يعدّ فيلم إشراقة أبدية « Eternal Sunshine of the Spotless Mind» لعقل نظيف» واحداً من أفضل الأفلام في القرن الماضي، والغريب أنه جمع بين ثلاثة من السينمائيين لم يكن المرء يتصور وجودهم معاً؛ فهناك النجم الكوميدي «جيم كاري» صاحب الوجه المطاطي، وطريقته في التمثيل جسدية أكثر منها اعتماداً علي تقمص الدور، وكذلك «كيت وينسليت» بطلة «تايتنيك» الشهيرة، والتي دشنت نفسها كواحدة من البطلات الرومانسيات في تاريخ السينما، وأخيراً كاتب السيناريو المتميز «تشارلي كاوفمان»، والذي يعتبر أحد أيقونات هوليوود المغايرة للخلطة التجارية المعتادة؛ فهو يقدم أفلاماً ذات نكهة مختلفة، تعتمد في مجملها علي اللاحبكة لو جاز التعبير، وهو بهذا يشبه مبدعين أوربيين عظام، أمثال «فلليني» «إنجمار برجمان» «بولانسكي»، لهذا فهو يحوز علي احترام النقاد، وعلي شركات الإنتاج التي ترغب في عمل أفلام ثرية تقول الكثير، خاصة أنه قد أثبت موهبته في أفلام سابقة، مثل «أن تكون جون مالكوفيتش» و«طبيعة بشرية»، و«اعترافات عقل خطير»، وأخيراً القنبلة المدوية «اقتباس»، وكان مع النجم «نيكولاس كيج». لهذا فور شروع «كاوفمان» في كتابة سيناريو فيلم «إشراقة أبدية لعقل نظيف»، ومعه المخرج «ميشيل جوندري» كان من الطبيعي أن يتحمس النجم «جيم كاري» للقيام ببطولة الفيلم، بل ووصل الأمر لأن يوافق علي تخفيض أجره المعتاد - كان أجره عشرون مليوناً من الدولارات في ذلك الوقت -، والطريف أن ميزانية الفيلم بالكامل كانت هذا المبلغ بالتحديد - وكان «جيم كاري» موفقاً بشدة في التحمس لهذا الفيلم؛ فقد حاز علي إعجاب النقاد والجماهير معاً، وحقق الفيلم إيرادات بلغت 72 مليون دولار، وحصل كاتبه «تشارلي كاوفمان» علي جائزة أوسكار لأحسن سيناريو كتب خصيصاً للسينما، ورشحت «كيت وينسليت» لجائزة أحسن ممثلة. القصة متعلقة بطبيعة الذاكرة البشرية، وما تحتفظ به في دهاليزها، من خلال حدوتة رومانسية خيالية، من الممكن أن تحدث علي أرضنا، وإن كان المغزي المراد إظهاره كان هو قيمة المشاعر وقوتها في تغيير حياتنا، وكيفية التصرف معها. «جويل باريش» شاب عادي تصله رسالة من شركة غريبة تخبره بأن حبيبته السابقة «كليمنتين» قد قامت بمحو ذاكرتها، ليست كلها في الواقع؛ بل ما هو متعلق به فقط، ويبدو أنها كانت تعاني من وجوده في ذاكرتها كأي قصة حب عادية، وبدلاً من أن تمارس النسيان كعادة بشرية تتسم بالبطء، تقوم باللجوء لشركة تقوم بمحو ذاكرة عملائها بشكل قاطع وسريع بواسطة التكنولوجيا، ويبدو أن «جويل» يشعر بالغضب، فيقرر أن يتعرض لنفس التجربة، ويمحو كل التفاصيل الحميمية الخاصة بحبيبته من ذاكرته هو الآخر، ومن خلال التجول في دروب الذاكرة نتعرف علي قصة حب فريدة وممتعة، مليئة بالمشاهد الذكية، والحوار المكثف الذي يميز كاتب السيناريو « تشارلي كاوفمان»، ومن خلال هذه الرحلة المجنونة غير المعتادة يبرز سؤال مهم: هل يستسلم جويل» لهذا المحو، أم أنه يقاوم؟. المثير أن الفيلم يبدأ بمشهد عادي، ولا يدلل علي موضوع الفيلم، ويشعرنا بأننا نشاهد أحد الأفلام الرومانسية المعتادة، لكن بمرور الوقت ندرك أن «كاوفمان» قد خدعنا من خلال قصة تنطلق في الماضي، والحاضر، والمستقبل.. مدة الفيلم: 108 دقائق. النوع: دراما، رومانسي. بطولة: جيم كاري، كيت وينسليت، توم ويلكينسون، كريستين دانست. يعرض: السبت القادم الساعة الحادية عشرة مساء، علي قناة mbc Max.