.. استقبل أمس- الأحد- الرئيس مبارك وزراء خارجية إسبانيا وألمانيا وباكستان، كما استقبل رئيس وزراء كينيا.. ماشاء الله علي كل هذا النشاط الدبلوماسي الذي يعكس بشكل أو آخر أن لدينا وزير خارجية يجيد ترتيب المواعيد للرئيس. .. وزير الخارجية «الوحيد» الذي ينبغي أن يلتقيه الرئيس مبارك رسمياً هو القائم بأعمال وزارة الخارجية في مصر «أحمد أبوالغيط»، واللقاء المقترح لن يستمر لأكثر من دقائق يبلغه فيها الرئيس «إننا مستغنيين عن خدمات سيادته» بعد أن حلت أياديه البيضاء علي الدبلوماسية المصرية التي تراجعت في محيطها الإقليمي العربي وشرق الأوسطي والأفريقي بصورة غير مسبوقة !! .. في الكرة - فقط - يتم حل الأجهزة الفنية، وإقالة المدربين وتسريح اللاعبين عقب الهزائم الكبيرة التي تمني بها الفرق أو المنتخبات الرياضية - خاصة الكروية- بينما في السياسة فالبقاء- غالباً- للأسوأ والأفشل. .. أبوالغيط رجل مهذب جداً.. ودمث الخلق، لكني لا أعرف سبباً لعدم شعوره بالخجل من النتائج المذرية التي حققها في مجال عمله كوزير لخارجية مصر .. بالشكل الذي دفع البعض للتساؤل: لماذا الإبقاء عليه في موقعه الحالي رغم فشله ؟! لماذا لا يُنقل مثلاً لوزارة الزراعة ربما يكون له من اسمه نصيب !! بل إن بعض الظرفاء يسألون عن جدوي عزل أبو الغيط واستبداله ب«أبو النيل» مثلاً !! .. لو كنت مكان أبو الغيط لقدمت استقالة فورية بعد ما حدث في شأن الاتفاقية الإطارية لدول منابع النيل وفشل السياسة الخارجية المصرية في جولة المفاوضات الجماعية في شرم الشيخ وما آلت إليه هذه الجولة من تداعيات خطيرة.. .. الأسوأ من الفشل في إدارة المفاوضات التي تمت علي أرضنا في شرم الشيخ هو رد الفعل الرسمي للخارجية المصرية التي أنتجت فور توقيع الاتفاقية خطاباً سياسياً باهتاً مرتبكاً استهدف تخفيف وقع الكارثة بالتحايل والتضليل بدلاً من أن ينصرف لمعالجتها !! حيث اعتمد فكرة التقليل من أهمية الاتفاقية، والتركيز علي طابعها غير الإلزامي وكونها لا تمثل سوي موقف أقلية من دول الحوض، في حين ظهر جلياً أن أغلبية دول الحوض تتبني الاتفاقية !! وأنها بذلك تكتسب زخماً إقليمياً حقيقياً !! .. الغريب أن أبوالغيط الذي تبني هذا الخطاب والتفسير لم يخجل أن يتراجع عن ذلك النهج ويبدأ في مناشدة دول الحوض للعودة إلي مائدة المفاوضات الجماعية، وبدأ يلتمس السبل بحثاً عن بداية جديدة - للأسف - لن تكون لها مصداقية في ظل الوجوه القديمة التي مازالت فأسها في رأس مفاوضات شرم الشيخ. .. لقد جسدت السياسة الخارجية المصرية في السنوات الأخيرة سلسلة من الفشل باحتراف، وتوالت علي يد أبوالغيط مشاهد محدودية فاعلية الدور المصري والعجز الكامل والكلي في إدارة شئوننا وعلاقاتنا بالخارج علي الصعيد العربي وشرق الأوسطي والأفريقي والدولي بشكل عام .. .. مازال مشهد أبوالغيط أمام «كوندوليزا رايس» يجسد حالة العجز !!، مازال موقفه أمام المفاوضات التجارية مع أوروبا يمثل هذا العجز !!، مازال موقفه تجاه قضية اغتيال الأسري في 67 يجسد العجز، مازال يجسد العجز في موقفه من صعود النفوذ الإيراني والتركي بالمنطقة، وكذلك الاحتلال الإسرائيلي لغزة والعدوان المتكرر عليها، وكذلك كل العجز في إدارة الصراع الفلسطيني- الفلسطيني، والعجز عن إدارة ملف المصالحة .. .. كل هذا العجز يدفعني إلي أن أسأل: إذا لم يستقل أبوالغيط الآن متي يفعلها؟.. وإذا كان ليس ممكناً أن نستفيد من وجوده وزيراً لخارجية العجز، فلماذا لا نستفيد من وجود صورته علي علب السجائر بوصفه رمزاً موحياً للعجز أكثر بكثير من الصور الموجودة حالياً علي علب التبغ؟! .. هكذا يمكن أن نستفيد بشكل حقيقي من بقاء أبوالغيط حتي يأتي لنا أبو النيل ليصلح ما أفسده أبوالغيط.