جميعنا كبشر محكوم علينا بالإعدام بسبب جرائم لم نرتكبها.. والحياة ليست أكثر من مجرد نفق طويل نقطعه بمنتهي الإخلاص لنصل في نهايته إلي الموت الذي يجلس منتظراً وصولنا إليه.. والطبيعة ليست أكثر من مجرد مطعم كبير مفتوح.. تفترس فيه الحيوانات القوية الحيوانات الأضعف.. وتأكل فيه الأسماك الكبيرة الأسماك الأصغر.. وتهاجم فيه الطيور الجارحة الطيور المسالمة.. ولأن الإنسان كائن عاقل إخترع الأخلاق ليمنع غريزته الحيوانية من التفوق علي غريزته الإنسانية.. ولأنه كائن أحمق وقذر اخترع الحروب ليسمح لغريزته الحيوانية بالتفوق علي غريزته الإنسانية مع الاحتفاظ في نفس الوقت بكونه كائناً أخلاقياً.. ولأنه كائن جبان سمح لبعض المحتالين بأن يحكمونه ويسوقونه إلي تلك الحروب وينصبون أنفسهم أباطرة وقياصرة ورؤساء وملوك وحكام تصبح جميع حماقاتهم أوامر واجبة النفاذ.. ولأنه كائن رخم قرر إرهاق الموت معه وعدم التوقف عن الإنجاب وملء الكوكب بالأطفال الذين يضاعفون من مهام الموت كل يوم أكثر من اليوم اللي قبله.. ولأنه كائن متناقض استبدل تسمية «الرغبة في ممارسة الجنس» بتسمية أخري هي «الحب».. وهي الكلمة التي لا تحتاج إلي أكثر من حرف «الراء» للتحول إلي «الحرب».. ولأنه كائن عبقري استطاع صياغة هذا كله في ساعتين من الكوميديا اللي بجد (مش الهَطَل الذي يطلق عليه السادة صناع السينما المصرية كوميديا) ومن الفن المصفي لآخر قطرة (مش العَبَط الذي يتعامل معه الجمهور المصري العزيز علي أساس أنه فن)! العزيز والعظيم والمتفرد «وودي آلان».. الله يسامحك.. بعد أن شاهدت تحفتك السينمائية love and death التي كتبتها وأخرجتها ومثلتها وضحكت من أعماق عماقيق قلبي ضحكاً ممزوجاً بالتفكير من أعماق عماقيق عقلي.. قلبت القناة لأجد فيلم «عصابة الدكتور عمر» وقبل أن أصاب بالغثيان.. قلبت القناة بسرعة لأجد فيلم «حبيبي نائماً».. قلبت القناة تاني لأجد فيلم «كَلِّم ماما».. فطفيت التليفزيون بسرعة.. ولكن كنت قد أصبت بالغثيان فعلاً.. وخلاص! «وودي آلان».. روح يا شيخ.. الله يسامحك!