ياعبد الله.. السلام عليكم.. ما اسمك يا ابني في الدنيا وما اسم أمك؟ لم ينطق عبد الله ببنت شفة وإنما فقط ندت عنه أصوات مرتبكة ومتلعثمة ومبهمة وبدا وكأنه لم يفهم السؤال أصلا، مما أغري واحدًا من حشد الملائكة الذين كانوا في هذه اللحظة يتحلقون حوله بالتعليق قائلاً: يظهر أنه فعلا غبي.. واضح أن القيادة عارفاه كويس وكان عندها حق لما كلفتنا إحنا العشرة بالمهمة.. ده من أولها كده مش عارف يقول حتي اسمه ولا اسم أمه.. ضج الجميع بالضحك لكنهم سرعان ما بلعوا قهقهاتهم بعدما أشار كبيرهم إشارة ذات مغزي قبل أن يهتف بوقار وحسم : يا إخوان.. لا داعي للهزر في مقام الجد، لدينا عمل لابد أن ننجزه، وأرجو أن أكون واضحًا.. لن أسمح بأي استخفاف أو تريقة علي عبد الله المسئول هذا... هيا فليقم أحدكم بشرح السؤال الذي تلوته عليه حالاً، وأنا من جانبي سأجتهد إن شاء الله في البحث عن صياغات أكثر سهولة للأسئلة الباقية.. سكت الرئيس وعلي الفور انبري ملاك متحمس وأخذ يخاطب الرجل الخاضع للحساب برقة وود شديدين قائلا له: الريس بيسألك يا عبد الله عن اسمك واسم الست أمك.. يعني بالبلدي كده، لما كان حد بينادي عليك أو علي الحاجة، كان بيقول إيه؟! يا أستاذ ما حدش يجرؤ يناديني.. أنا بس اللي بنادي والكل بيقولوا لي: نعم سيادتك.. حاضر سيادتك، وكده.. لكن كلمة «سيادتك» ليست اسمًا دي غالبًا «فعل».. فعل نفاق، إحنا بنسألك ياعبد الله عن اسمك وكنيتك.. تعرف تقول ولا ما تعرفش؟! طيب وهوه عبد الله اللي إنت قلته دلوقتي ده حالا ما ينفعش؟.. يا سيدي اعتبرني عبد الله وخلصني.. يا ابني كلنا عبيد الله، بس إنت ماكانش اسمك عبد الله، باكرر.. تعرف تقول اسمك اللي الناس كانوا بينادوك بيه في الحياة الدنيا ولا لأ..؟! في الدنيا..؟! أمال إحنا فين دلوقتي؟!! في الحياة الآخرة.. ودي تطلع إيه؟.. مستشفي؟! لا يا ابني مش مستشفي، أنت الآن في دار الحق.. آآآه.. تقصد المصحة بتاعت ألمانيا.. وأنتم إيه بقي؟ دكاترة ألمان؟! يا عبد الله نحن الملائكة المكلفون باستقبالك وسؤال روحك، مجرد أسئلة مبدئية كده ثم باقي الحساب بعدين إن شاء الله.. حساب..؟! وأنا مالي ومال الحساب.. الموضوع ده تشوفوه مع حد من بتوع المراسم، أو أي نطع من الوزراء بتوعي.. عيب تكلموني أنا في حساب وفلوس وكلام فارغ من ده.. يابني إحنا مش في «كافيتريا» ولا «ريستوران».. ولا بنسألك عن فاتورة حساب بالفلوس.. أمال عايزين تاخدوا حسابكم بإيه؟ بالدهب؟! يا عبد الله إحنا مش عايزين منك أي حاجة، ولا أساسًا إنت هنا بتملك أو معاك أي شيء.. لازم تفهم إنك تركت حطام الدنيا ومتاعها خلفك وإنت دلوقتي زي ما قلتلك في دار الحق.. ما هو أنا برضه قلت لسيادتك إني مش فاهم حكاية «دار الحق» دي يعني إيه؟ قلت لك مستشفي، قلت لأ.. مصحة، برضه لأ...!! يابني إنت عمرك ما سمعت عن «آخرة» أو «حق»، أو أي حاجة زي كده؟! لا طبعا سمعت.. بس ده كلام المعارضة والقلة المندسة، ودول ناس ما بتحبش البلد ومجرد عملاء لكوريا الشمالية والقوي الخارجية اللي حاطة نقرها من نقرنا ومش عايزة يبقي عندنا استقرار ولا استمرار ومستهدفانا دايمًا ما تعرفش ليه.. طيب.. عمرك ما سمعت عن حاجة اسمها «موت»؟ أعوذ بالله.. سمعت طبعا.. عال.. أهو إنت بقي دلوقتي «ميت»، واحنا الملائكة المكلفين بإجراء الاستجواب المبدئي لروح حضرتك.. فهمت؟! أنا ميت..؟! ميت إزاي يعني؟!! زي الناس.. يعني إيه زي الناس.. مين الناس اللي زي دول؟! إوعي تكون بتتكلم جد؟! يابني وأنا فاضي أهرج معاك.. إنت انتقلت فعلا من الحياة الدنيا الفانية إلي الحياة الآخرة التي هي أبقي.. أبقي... آه يا أمريكان ياولاد ال (كذا)، كده إدتوني «صابونة» وسفرتوني علي فوق.. خلاص كده، خلصت حاجتي من جارتي ومع السلامة كل سنة وانت طيب ياخواجة؟! (.. انتهت المساحة ونكمل باقي الحوار بكره)