وعدت القراء الأعزاء (أو توعدتهم) بنشر رد معالي السيدة الفاضلة «الشركة القابضة للتأمين» التي جري اختراعها من عدم لكي«تقبض» علي أرواح الشركات الوطنية الكبري الثلاث (مصر للتأمين، والتأمين الأهلية، والشرق) ومعهم «الشركة المصرية لإعادة التأمين» ومن ثم تقوم حضرتها بعمل كل ما يلزم لتأهيل هذه الشركات وتجهيزها للتدمير والذبح والانضمام إلي باقي ثروات الشعب التي نشلها النشالون وأكلوها بالسم الهاري في كروشهم الواسعة علي مدي السنوات العشرين الأخيرة. وها أنا الآن أنفذ وعدي ووعيدي وأهدي الجميع أهم ماجاء في هذا «الرد» بعدما كافحت كفاحاً مضنياً ومريراً لاختصاره وتكثيفه وانتشال نقاطه الجوهرية من وسط فيض هائل من الكلام الدعائي العبيط الذي بدا في بعض المواضع يشبه إعلانات «السمنة الفلاحي»، لكني حافظت قدر المستطاع علي كل ماله علاقة بما كتبته في هذه الزاوية تحت عنوان «تكنولوجيا نشل مصر.. التأمين نموذجاً»، وضربت صفحاً عن الحقيقة التي ستلاحظها حالاً وهي أن كل (تقريباً) المعلومات والأرقام التي تضمنها رد «القابضة هانم» مجرد ادعاءات وأقوال مرسلة يغيب عنها تماماً أي إشارة لمصدر موثوق يمكن الرجوع إليه. تقول السيدة «القابضة» وتتباهي علينا بالآتي: إن جملة أقساط (التأمين التي يدفعها المؤمنون) ارتفعت من 3.4 مليار جنيه في العام 2005 2006 إلي 4.4 مليار في العام 2008 2009، وكذلك ارتفعت الاستثمارات في المدة نفسها من 15.2 إلي 22.8 مليار، وزاد متوسط أجور العاملين بنسبة أكثر من 50 في المائة. تكلفة مسيرة الإصلاح والتطوير(الدمج) بما في ذلك الاستعانة بمؤسسات واستشاريين دوليين «لإجراء دراسات نافية للجهالة لشركات التأمين الأربع المملوكة للدولة»، لم تزد علي 2 مليون دولار (بل أقل)!! تم (بعد الدمج) خلق أكبر كيان تأميني في مصر وشمال أفريقيا والشرق الأوسط، وتوقف تدهور الحصة السوقية للشركات المدمجة وزيادتها من 50 في المائة إلي 54 في المائة، وحققت هذه الشركات «ريعاً» صافياً من استثماراتها قدره 2.1 مليار جنيه، كما حققت أرباحاً (قياسية) بلغت 951 مليون جنيه عام 2008 2009، إضافة إلي أنها قامت في العام ذاته بسداد مبلغ 811 مليون جنيه للخزانة العامة للدولة. ورغم كل هذه النجاحات والأرباح القياسية فإن الفترة نفسها شهدت هبوطاً (قياسياً أيضاً) في سعر الفائدة الممنوحة للمواطنين أصحاب وثائق التأمين من 95 في الألف إلي 65 في الألف «بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية»!!!! أما إلغاء «الشركة المصرية لإعادة التأمين» وإنهاء وجودها كشركة مستقلة متخصصة في هذا النشاط ودمجها في «شركة مصر للتأمين» فكان بسبب أن الأولي «رأسمالها ضعيف واحتياطياتها منخفضة»!! وفيما يخص الأصول والثروات العقارية الهائلة (بعضها لا يقدر بثمن) التي انتزعت من الشركات المدمجة، فإن (اختراع) شركة لإدارة هذه الأصول كان تنفيذاً لقرار من وزير الاستثمار صدر تحت رقم «53 لسنة 2007»، غير أن معالي الوزير نفسه أصدر قراراً لاحقاً رقمه 116 لسنة 2009 ينص علي «حظر تصرف» الشركات التابعة للوزارة في بعض العقارات الواقعة «في منطقتي القاهرة الفاطمية والقاهرة الخديوية سواء بالبيع أو التأجير إلا بعد الرجوع لوزارتي الثقافة والاستثمار ومحافظة القاهرة»!! وأخيراً.. فإن «تفصيص» الشركات المعنية وتقطيع أوصالها بعد «دمجها» عن طريق فصل أنشطة «تأمينات الحياة» عن «التأمين علي الممتلكات» واختراع شركة مستقلة لكل منهما، هذا التفصيص والتقطيع الذي تجاهد الشركة القابضة حالياً لإتمامه إنما «جاء (من أجل) التوافق مع أحكام القانون رقم 118 لسنة 2008»!!! تلك هي أهم النقاط والمعلومات التي ردت بها «القابضة هانم» علي ما أثاره العبد لله، وبسبب تآكل المساحة فأنا مضطر أن أكتفي اليوم بسؤالين اثنين اعتبرهما مقدمة لتعليق مفصل أعدكم وأتوعدكم به غداً.. أولاً: ما أصل وفصل هذه المعلومات والأرقام ؟ وإن لم تكن الشياطين الزرق هي مصدرها، فأين بالضبط يمكننا مراجعتها والتأكد من حقيقتها ودقتها؟! ثانياً: من هو اللهو الخفي الذي يفترض أنه ولي أمر هذه السيدة «القابضة» ؟ ولماذا يتعمد سيادته أن يظل لهواً وخفياً وصامتاً كما لو أن الست المسكينة المذكورة مقطوعة من شجرة لا عائل لها ( «العائل» غير «العاقل») ولا كبير ينوب عنها في الملمات والمهمات، مع أن جنابه هو الذي جعلها «قابضة» علي هذا النحو ومنحها الرؤساء والمدراء وانتقاهم واصطفاهم من بين سائر خلق الله ومنحهم فرصة الرزق الوفير؟! صباح الفل..