البداية: ولادة طفلة: تعبر عن نفسها بطريقتين: الأولي هي البكاء بأعلي صوت حتي يسمعها الجيران و يطلقون وابلا من السباب والشتائم والدعاوي عليها وع اللي جابوها (وااااااء واااااء عااااااا) والثانية هي الابتسام ولما تزودها أوي بيبقي ضحك طفولي بسبب أو بلا سبب منطقي واضح (هاهاهاهاها) بعد سنة: أول كلمات تنطق بها الطفلة سواء كانت بابا أو ماما أو مام أو غيرها تشعرالاهل بسعادة بالغة تجعلهم يطالبونها بالتحدث في كل وقت. (قولي لعمو اسمك إيه؟ قولي لطانط اكلتي إيه النهاردة؟) بعد كام سنة: يبدأ الكلام اللي بجد فتجد الأهل يطالبونها بعدم الكلام والصمت المطلق !!! (عيب يا بنت اسكتي بقي !!) فإذا كانت طفلة (عندية) ودماغها ناشفة ومش بتسمع كلام حد فإنها تستمر في التحدث و(الرغي) عمال علي بطال وتصديع أهلها بكلامها وأسئلتها التي لا تنتهي (هو أنا جيت إزاي؟ هو ربنا فين؟) وفضحهم أمام الضيوف (هم هيمشوا إمتي؟ أنا عايزة أكل جاتوه؟) وإذا كانت طفلة هادئة مسالمة زي حالاتي كده شطورة وبتسمع الكلام فإنها تخرس خالص ولا تنطق إلا بالاجابات المحضرة مسبقا زي مامة هاني رمزي في عايز حقي (إن شاء الله وألف ألف مبروك) أو يتولي الأهل الرد نيابة عنها!!!! وفي هذه المرحلة تتحول الطفلة إلي شيء مصمت فيما يسمي «passive» أي سلبية (ممنوع اللعب ممنوع الرغي ممنوع الصوت ).... ممنوع ممنوع ممنوع زي العسكري بتاع جواز بقرار جمهوري _ هو هاني رمزي معلق معايا ليه؟؟؟ بعد كام سنة تانيين: تزداد مطالب الأهل والأقارب والأحباب حتي جارتهم أم نفيسة ومحمد اللي في الجيش بعدم التدخل في ( كلام الكبار) وبان (خلي رأيك لنفسك.. انتي لسه حتة عيلة صغيرة ملكيش دعوة ) تبدأ البنت في حالتنا السلبية في الانطواء علي نفسها وتجنب المناسبات الاجتماعية، فتختلق الأعذار للهروب من الناس ( تعبانة مش هاجي عيد الميلاد... عايزة أنام ومش هسلم علي طانط فتاكات) بعد كام سنة تالتين: تبدأ المشاكل - انتي مردتيش علي طانط ليه؟؟ - دانتي خلتني في نص هدومي؟ - في حد يقول عقبالك في عزاء؟ - يا شماتة ابلة ظاظا فيا؟ (ابلة طازا مين؟) تهرب وتنطوي الفتاة أكثر وأكثر لأنها لا تستطيع التعامل مع الناس (أكثر من فردين) فهي لا تعرف الردود المعروفة للمناسبات المختلفة... ولا تستطيع حتي التعامل مع أقرب الناس إليها أهلها وأصدقائها.... وتعرف أنها «مش صاحبة واجب وقليلة ذوق» أو علي الأقل معظم الوقت مختفية وغير موجودة في المناسبات الهامة عيب مجتمع أم عيب أسرة ؟ لا يهم.......... المطلوب منها الآن أن تبدأ في اكتشاف الناس والتحول إلي كائن اجتماعي فعال وفاعل في المجتمع تحاول التحدث مع الناس فتخرج كلماتها مبعثرة متلعثمة خجولة ومازالت تعاني من مشاكل في الثقة بنفسها أو بالآخرين ومشاكل اجتماعية معقدة فهي لا تعرف متي تكون جدية ومتي تكون مازحة ومتي تكون حازمة صارمة فتكتفي بالابتسام معظم الأوقات حتي وهي تهان.. ولا تستطيع التعبير عن نفسها وعن مشاعرها بشكل مقبول اجتماعيا... فلا تعبر عن نفسها علي الإطلاق حتي تنفجر وتعبر عن نفسها بشكل سافر مبتذل «أوفر» الحل: إلي كل فتاة قضت عمرها في صمت مطلق ثم انطواء وعزلة ثم محاولة تلعثم اجتماعي خجول لن ترتاحي فتاتنا المعذبة إلا عندما تقرأين كلمات جاهين الخالدة......... إتكلموا.. إتكلموا.. إتكلموا ما أحلا الكلام ما الزمه.. ما أعظمه