بعد الحرب العالمية الثانية، اندهش علماء النفس الأمريكيون والبريطانيون من تلك الفظائع التي ارتكبها جنود النازية وضباطها، والأساليب الوحشية التي كانوا يستخدمونها مع من يستجوبونهم، والتي تتنافي حتي مع النفس البشرية، وتجعلهم أشبه بالوحوش، علي الرغم من أن كلاً منهم كان رب أسرة، وله أبناء، والمفترض فيه أن يعرف معني الرحمة والإنسانية، ولأن دهشة العلماء تعني التجربة والبحث، فقد قرروا إجراء تجربة لفهم ذلك السلوك البشري الشاذ.... ومن أجل التجربة، أتي العلماء بمجموعة من المتطوعين، وضعوهم أمام أجهزة صعق كهربائي، ووضعوا أمامهم مجموعة أخري، تتظاهر بأنها خاضعة لاختبار ما، في حين أنهم، في تلك المجموعة الأخري، عبارة عن ممثلين محترفين، وطلبوا من أفراد المجموعة الأولي طرح أسئلة الاختبار، علي أفراد المجموعة الثانية، ثم طلبوا منهم توجيه صعقة كهربية، لكل من يجيب إجابة خاطئة، وأن يزيدوا من شدة الصعق، إذا ما تكررت الإجابة الخاطئة، وأمام المجموعة الأخري، كانت هناك مصابيح صغيرة ملونة، تخبر كلاً منهم بشدة التيار الوهمي، الذي يفترض أنه يتعرض له، حتي يقوم بتمثيل دوره كما ينبغي... في البداية، تردد أفراد المجموعة الأولي في استخدام الصعق الكهربي مع المخطئين، فشجعهم رؤساؤهم علي استخدامها، وهنا بدأوا في توجيه صعقات خفيفة لمن يخطئ في الجواب، والممثلون في المجموعة الثانية يؤدون دورهم في التظاهر بالصعق.... ثم حدثت ظاهرة عجيبة... لقد اعتاد أفراد المجموعة الأولي صعق من يخطئ في الجواب، من أفراد المجموعة الثانية، وفقدوا أي تأثر بصرخات الألم والاستعطاف والاسترحام، بل زادوا من شدة الصعق، فيما يشبه التلذذ بالسيطرة والشعور بالقوة، والأدهي أن بعضهم كان يتعمد طرح الأسئلة علي نحو مبهم، حتي يضمن الحصول علي إجابات خاطئة، تبرر استخدامه للصعق، وزيادة شدته.... باختصار، مع لذة البطش، فقد أفراد المجموعة الأولي أي شعور بالآدمية... وللتجربة بقية.