ملخص ما تيسر نشره أمس : الملائكة العشرة الذين كلفوا جميعا علي غير العادة بإجراء حساب مبدئي سريع لروح أحدهم، أنفقوا وقتا طويلا في محاولة إنطاق هذا المرحوم باسمه واسم أمه في الدنيا، لكنه بدا لا يفهم السؤال أساسًا ثم تبين أنه لا يعرف أيضا سوي أن الناس كانوا يخاطبونه بكلمة «سيادتك»، كما عجز الرجل عن إدراك حقيقة موته ولم يستوعب بسهولة أنه غادر الحياة الدنيا إلي الآخرة ودار الحق وظنهما «مستشفي» أو «مصحة» في ألمانيا، وتعامل مع لفظة «الحساب» أصلا علي أنها حساب مالي عن «مشاريب» تناولها في «كافيتريا»، ولما اقتنع أخيرًا بوفاته أبدي دهشة وصدمة عظيمتين وأنحي باللائمة فورًا علي الأمريكيين الذين علي ما يبدو أقنعوه بأنهم يضمنون خلوده وبقاءه في الدنيا للأبد، وهو ما اضطر كبير الملائكة للتعليق قائلا : يابني يا عبد الله، افهم واعلم أن لا أمريكا ولا غيرها كانوا ح يعملوا لك حاجة فليس بمقدور أحد في الدنيا أن يمد عمرك المقدر ولا ثانية واحدة .. ألم تسمع يابني أن لكل أجل كتاباً ؟ لقد حل أجلك في موعده ونَفَذ أمر الله وها قد عادت روحك إلي بارئها .. وأرجوك بقي ركز معايا شوية .. إحنا ح نضرب صفحًا عن اسمك اللي إنت مش عارفه ده و... يعني أيه «صفحا» ؟! ح تضربني صفحًا إزاي سيادتك؟ هو أنا عملت حاجة؟! يابني إنت مستعجل ليه .. لسه مافيش ضرب ولا حد جاب سيرة الضرب أصلا، وعالعموم إذا كانت «صفحًا» دي عملتلك مشكلة .. بلاش منها خالص.. أنا كنت بأقصد أقولك إنه مش ضروري تنطق اسمك أو اسم أمك مادمت مش عارف، بس لوسمحت ممكن تقولنا : شغلتك كانت إيه في الدنيا؟! حضرتك بتسأل عن شغلتي أنا ؟! أيوه شغلتك إنت ...! اسمح لي سيادتك أسألك أنا : هو انتم ماعندكوش في دار الحق بتاعتكم دي جرايد قومية ولا تليفزيونات حكومية خاصة وعامة وحاجات من دي ؟! لأ .. ماعندناش يا عبد الله.. ولا «إنترنت»..؟ لا يابني .. ولا إنترنت .. ممكن بقي تجاوب وتقول كانت شغلتك إيه في الدنيا ؟ شغلتي !! .. شغلتي حاكم طبعا.. ياعبد الله، كنت حاكمًا .. دلوقتي عدت عبدًا ضعيفًا كما كل عباد الله .. ما علينا، سؤالي : قبل ما تبقي حاكم كنت بتشتغل إيه ؟ حاكم برضه ... يابني قول كلام معقول .. يعني بذمتك إنت اتولدت من بطن أمك حاكماً ؟! حسب المسجل أمامي في ملفك، إنت لم تكن ملكًا، وحتي لوكنت كذلك فالملك لايبدأ الحكم فور ميلاده، إذن لابد أنك بدأت حياتك في الدنيا بشغلانة تانية .. قلنا عليها لوسمحت .. لا ما اعرفش .. طيب كنت بتحكم أي بلد من بلاد الدنيا الواسعة..؟! يعني إيه أي بلد ؟! يعني يابني البلد اللي كنت بتحكمها اسمها إيه .. صعبة دي كمان ؟! لا ما عرفش برضه... لا إله إلا الله .. طيب ok دعنا نضرب صفحًا عن....آآآسف .. آسف جدا، بلاش «صفحًا» وبلاش اسم البلد .. ممكن من فضلك تحكي لنا ملخصًا سريعًا لأعمالك وعمايلك في البلد اللي حكمته، وإيه من وجهة نظرك الحسنات والسيئات اللي ارتكبتها ؟! يعني إيه حسنات وسيئات ؟ برضه .. حد منكم ياجماعة يشرح له معني حسنات وسيئات .. قالها رئيس فريق الملائكة وهو لا يستطيع أن يداري زهقه ونفاد صبره، وعلي الفور تصدي ملاك آخر للمهمة وخاطب المرحوم قائلا : بالبلدي كده .. الريس بيسألك إيه هيه الحاجات الكويسة اللي إنت بتعتقد إنك عملتها في بلدك وإيه الحاجات اللي مش ولابد..؟ طب ويعني إيه «باعتقد» دي إن شاء الله ؟! يعني رأيك إيه ... وبرضه كمان .. يعني إيه «رأي» ؟ لاحول ولا قوة إلا بالله .. يابني باختصار كده .. إيه اللي انت شايفه صح وإيه الغلط من أعمالك؟ آه .. تقصدوا السلبيات والإيجابيات .. برافو عليك .. أيوه . . ماهي سلبيات حكمك وماهي إيجابياته ؟! .. بس باختصار لو سمحت.. باختصار .. مفيش سلبيات .. كله إيجابيات وإنجازات وقرارات عظيمة في مراحل تاريخية دقيقة .. دقيقة !!.. ومفيش عندك سلبيات خالص ؟! خالص وعهد الله..حتي اسألوا زمايلي الحكام والمسئولين الخواجات .. كلهم كانوا معجبين وبيشيدوا بحكمتي في الرايحة والجاية .. وإنت صدقتهم ..؟! طبعًا .. وما اصدقهمش ليه ؟ .. ع العموم لو سيادتك شاكك في الخواجات ممكن تسأل شعبي بنفسك ؟ طب ما احنا سألناه .. أيوه .. سألتم الشوية اللي طلعولكم .. اصبروا لغاية لما ييجي الباقيين واسألوهم ..ح حتلاقوا إجماع علي إنجازاتي .. يؤسفني أقولك يا بني إننا سألنا شعبك كله فعلا .. غريبة .. إنتم نزلتلهم تحت..؟! لا ياعبد الله .. إنت يبدو ناسي إنك بعتهملنا كلهم قبل ما تشرفنا.... (انتهي .. وأغلق المحضر في ساعة تاريخه).