بشرنا الأستاذ جمال مبارك في تصريحات نقلتها الصحف عنه قبل أيام بأن حزب حكومة والد سيادته يضع مشكوراً «محاربة الفساد واحترام حقوق الإنسان ضمن أولويات البرنامج الانتخابي الجاري إعداده حاليا» تمهيدا لدخول الحزب معركة انتخابات مجلس الشعب المزورة المقبلة!! وأناشدك عزيزي القارئ أن تضرب صفحاً عن علامتي التعجب السابقتين وتعتبرهما من فضلك خطأ مطبعيا مقصودا أعاهدك أمام الله والتاريخ أن يتكرر كما تكررت أخطاء أخري زينت أو «هببت» أحيانا كثيرة سطور هذه الزاوية، فالواقع أنه لا شيء فعلا في التصريح المذكور يدعو إلي التعبير عن العجب بعلامتين فقط، كما أن باقي تصريحات الأستاذ النجل فيها من التوضيحات والبشارات والمعلومات ما يزيد عدد عجائب الدنيا السبع المشهورة إلي 77 ربيعاً علي الأقل .. يعني سيادته أوضح مثلا، أن موقف حزب حكومة الوالد من حكايتي «الفساد والإنسان» ليس جديدا وإنما قديم جدا قوي خالص ويعود إلي ما سماه معاليه «إيمان الحزب بهذه المبادئ» من زمان بدليل سكناها وإقامتها الدائمة ضمن قائمة «مبادئه الأساسية» المحفوظة في مكان مجهول لئلا يسرقها أو يختلسها أحد ويفككها ثم يعجنها في بعضها ويصنع منها ساندويتشات «حواوشي» حزبي لذيذة. غير أن معالي السيد النجل والي «السياسات» ونجم «الوراثات» اللامع، لم يشأ أن يعتمد فحسب علي هذه الادعاءات والتوضيحات دون أن يدعمها بمعلومات وأدلة حسية، لهذا قال سيادته في «الفساد» قولا جميلا، مؤكدا أن محاربته «ليست شعارا يتم ترديده بين حين وآخر، لكنه جزء أساسي من مبادئ الحزب (تاني) وسياساته، والحزب سيستمر في جهوده في هذا الشأن». والحقيقة أن «جهوده في هذا الشأن» واضحة جلية يستطيع الأعمي في عين أهله رؤيتها جلية واضحة أينما نظر حوله في أرجاء المجتمع والدولة، صحيح أن الثروة الحرام اتجوزت سلطة الحكم العائلي السعيد زواجا كاثوليكيا لا يعرف خلعا ولا فصاما لدرجة اختراع مبدأ استوزار السماسرة وأصحاب السبابيب؛ كلُُّ في الوزارة التي تناسب مقاس «سبوبته» هو وأولاد خالته، إلا أن القاصي والداني يعرف أن هذا الزواج تم بالليل والدنيا ضلمة، وبينما كان الحزب في السينما بيتفرج علي فيلم «نصف دستة أشرار». أما حكاية احترام الأخ الحزب للأخ «الإنسان» وحقوقه فحكايتها كما يؤكد المرحوم فريد الأطرش حكاية طويلة جدا لم تبدأ بحرق المواطنين الفقراء بجاز في مراكز الشرطة ولا انتهت بتسليط «اللفافات» عليهم لخنقهم، غير أن مبارك الابن اختصرها في تصريحاته آنفة الذكر بقوله إن هذه الحكاية بالذات «لها مكان بارز ضمن سياسات الحزب العامة (لا الخاصة) ومن ثم فالحزب لايقبل أي انتهاك لحقوق المواطنين التي كفلها الدستور والقانون»، وأضاف أن «الحزب يؤمن بضرورة أن تأخذ العدالة مجراها وفقا للقواعد والأسس التي نص عليها القانون في كل قضايا انتهاك حقوق الإنسان»، وأعطي سيادته مثلا علي هذا «الإيمان» وكيف جرت ترجمته علي أرض الواقع، بما جري مؤخرا فوق أرض مدينة الإسكندرية (التي لم يتم توزيعها بعد علي أولاد الخالة) عندما قام عدد (2) مخبر بقتل الشاب خالد سعيد علناً وبوحشية مرعبة، فتحركت الست عدالة بسرعة و«أخذت مجراها» فورا، لكنها لما وصلت لنهاية «المجري» بالسلامة قالت للحزب في ودنه إن الشاب السكندري مات ب«اللفافة» وليس بالتعذيب، فقال لها سيادته: طب ما أنا عارف من الأول!!