خطاب الرئيس في عيد العمال لم يتناول رأيه في تريليون و272 مليار جنيه موجودة في الصناديق الخاصة بينما يعاني أغلبية الشعب من الفقر مبارك في عيد العمال أمس الأول
إصرار الرئيس علي أن الانتخابات القادمة ستجري بنزاهة وحيادية كاملة تأكيد علي أنها مزورة بشكل كامل والواقع يخالفه ويكذبه بالفعل، إذ أنشأت وزارة الداخلية سرادقات تستقبل أو تحبس فيها المرشحين الراغبين في تقديم أوراق ترشيحهم، بينما تحتجز بإحدي حجرات المديرية القاضي المسئول عن تلقي أوراق الترشيح بعيدا عن هؤلاء المرشحين، بينما اختفت تماماً ما تسمي اللجنة العليا للانتخابات والتي سلمت قيادتها بالكامل للداخلية ضباطاً ومخبرين لإدارة شئون الانتخابات دون أن نسمع لأي من القضاة الموقرين وهم من تم اختيارهم علي أساس أنهم غير حزبيين وحياديين، أي صوت مسموع دفاعا عن كرامتهم كقضاة أولا ومسئولين عن الانتخابات ثانياً أو حتي كمصريين ثالثاً. لم نسمع صوتاً أو احتجاجاً أو عملاً يحمي سمعتهم أو ينتفضوا من أجل كرامة وجلال المسئولية الملقاة علي عاتقهم ويعلق عيها الشعب آماله في إجراء انتخابات سليمة ونزيهة بالفعل. فمن يتحدث عن الانتخابات ولجانها وعن قبول أوراق الترشيح هم لواءات الداخلية وأماكن تلقي أوراق الترشيح بمقار الداخلية وكشوف الناخبين وأسمائهم بأقسام الشرطة التابعة للداخلية ولا ندري أين اللجنة العليا للانتخابات من هذا كله ! من يجدها هي والمستشارين رئيسا أو أعضاء يعلن أين هي للشعب المصري وجزاه الله خيراً . وأري أنه من الأفضل لهم والأكرم أن يتقدموا باستقالاتهم فلا حاجة لمن كان عنده كرامة أو وطنية أن يلعب هذا الدور ليسهل للآخرين تزوير إرادة الأمة والاستيلاء عليها. أما الاعتماد علي تقديم الشكاوي وانتظار الأحكام فهي وإن كانت وسيلة قانونية إلا أنها غير فعالة في بلادنا التي لا يحترم المسئولون فيها أحكام القضاء، وأرجو ألا يؤكد السيد الرئيس أنه وحكومته يحترمون أحكام القضاء- بأمارة إيه؟- حيث هناك آلاف الأحكام القضائية النهائية في انتخابات المحليات وغيرها أطاحت بها الحكومة ولم تلق لها بالا أو احتراما! بعد 30 سنة من حكم الرئيس يخرج علينا سيادته طالبا اقتراحات لعلاج المشاكل التي سببتها إدارته للبلاد خلال تلك المدة وأعتقد أن أول الاقتراحات معروف بالتأكيد وهو أن يرحل سيادته ومعه من حوله أولاً ممن تسبب في هذه المشاكل وبعدها ستحل المشاكل تلقائيا ودون معاناة وفي أقل وقت. المشكلة في الفاسدين الذين يتولون إدارة البلاد فيما يبدو أن الرئيس ترك لهم الحبل علي الغارب وأصبح غير قادر بالفعل- نتيجة السن والشيخوخة والمرض والاعتياد بطول المدة- علي اتخاذ قرارات حقيقية فاعلة وهذا واضح جداً إذ إن ما يقوله الرئيس ويسمعه المواطنون يختلف 100% عن أرض الواقع الذي يراه المواطنون! فمن سيصدقون؟! إن قيادة طائرة تحتاج إلي شروط وصلاحية محددة لمن يقودها فهل شروط قيادة وطن أقل من قيادة طائرة؟ في عيد ميلاد الرئيس تحتاج طائرة الوطن إلي هبوط آمن بعد أن ظننا أنها ظلت تحلق عشوائيا لمدة 30 سنة وأنها تحلق إلي غد أفضل أو مستقبل مشرق، فإذا بنا نكتشف أن التحليق كان مزيفا وكأننا نركب سيميلاتور في مدينة الملاهي والحقيقة المؤسفة والصادمة أن الطائرة رابضة علي الأرض حتي أصابها الصدأ والتلف كتلك الطائرات التي أخفاها صدام تحت الرمال محاولا إخفاءها عن أعين الأمريكان فلما تم اكتشافها كانت لا تصلح حتي كخردة، وهذا حال الوطن اليوم بعد حكم الرئيس 30 سنة تحت الطوارئ ويعاونه فاسدون، تم خلالها ليس فقط تدمير الوطن وبنيته الأساسية بل تم تدمير المواطن المصري نفسه للأسف الشديد. ألم يلحظ الرئيس أن هشام طلعت مصطفي الصادر ضده حكم إعدام يتم استئنافه الآن مازال عضوا بمجلس الشوري ولم تسقط عضويته بعد وأيضاً ما زال عضوا بلجنة السياسات التي يرأسها نجله؟! ألم يلحظ الرئيس أن رشوة مرسيدس لأحد كبار رجاله لم تقم حكومته بأي إجراء لمحاولة إبراء ذمتها منها؟! ألم يلحظ الرئيس أن الدعم الذي يحصل عليه عدد محدود من كبار رجال الأعمال المتنفذين والمتصلين بأهل الحكم يصل إلي خمسة أضعاف ما يحصل عليه دعم الزراعة للفلاحين بمصر كلها وأكثر من عشرين ضعف دعم الصعيد والنهوض بخدماته ودعم التنمية به؟! ألم يلحظ الرئيس أن نوابه بمجلسي الشعب والشوري سرقوا ونهبوا أموال نفقة الدولة المخصصة للفقراء ولم يتم اتخاذ أي إجراء معهم بل يتم حمايتهم الآن اعتمادا علي أن مجلس الشعب قارب علي إنهاء مدته؟! ألم يلحظ الرئيس عقوبة اللوم التي وقعت علي نائب الرصاص في فضيحة يتحدث بها العالم كله؟! ألم يسمع الرئيس عن عشرات الرهائن المختطفين في سجونه ومعتقلاته ولا يدري أحد عنهم شيئا، ومنهم الطالب طارق خضر الذي اختطفته الشرطة وقت الظهر من ساحة الكلية التي يدرس بها؟! ألم يسمع الرئيس عن الأستاذ الدكتور النائب السابق جمال حشمت والذي تم إلقاء القبض عليه من سيارته في أحد الأكمنة وكأنه مجرم خطير معتاد الإجرام؟! ألم يقرأ الرئيس عن السيد براون رئيس وزراء إنجلترا الذي ذهب يسترضي مواطنة إنجليزية لمدة 45 دقيقة لأنه أخطأ في حقها بعد مكالمة تليفونية معها استمرت بالخطأ علي الهواء وسمعها العالم أجمع، وفي ذات الوقت الذي كان التليفزيون المصري يحتفل فيه بعيد ميلادكم الثاني والثمانين ويستعرض فيه تاريخكم، ومن ضمن ما تم عرضه لقاؤكم التاريخي بالمواطن المصري إياه بكوخ علي شاطئ نيل المنيا، ثم كانت الفضيحة التي تحدث بها العالم.. الكوخ مزور والمواطن أيضا مزور وتبين أنه يعمل بالشرطة، وبالتالي كانت الانتخابات أيضا بالتأكيد مزورة ! خطب الرئيس في عيد العمال ولم يقل لنا رأيه في التريليون و272 مليار جنيه التي تتخم بها الصناديق الخاصة- كما أفاد الجهاز المركزي للمحاسبات- بينما يعاني الملايين من أبناء الشعب شظف العيش تحت خط الفقر. إن موسم الانتخابات في كل بلاد الدنيا المحترمة موسم لتبادل الأفكار واختيار السياسات، بينما في بلادنا فإنها موسم للتهديد والبطش والاعتقالات للمعارضين وتمتلئ السجون بالآلاف من رجال مصر الشرفاء من جميع الاتجاهات ليخلوا الجو لتزوير الحزب الحاكم الذي يرأسه الرئيس والذي لا يمل من أن يصرح في كل مرة بأن الانتخابات القادمة سليمة ونزيهة و ... و... إن القول بأن الانتخابات ستتم بنزاهة وشفافية وحيادية هي نكتة قديمة بل سخيفة. نريد أن نري انتخابات سليمة بالفعل، ووقتها سنكون أول المهنئين لمن يجري مثل تلك الانتخابات. نهنئه بالوطنية الحقيقية وأنه يحب بلده بالأفعال لا بالأقوال. ولا ندري من سيكون هذا البطل الحقيقي؟! انتخابات الشوري الحالية هي المقياس الحقيقي علي جدية الرغبة في التغيير فتعالوا جميعا لنغير معاً.