الآن.. وبينما أنا جالس في صومعتي أكتب وأشعر بالتوتر لأسباب كثيرة وبالحيرة لأسباب أكثر.. تُري.. ما هي مشاعر ضفدع يجلس علي ورقة شجر عريضة وطافية فوق سطح أحد المستنقعات الموحلة ينفخ لُغده بمنتهي الهدوء والأنتخة والرتابة والروتين مطلقاً نقيقُه إلي الأجواء.. هل يشعر ذلك الضفدع بالهدوء والأمان أكثر مني؟! طب ماذا عن أحد طحالب المحيط الهادي الذي يمنحنا هو ورفاقه من الطحالب عن طيب خاطر 70% من الأكسجين الذي نتنفسه علي كوكبنا الأرضي العزيز.. هل يشعر ذلك الطحلب بأهميته؟! طيب ماذا عن ذلك العصفور الواقف بين فكي تمساح متوحش ينظف له أسنانه.. ما الذي يجعله يعلم أن التمساح لن يطبق عليه فمه الواسع المفتوح أثناء تنظيفه لما بين أسنانه من بقايا الطعام؟! وما الذي يجعل التمساح لا يطبق فكيه علي العصفور الواقف بداخل فمه بالفعل.. بينما يتسلل بعدها إلي الشاطئ ويبذل مجهوداً ليهبش بقرة تشرب من رقبتها مجتذباً إياها إلي الماء في مشهد تراچيدي وسط ذهول التور الواقف علي الشاطئ يستعد بعد الشرب لإقامة علاقة مع تلك البقرة؟! ما الذي يجعل تلك الحيوانات التي لا تحتوي أدمغتها علي عقول تعلم تلك المعلومات غير المنطقية والاستثنائية بينما يجعلنا نحن الحيوانات التي تحتوي أدمغتها علي عقول لا نعلم أشياء كثيرة.. ولماذا يكون منبع ذلك الجهل هو علمنا لأشياء كثيرة.. ذلك العلم الذي لا يسفر عن شيء في النهاية سوي عن عدم العلم.. هل تريدون توصيفاً نهائياً للإنسان بخلاف أنه حيوان ناطق أو متكلم أو مفكر.. الإنسان حيوان لا يعلم!