كلاكيت رابع مرة يتكرر مشهد جنازات ضحايا أحداث «القديسين»، و«ماسبيرو»، و«الخصوص»، فى جنازة الضحايا الأربعة الذين راحوا ضحية الهجوم على كنيسة السيدة العذراء والملاك ميخائيل بالوراق، فأثناء الصلاة عليهم سادت نفس حالة الغضب الشديد التى كانت عند الأقباط تجاه نظام مبارك عقب حادثة القديسين، وضد المجلس العسكرى عقب أحداث ماسبيرو وضد مرسى والإخوان فى الخصوص، وهذه المرة ضد الإخوان وحكومة الببلاوى التى اعتبروها مقصرة فى حمايتهم وكنائسهم منذ 30 يونيو. تأخرت الجثامين فى الخروج من مشرحة زينهم إلى الكنيسة للصلاة عليهم، حيث بدأت الصلاة فى الخامسة والنصف مساء أول من أمس، بكنيسة الوراق وترأسها نيابة عن البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، سكرتير المجمع المقدس وأسقف كنائس وسط القاهرة الأنبا رافائيل، والأنبا يؤانس أسقف عام الخدمات، والأنبا ثيؤدسيوس أسقف الجيزة والأنبا يوحنا أسقف الوراق وإمبابة، بمشاركة محافظ الجيزة دكتور على عبد الرحمن وعدد من قيادات الأمن بالمحافظة، والنائبين البرلمانيين السابقين محمد أبو حامد، وإيهاب رمزى، والدكتور محمود العلايلى ومنى منير عضوى الهيئة العليا لحزب المصريين الأحرار، والناشط القبطى نجيب جبرائيل.
وخلال الفترة التى طال فيها انتظار نحو 3 آلاف قبطى انتظار الجثامين للصلاة عليها حاولت الكنيسة تهدئة ثورتهم بترتيل ترانيم بلا انقطاع منها «أنا عايزك أنت يا صاحب القوات.. تشغل يمينك تعمل معجزات»، وطلبة «ارحمنا يالله مخلصنا»، وعدد من الألحان الجنائزية التى ترتل خلال فترة أسبوع الآلام وفى صلاة الجنازة.
عندما دخلت جثامين الضحايا الكنيسة خرجت أصوات الأقباط تهتف «يا رب»، «بالروح بالدم نفديك يا صليب»، ولمحاولة تهدئتهم بدأ الأنبا رافائيل تلاوة قانون الإيمان المسيحى، ومعروف فى تاريخ الكنيسة القبطية أن شهداء الكنيسة كانوا يتلونه عند قطع رؤوسهم فى عهد الإمبراطورية الرومانية الوثنى، والصلاة الربانية، وهى الوحيدة التى قالها السيد المسيح «أبانا الذى فى السموات» وصلاة «فنشكر صانع الخيرات».
خلال كلمته بصلاة الجنازة قدم الأنبا يوحنا أسقف الوراق الشكر للمسؤولين، وهو نفس ما وقع فيه الأنبا يؤانس فى جنازة ضحايا القديسين عندما قدم الشكر لمبارك وحكومة نظيف فكان رد فعل الناس هو السخط والهتاف ضد النظام، ولاقى الأنبا يوحنا نفس رد الفعل بهتافات «يا رب»، «عايزين حقهم.. يا نموت زيهم»، «القصاص القصاص»، لكن الأنبا يؤانس خلال كلمته تدارك الموقف وهدأ الناس.
الأنبا يؤانس وجه رسالة للسيدة العذراء «يا أم النور يا من باركتى التخوم هنا، واختلطت دماء المسلمين والمسيحيين، لأن هناك 3 مسلمين أصيبوا، تشفعى لابنك أن يحل بسلامه ويقضى على الشر والأشرار».
يؤانس وجه حديثه لأسر «الشهداء» قائلا دماؤكم غالية فى نظر الله ونظر الكنيسة، وعندما قتل (قايين) قابيل أخيه هابيل قال له الله «صوت دم أخيك يصرخ إلى من الأرض»، مضيفًا، «يصرخ ويقول: حقى فين يا رب»، فهتف شعب الكنيسة «يا رب»، ،«ارفع رأسك فوق أنت قبطى».
أسقف الخدمات أشار إلى أن الله قال لموسى فى سفر الخروج بالكتاب المقدس «أنا إله رؤوف وكثير الرحمة، لكنى لا أبرأ إبراء»، موضحًا أن حق الدماء لا يضيع عند الله، لأنها غالية جدا فى نظر الله، وغالية فى نظر الكنيسة.
يؤانس لفت إلى أن كنيسة العذراء بالوراق أخذت بركة ظهور العذراء، والآن بركة أنها «كنيسة شهداء»، مضيفًا فى «حادثة القديسين خلعت حذائى حتى لا أدوس على دماء الشهداء»، موضحًا أن «كنيستنا هى كرمة مشتهاة أمام الله تزينت بدماء الشهداء». وتابع «وإن كانوا يظنون أننا لن نذهب للكنيسة بهذا الحادثة فلن يحدث بل كنيستنا تثبت جذورها أكثر بدماء الشهداء».
أما الأنبا يوحنا فقال إن السيدة العذراء ظهرت فى هذه الكنيسة المباركة، ووحدت قلوب المسلمين والمسيحيين، وأول من شاهد الظهور هم «أخوتنا المسلمين ونعتز بمحبتهم»، مضيفًا «ويشاء الله أن تتبارك هذه الكنيسة بدماء شهداء أبرار، ومرة أخرى يجتمع مسلمون ومسيحيون بروح محبة تتحدى الظلام». موضحًا أنها كرامات أضيفت إلى هذه الكنيسة.
أسقف الوراق والجيزة أوضح أن «الله يجرح ويعصب»، مضيفًا «بقدر ما نتألم نتعزى بمحبة أخوتنا لنا وتعضيدهم لنا، ولمست بنفسى فى ليلة لم ينم فيها أحد كيف كان أخوتنا معنا فى حب وتلاحم صادق ليس رياءً ولا ادعاءً»، مشيرا إلى أن «الاستشهاد ليس لكل أحد بل لناس تستحق ونشكر الله على هذه النعمة فأصبح لنا شفعاء أطهار يصلون لأجلنا، ونشكر الله لأنه لم يحرمنا من هذه البركات».
وقدم الشكر للبابا تواضروس الذى كان يتابع دقيقة بدقيقة الأحداث، وشكر الآباء الأساقفة الأنبا آبرام مطران كرسى أورشليم لتعزيته والأنبا موسى أسقف الشباب، والأنبا رافائيل، والأنبا يؤانس والأنبا ثيؤدثيوس أسقف الجيزة والدكتور على عبد الرحمن محافظ الجيزة ومدير الأمن والقوات المسلحة لفتحها المستشفيات العسكرية لأى حالة، فغضب الناس لقائمة الشكر التى قدمها، وقاطعوه بهتاف «يا رب» و«عايزين حقهم.. يا نموت زيهم»، «القصاص القصاص».
يوحنا قال لشعب الكنيسة «اليد التى امتدت على أولادنا أمس هى نفس اليد التى امتدت على جنود الجيش وقت الإفطار فى رمضان والتى امتدت على ضباط شرطة كرداسة».