ما زال الأمل قائمًا على لجنة الخمسين للخروج بدستور يكون بداية حقيقية لخارطة طريق ديمقراطية.. وبناء مجتمع مدنى يليق بشعب مصر الثائر على الفساد والاستبداد والفاشية الدينية. لقد جددت اللجنة الأمل فيها بموقف أغلبية أعضائها من مجلس الشورى والذى حاول البعض فرضه جبريًّا على اللجنة.. بعد أن طالبت القوى الوطنية الحيّة إلغاء هذا المجلس -بعد تجربته المريرة مع نظام مبارك والذى كان جراجًا وحصانة للفاسدين ومتزلّقى النظام وحافظ الإخوان عليه بنفس الصيغة- وإن كان يحاول البعض طرح الموضوع مرة أخرى.. وكأن شيئًا ضاع منهم!!
أى نعم، أنجزت اللجنة باب الحريات بشكل أفضل من الدساتير السابقة.
وهناك أمل أن تتواصل اللجنة فى إنجاز دستور يليق بتلك المرحلة.. ولا يكون إنتاجًا مماثلًا لدستور الإخوان المعطّل.
.. وكان يجب على اللجنة أن تراعى أنها تضع دستورًا للمستقبل.. ولم تكن هناك حاجة إلى صراعات بين فئات على وجودها فى الدستور.
.. فلا يُعقل أن يكون موقف القضاة مما يجرى أو فى ما طرحته اللجنة فى الدستور فى تقسيم الهيئات القضائية واختصاصات كل منها بتفاصيل لا يجب أبدًا أن يتضمنها دستور، وإنما يعالج هذا القانون بعد ذلك.
.. فكان يجب أن يكون النص الدستورى واضحًا أن القضاء مستقل بكل هيئاته.. وذلك لاستعادة القضاء مرة أخرى استقلاله وهيبته بعد أن أصبح ترتيب استقلال القضاء المصرى على مستوى العالم فى مرتبة متدنية بشكل لا يليق أبدًا لا بمصر ولا بتاريخ القضاء المصرى.
.. فقد ساعدت لجنة الخمسين على حدوث خلافات -ما كان يجب أن تُطرح- بين قضاة الهيئات المختلفة.. وكان يمكن حل ذلك بالإشارة إلى مرجعية القانون لتنظيم عمل الهيئات القضائية.
.. أيضًا سعت كل فئة لدى «الخمسين» إلى الحصانة وتأكيد اختصاصات تلك الفئة.. وكأنه دستور للفئات لا للشعب.
.. عمومًا ما زالت هناك فرصة أمام اللجنة لتعديل بعض المواد التى تعد محل جدل وتعيق الدستور.. وتضع مشكلات مستقبلية للمجتمع، وربما تعيد إنتاج دستور الإخوان الطائفى.
.. فالشعب يبحث عن دستور توافقى.
.. دستور من أجل الديمقراطية والحرية والكرامة.
.. دستور يحقق أهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو.
.. دستور يخرج مصر من حالة الدولة الفاشلة التى أوصلها إليها حكم الاستبداد وأكدها حكم الفاشية الدينية لنظام الإخوان.
.. ومن هنا على أعضاء اللجنة أن يراعوا ربّهم والشعب الذى وثق فيهم واعتبرهم أفضل مَن يضعون دستورًا جديدًا للبلاد فى تلك المرحلة، ومن أجل بدء مرحلة جديدة بعيدًا عن الفشل والفوضى اللذين ما زالت تصر عليهما جماعات الإرهاب التى لا تريد للبلاد الاستقرار والأمان بعد أن عزلها الشعب وفضحها وكشف مدى زيفها وتجارتها بالدين.
.. فلا يعقل أن يسعى بعض أعضاء لجنة الخمسين إلى مصالح خاصة.
.. فما زالوا يحاربون لعودة مجلس الشورى المرفوض.
كما سيدخلون فى مرحلة أخرى فى طرح طريقة الانتخابات وربما قانونها بعيدًا عن مصالح الشعب.
.. فهناك أحزاب تريدها على طريقتها من انتخابات بالقائمة، وكأنها بذلك تضمن الأغلبية وتشكّل الكومة (!!).
.. مرة أخرى يا أيها الذين فى الخمسين راعوا ربّكم والشعب الذى كان السبب فى وجودكم فى تلك اللجنة.
.. واعملوا من أجل الشعب والوطن.. وهو الذى سيخلد لكم.. وليست مصالحكم الشخصية التى سيتم فضّها.. واعتبروا مما جرى من الحكام السابقين.
رغم ترحيب الزملاء الصحفيين الكبار بمواد الصحافة فى مشروع الدستور، فإن هناك كارثة حقيقية، وهو ما يمكن أن نطلق عليه «دسترة الحبس».. فلم يكن هناك أى مبرر لها فى الدستور.. فهذا الأمر ينظّمه القانون لا الدستور.. فهل يسارع الزملاء فى نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة لتصحيح هذا الوضع قبل فوات الأوان.. وقبل أن تندم الجماعة الصحفية.