حتى لا ندفن رؤوسنا في الرمال، ولكي لا نفعل فعل الجبناء، فنتحاشى مواجهة الحقيقة، كونها مفزعة مخيفة، علينا أن نقر بأن مصر، فوق فوهة بركان، يتأهب للانفجار في أية لحظة. تصريحات مجاذيب الإخوان، وهرطقات شيوخ الدم والترهيب، تكشف عن أن "الطبخة المسمومة" جاهزة، ومن الممكن دسها لمصر، دون أن يرتعش لهم جفن، أو يساورهم شعور بتأنيب الضمير.. فمثل هؤلاء لا يفقهون حرفًا واحدًا، من أبجدية الضمير، أو أبجدية الوطنية.
في اعتصام رابعة العدوية، وبعد أن قرر قيادات الإخوان، بناء "جدار عازل" لفصلهم عن المصريين، خلف أسوار ما يشبه "الجيتو اليهودي"، تتصاعد نبرة عدائية، يومًا تلو يوم، وساعة بعد ساعة، إزاء كل ما هو مصري، فالجيش خائن وعميل، والملايين الذين خرجوا، لإسقاط دولة الفاشية "الثيوقراطية"، هم من الأقباط، الذين حركتهم الكنيسة، لكراهيتها الإسلام، وحملة "تمرد" ثورة مضادة، لإعادة الناس إلى السجون، لا لشيء، إلا لأنهم يقولون: ربي الله.
الأكاذيب الإخوانية، ليست أمرًا مفاجئًا، ولا تثير الدهشة، فالجماعة تسبح منذ نشأتها، في بحيرات من الأكاذيب الآسنة، ولعل قيادات مكتب الإرشاد، يعلمون يقينًا، أنهم يخوضون الحرب الأخيرة، وخروج رئيسهم معزولًا، سيفضي في نهاية الأمر، إلى عزلهم جميعًا، إن لم يكن عزلًا رسميًا قانونيًا، فشعبويًا جماهيريًا، بعد أن سقط القناع عن وجوههم الدميمة المشوهة، ومن ثم فليكن شعار الحرب: "واكذبوا بكل ما استطعتهم من خسة"!
لكن المشكلة تكمن في الأثر الخطير، لخطابهم الإرهابي، في نفوس بسطاء، حُشروا في حافلات قذرة، من كل فج عميق، بذريعة الدفاع عن الشريعة، التي لم نر منها شيئًا، على مدى سنة من حكم المعزول، باستثناء سحل المعارضين، وأخونة الدولة، والتمسح في قدمي واشنطن وتل أبيب، وأيضًا رفع الضرائب على الخمور!
إن الخطاب الديني، الذي يلبس الحق الباطل، أشبه ما يكون بعملية تنويم مغناطيسي، تسلب من البسطاء إراداتهم الفردية، وتجعل منهم كائنات متوحشة، وتفرز سفاحين، نذكر أن واحدًا منهم، قتل فرج فودة، بدعوى أنه كافر مرتد، ومنهم كذلك أميّ، لا يعرف الألف من "كوز الذرة"، حاول اغتيال نجيب محفوظ.
في ظلمات المحنة القائمة، يبدو سؤال: أين الخلاص؟ واحدًا من الأسئلة الصعبة، فقيادات الإخوان، يريدون المضي قدمًا في الجنون، وهم يسفرون عن استعدادهم فتح أبواب الجحيم، حتى يردوا للشعب الصفعة القوية التي هوت على "قفا تنظيمهم السري".
وحتى ينتقم الموتورون، فلابأس من التهتك والانحطاط، إلى حضيض التوسل إلى أسيادهم في البيت الأبيض أن يتدخلوا عسكريًا، فالمنهج كما يقول مرشدهم السابق، مهدي عاكف "طظ في مصر"، أو كما توحي تصريحات البلتاجي والعريان وسلطان والحداد وبديع، ومن لف لفهم، هو "تسقط مصر وتحيا الجماعة".
ورقة التوت الأمريكية التي تستر سوءات الجماعة، ستسقط لامحالة، وأوباما لن يتمكن مهما فعل، من إقناع الكونجرس، بالمقامرة على تنظيم فاشل، والمحيط الإقليمي صار يتقيأ الإخوان، ويبصق على وجوه ساءت، وضمائر خربت.
بعبارة أخرى، لم يعد لدى الجماعة، إلا من أوراق يلعبون بها، إلا ورقة المغرر بهم، الذين يصدقون خرافة المشروع الإسلامي، والحرب على الدين، فهؤلاء أحطاب محرقة، يراد أن تُزج مصر في أتونها.
كل ثانية تمر، وقيادات جماعة الإخوان، ينفثون سمومهم، طلقاء ينعقون، كالغربان في فضاءات الخرائب، تمثل خطرًا على مصر.. كل ثانية تمر، دون السعي لاحتواء المخدوعين من الشباب، تشكل كارثة كبرى، فكرة الثلج تتدحرج، والسرطان يستشري، فإما استئصال الورم الخبيث الآن، أو إقامة سرادق عزاء، لتشييع الأمان، في وطن، يقول عنه العزيز الحكيم، في محكم التنزيل: وادخلوا مصر آمنين.