشاب السكندري عمرو صلاح فجر الخميس الماضي، وأحمد عيد فجر أمس الأول- الجمعة- والدكتور وليد شوقي ظهرأمس الأول- الجمعة- وغيرهم من شباب حركة التغيير، يؤكد للجميع وبالدليل العملي، أنه بالفعل «لسه في أمل»!! .. مصادفة غريبة أنني عندما خرجت من الاجتماع الأخير مع الدكتور البرادعي بعد عودتي من المنيا وقبل سفري للإسكندرية، لم أجد ما أقوله لهم سوي.. «لسه في أمل»