يوم الثلاثاء الماضي تناول الأستاذ النجل جمال مبارك إفطاراً رمضانياً شهياً في «محلة مرحوم» بالغربية ثم بعد أن غسل يديه الكريمتين توعد المواطنين الفلاحين «بأخبار سارة» سوف تداهمهم إن شاء الله بعد انتخابات مجلس الشعب المزورة المقبلة !! وأناشدك عزيزي القارئ وأرجوك رجاء حاراً أن تتكرم حضرتك وتتفضل وتضع بجوار أقرب حائط ذلك السؤال الممل المزمن عن صفة الأستاذ المذكور التي بمقتضاها «يعد ويتوعد» ويبرطع في قري وبلدات مصر الفقرية والأشد فقراً مجرجراً خلفه دائماً نصف دستة أشرار.. عفواً، أقصد نصف دستة وزراء ومسئولين رسميين كبار. هل قبلت رجائي واستجبت لمناشدتي؟.. ألف شكر، والآن تعال إلي حيث المتعة العقلية وهيا بنا نلعب كلنا ونخمن ونسأل أنفسنا عما تكون ياتري هذه «الأخبار السارة» التي يدخرها الأستاذ النجل للأساتذة الفلاحين لكي يفاجئهم بها بعد وصول الحصانة البرلمانية بالسلامة للهاربين من وجه العدالة؟.. وليكن هذا السؤال هو آخر فوازير رمضان أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات والمزيد من المسلسلات والتليفزيونات وتسونامي برامج البذاءات والتفاهات والهيافات. ومن فرط رقة قلبي، سوف تقرأ حالاً احتمالين اثنين اجتهدت اجتهاداً شديداً حتي توصلت إليهما، وسأترك لك اختيار أكثرهما معقولية وأبلغهما تعبيراً من وجهة نظر سيادتك عن حقيقة ما يضمره السيد مبارك الابن للمصريين عموماً وجنس الفلاحين بالذات: الاحتمال الأول: أن سيادته سيعمل علي نقل ملكيتنا جميعاً (فلاحين وأشياء أخري) نقلاً رسمياً من ذمة والده الرئيس إلي الذمة المالية لجنابه في أقرب فرصة سعيدة ممكنة. والاحتمال الثاني: أن النجل سيزيد في المرحلة المقبلة من نشاطه ويضاعف جهده وجهاده وسيعمل هو وزملاؤه المليارديرات علي إنتاج المزيد من «السياسات» التي من شأنها أن تقرب يوم حصول الفلاحين والعمال والعاطلين وخلافه علي الراحة الأبدية والذهاب للآخرة بسرعة أكتر من كده. وبمناسبة الآخرة، واستثماراً للمساحة المتبقية، دعني أهديك فزورة ثانية (بسعر الأولي) استوحيتها من خبر قيام الدكتور الملياردير وزير الصحة أمس الأول برد مبلغ 350 ألف دولار (حوالي 2 مليون جنيه) قيمة مصاريف علاج السيدة حرمه في الخارج علي حساب ونفقة السيدة مصر (!!) والسؤال في هذه الفزورة ليس سؤالاً واحداً وإنما ثلاثة، أولها: ما مصير المبلغ الذي أعاده الوزير لمصر؟ والثاني عن مصير باقي الملايين التي اختلسها وزراء آخرون من مصر بحجة علاج أنفسهم علي قفا حضرتها، والثالث ما مصير حضرتها أي السيدة مصر؟! والحقيقة أنني احترت ولم أستطع كما في الفزورة الأولي الوصول إلي تخمينات واضحة، لهذا سأترك لك أنت الإجابة ب«نعم» أو «لا» علي الاحتمالات الثلاثة الآتية: أولاً: ستقوم السيدة مصر بإعادة المبلغ الذي رده إليها الدكتور وزير الصحة، وسوف تعاتبه عتاباً ينضح بالرقة والتأثر الشديدين قائلة لسيادته: عيب قوي كده يادكتور.. إحنا أخوات ياراجل، ده أقل واجب. ثانياً: هذا المشهد «الهندي» سيجعل الوزراء الباقين يجهشون بالبكاء ويتراجعون عن رد ما أخذوه من مصر. ثالثاً: أما مصر نفسها فسوف تموت (غالباً) في نهاية الفيلم بعد أن تبلغ أولادها جميعاً وهي علي سرير المرض العضال بالمفاجأة الكبري، فهي ليست مامتهم كما عاشوا يظنون لكنها مجرد سيدة طيبة القلب عثرت عليهم وهم صغيرين علي باب جامع وقامت بتربيتهم وعاملتهم زي ولادها بالضبط.