تتسم الأعمال الدرامية البريطانية -عادة - بنوع من البطء والفتور الذي يغلب عليه طابع التأمل، كعادة الأعمال الأوروبية؛ لهذا كان من غير المتوقع أن يحقق المسلسل القصير State of Play، الذي عرضته شبكة B.B.C البريطانية في عام 2003، والمكون من ست حلقات نجاحاً كبيراً، نظراً لما بُذل فيه من جهد واضح، وتصوير ممتاز، وتشويق مثير يجعل المشاهد يلتصق بمقعده، حيث يدور موضوعه في دهاليز السياسة والصحافة معاً، وكان السؤال هنا: هل سيصلح تحويل المسلسل لفيلم أمريكي بمقاييس هوليوود؟ بعد حرب شرسة بين العديد من شركات الإنتاج، استقر الأمر علي شركة «يونيفرسال» لعمل نسخة سينمائية من المسلسل، وقد باع «بول أبوت» كاتب القصة الأصلي حقوق المسلسل بمبلغ كبير، وكان المخرج «كيفن ماكدونالد» من كبار المعجبين بالمسلسل، وكانت لديه قناعة بأنه عمل يصعب تقليده، وفي ذهنه فيلم عظيم مثل «كل رجال الرئيس»، وكذلك فضيحة «ووترجيت»، وقد أسند كتابة السيناريو للكاتب «ماثيو كارناهان»، والذي كان يهمه رصد العلاقات المعقدة والمتشعبة بين عالمي الصحافة والسياسة، وتأثير كل منهما علي الآخر، إلا أن مشكلة أسرية متعلقة بابنته منعته من استكمال السيناريو، مما جعله يسنده إلي فريق من كتّاب السيناريو، علي رأسه «توني جيلروي»، وهو خبير بجوّ المؤامرات، وقد رأيناه في أفلام شهيرة، مثل ثلاثية «بورن»، و«ازدواجية» وهو هنا يخرج لنا سيناريو محبوكاً، وقوياً، يمتاز بعدة منحنيات درامية مفاجئة تميز هذا النوع من الدراما السياسية، التي تشعر طوال الوقت أنها مقتطعة من الواقع. كانت البطولة من نصيب «راسل كرو»، و«بن أفليك»، و«هيلين ميرين»، و«رايتشل ماكدامز»، وجدير بالذكر أن الشخصيتين الرئيسيتين في الفيلم- الصحفي، وعضو الكونجرس- كان من المفترض أن يقوم بهما «براد بيت» و«إدوارد نورتون»، لكن بسبب مشاكل تتعلق بالنصّ، والإنتاج انسحبا منه. يحكي الفيلم قصة الصحفي «كال ماكفيري» والذي يتتبع خيوطًا خاصة بموت امرأة كانت عشيقة لأحد أعضاء الكونجرس، وبين الحيرة والتشكك في مقتلها، أو انتحارها، يلعب الفيلم ببراعة فائقة، وهو يشرح بشكل موفق العلاقة المعقدة بين السياسة والصحافة، وحدود كل منهما؛ حيث تغدو لعبة السياسة -أحياناً- طريقاً دموياً يؤدي للموت، برع «راسل كرو» في أداء شخصية الصحفي «كال ماكفيري» بشعره الطويل، مما يجعله كراهب عاشق لعمله، ورحلته الخاصة بالكشف عن الحقيقة، بينما يمثل «بن أفليك» دور عضو الكونجرس، المتألم لما حدث لعشيقته، ثم نعرف بعدها أن الأمر معقد بشكل يجعلنا نتساءل: وهل الرجال العظماء الذين يقومون بأعمال جليلة للمجتمع يبرر لهم هذا ارتكاب الفظائع؟ حقق الفيلم نجاحاً كبيراً، وأخذ نسبة إيجابية تبلغ 85% من أصوات النقاد، وما زال نجاحه متنامياً. مدة الفيلم: 127 دقيقة. النوع: دراما، غموض، إثارة. بطولة: راسل كرو، بن أفليك، هيلين ميرين. يعرض: الخميس القادم، الساعة 9 مساءً، علي قناة super movies.