ختمت سطور الأمس التي احتلها «رد» الست الهانم «الشركة القابضة للتأمين» علي ما جاء في سلسلة «تكنولوجيا نشل مصر»، بسؤالين أولهما عن مصادر الأرقام والمعلومات التي زينت بها الست المذكورة ردها، والثاني يخص معالي الأستاذ «اللهو الخفي» الذي يتسربل بالصمت الجميل ويختفي (في مارينا غالباً) تاركاً لنا الهانم تتعلل بالقرارات التي أصدرها سيادته والقوانين التي مررها جنابه من المجلس الموقر المزور لغرض في نفس المرحوم يعقوب!! وقبل أن أشرع في سرد نقاط التفنيد التفصيلي لهذا «الرد» أعترف بأن صياغته الدعائية (قلت إن بعض المواضع بدت كإعلانات «السمنة» الفلاحي) نجحت في تأكيد القيمة الهائلة والحجم الخرافي للتورتة التي يتم التخطيط لنشلها وأكلها من خلال تكنولوجيا بالغة التعقيد عنوانها «دمج» الشركات العامة الأربع العاملة في مجال التأمين ثم تفتيتها وتقطيع أوصالها وهربدتها حتت حتت!! وأبدأ بما لم يأت «رد» القابضة هانم علي أي ذكر له، فجنابها مثلاً لم تقل شيئاً عن إحدي أخطر بشائر الخسائر والمصائب الناجمة عن عربدات حضرتها، ألا وهو فقدان «شركة مصر للتأمين» مؤخراً ثلث عقود التأمين علي أسطول شركة مصر للطيران وذهاب هذا الثلث لأول مرة في تاريخ الشركتين الشقيقتين إلي شركة مجهولة تأسست حديثاً (استعدادا لأكل التورتة) تدعي «شركة إسكان للتأمين».. مَنْ وراء هذه الشركة ؟! وما هي قائمة المؤسسين؟! حد يرد علينا..!! كما لم يقترب رد ستنا «القابضة» من قريب أو بعيد من مهزلة الخطة الحالية التي تستهدف حشر عملاق بحجم شركة «مصر للتأمين» في قزم صغير هو شركة «الشرق للتأمين»، ما سيؤدي حتماً لخنقهما معاً وفقدان اسم تجاري تاريخي ولا يمكن تعويض قيمته السوقية والمعنوية بعدما يتم استئصال شأفة «شركة مصر» ومحو اسمها من الوجود!! والحقيقة أن ستنا آنفة الذكر ربما تكون مظلومة فيما يخص المسئولية عن هذه الكارثة التي يجري العمل علي تنفيذها علي قدم وساق، إذ إن المسئول هو جناب «اللهو الخفي» الذي وقع مع البنك الدولي علي اتفاقية بقرضين مجموعهما 200 مليون دولار (مليار و120 مليون جنيه) بذريعة تخصيص هذا المبلغ لتطوير شركة «الشرق» التي خضعت بعد «الدمج» لبرنامج تصفية، لكن جنابه تذكر هذا القرض في آخر لحظة، فكان الحل العبقري هو تصفية «مصر للتأمين» واستبدال اسم «الشرق» بها، وتجاهل سيادته أن رأسمال هذه الأخيرة الرسمي المسجل هو مليار جنيه فقط، أي أنه سيتم تحميلها بمديونية تفوق (مرة وربع تقريباً) حجم رأسمالها بما يؤدي حتماً إلي تقريب يوم إفلاسها وخرابها المستعجل!! وبعد.. فالعبد لله يدري ويعلم جيداً الآثار الصحية السيئة الناجمة عن تذكير القراء الأعزاء بأن رد «القابضة» تجاهل أيضاً مسخرة إهدار ملايين الجنيهات في رفع مئات اللافتات المعلقة علي مقرات شركة مصر للتأمين واستبدالها بلافتات الشركتين المنفصلتين اللتين توزع عليهما نشاط الشركة الأم، ثم لم تمض 48ساعة حتي أزيلت هذه اللافتات الجديدة.. لكن ما باليد حيلة !! ما فات كان مجرد عينة من العناوين والموضوعات التي خلا رد «القابضة» من سيرتها تماماً، أما ما تفضلت حضرتها وقالته فأختصر تعليقي عليه في الآتي: أولاً: طمأنتنا حضرتها بأن جيش الخبراء الأجانب (اعترف الرد بأن بعضهم يعملون في شركات منافسة) الذي راح يعبث في أحشاء شركات التأمين الوطنية الأربع «لمدة ثلاث سنوات»، هذا الجيش لم يتكلف خلال هذه المدة سوي «أقل من 2 مليون دولار» علي أساس أن أفراده كانوا يقيمون في لوكاندة «الكلوب الزينب» ويتبرعون بجهودهم المشكورة مجاناً من أجل خدمة قضية «النشل» العالمي !! ثانياً: تفاخرت «القابضة هانم» واختالت (بالخاء وليس الحاء) علينا بأن السنوات الأربع التي تلت وجود حضرتها في الدنيا، شهدت زيادة بنسبة 50 في المائة في بند أجور العاملين في قطاع التأمين، وأنا عن نفسي أصدق تماماً هذا الزعم، لكنني أسأل معاليها عن حصة الأحباب والخلان الذين جري تسكينهم بواسطة «اللهو الخفي» في مجالس إدارتها وإدارات الشركات التي اخترعتها، مِنْ هذه الزيادة.. ياتري كم حجمها؟! ثالثاً: أظن أن الست «القابضة» أرادت إثبات أن دم حضرتها خفيف وأنها ليست غبية وثقيلة الظل كما يدعي الكثيرون، وهذا هو التفسير الوحيد للنكتة التي علقت بها علي معلومة تخفيض سعر الفائدة علي أموال المواطنين أصحاب وثائق التأمين من 95 في الألف قبل «الدمج» إلي 65 في الألف بعده، إذ بررت جنابها هذا الخفض بأنه جاء «بسبب الأزمة المالية العالمية»، متجاهلة أنها نفسها تباهت في الرد عينه بأن تلك الأزمة لم تؤثر فيها بل حدث العكس إذ حققت أرباحاً قياسية غير مسبوقة كما قفز ريع وعائدات استثماراتها إلي أرقام فلكية (بعضها كذب صريح)!! رابعاً: وفيما يخص كارثة نزع الممتلكات العقارية الهائلة من يد الشركات المدمجة وإسناد إدارتها لشركة مخترعة (قامت بتأجير العقارات لأصحابها) ولم تقصر في بيع بعض مكونات هذه الثروة (نحو80 عقاراً حتي الآن) برخص التراب، اكتفت «القابضة هانم» بإحالتنا إلي قرار وزاري يقر ويعترف ضمناً بأن للشركة المذكورة سلطة التفريط في هذه العقارات لكنه يستثني فقط المباني التاريخية التي لاتقدر بثمن «الواقعة في منطقتي القاهرة الفاطمية والقاهرة الخديوية» إذ يشترط قبل «بيعها أوتأجيرها» الحصول علي موافقة وزارتي الاستثمار والثقافة ومحافظة القاهرة.. ثم مع ألف سلامة!! خامساً: بيد أن الكذبة المتفوقة في اللطف والظرف لدرجة قد تلهي البعض عما فيها من طاقة تدليس ونصب خرافيتين، هي تلك التي بررت بها ستنا «القابضة» إلغاء الشركة المصرية لإعادة التأمين ودمجها (بالمخالفة حتي للقوانين التي فصلوها) في «شركة مصر»، فحضرتها ادعت أن ما حدث لهذه الشركة ذات الدور الخطير في الحفاظ علي مدخرات المصريين من التسرب لشركات إعادة التأمين الأجنبية، كان بسبب أنها «شركة ضعيفة واحتياطياتها منخفضة».. غير أن الحقيقة أن هذه «الضعيفة المنخفضة» حققت طبقاً لآخر ميزانية قبل الدمج أرباحاً صافية بلغت في عام واحد 219 مليون جنيه !!! آه يا ضلالية...