أكثر من مائة عمل تسجيلي ما بين طويل وقصير ومتوسط عرضت خلال الدورة السادسة من هذا المهرجان.. وأقول عملاً وليس فيلماً علي اعتبار أن هناك إشكالية كبيرة في مجال الأفلام التسجيلية حول دلالة المصطلح وتعريفه وصفاته وما غير ذلك من الاصطلاحات أنا عن نفسي لدي مشكلة في الوقوف علي الفرق بين الفيلم التسجيلي والريبورتاج التليفزيوني والذي يعتبر بعد كاميرات الديجيتال والهايديفينيشن والريد هو الشكل المسيطر علي إنتاج المادة التسجيلية وعرضها وتسويقها وإحداث التأثير بها.. فقد شاهدت مثلا هذا العام العديد من المواد الفيلمية الدعائية التي تدخل تحت بند الإعلانات المصنوعة بأغراض خيرية أو إنسانية، وهي شكل مختلف تماماً عن الفيلم التسجيلي أو حتي عن الريبورتاج التليفزيوني، وأتصور أن هذا النوع من المواد الفيلمية يجب أن يكون له قسم خاص في مهرجانات الأفلام التسجيلية ويجب ألا يأخذ من نصيب مواد أخري يمكن أن تكون أكثر قرباً من روح وشكل أو غرض الفيلم التسجيلي.. ولكن مع الأخذ في الاعتبار أن شعار هذه الدورة هو تلك الكلمة الرهيبة ذات العيار الثقيل سمعياً وايحائياً (حرية) فلا يمكن إذن إلا أن ندع تلك الكلمة تقودنا للمشاهدة والتفاعل مع كل التجارب التي أخذت حريتها(علي الآخر)سواء علي مستوي الفكرة أو الشكل أو المضمون أو محاولة البحث فلقد شاهدت مثلاً فيلماً روسياً عن فكرة جهنم - بعد أن كانت روسيا هي رأس الفكر الإلحادي في العالم - وبالتحديد الجحيم في الديانات السماوية والوضعية، وفيلماً آخر عبارة عن لقاء طويل مع ابنة الديكتاتوري الروسي ستالين التي عثر عليها في أحد بيوت المسنين، بينما يتم إعادة تمثيل ذكرياتها عن والدها وحياتها في الكرملين.وإعادة بناء المشاهد أو المادة المروية أو المكتوبة تمثيلياً هو أسلوب اعتمدت عليه الكثير من الأفلام فلدينا الفيلم التركي رقصة الحب الذي أعاد تمثيل المادة التاريخية عن مولانا جلال الدين الرومي وعلاقته بشمس التبريزي.. أما المشاركة المصرية فهي ككل دورة تأتي متنوعة وجدلية فلدينا المخرج د. محمد كامل القليوبي في لجنة التحكيم ولدينا ما لا يقل عن خمسة مخرجين مصريين ما بين المستقل والحكومي والإنتاج الخاص غير المصري وأقول جدلية، لأنها تمثل نفس القضية التي أشرنا إليها في بداية الحديث حيث تشارك مصر مثلا بحلقة تليفزيونية للمخرج تامر حنفي بعنوان رسائل الحكمة عن طائفة الدروز شكلاً ومضموناً ماهي إلا حلقة في برنامج وهذا لا يعيبها، لكنه لا يضعها في مصاف فيلم جاهين علي اسم مصر للمخرجين هاني فريد وآدم بهجت وهو رغم تناوله لشخصية قتلت تناولاً في مجال البرامج والأفلام التسجيلية(صلاح جاهين) إلا أن ثمة إمكانيات فنية- ولا أقصد تقنية- ورؤية واعدة ربما تظهر بشكل أوضح عند تناول شخصيات طازجة لم نقترب منها من قبل، وهناك مشاركات أخري مثل فيلم المخرج تامر السعيد عن اغتيال بشير الجميل وهو من إنتاج هوت سبوت الإماراتية رغم أن مديريها أسعد طه هو أيضا مصري لكني للأسف لم أتمكن من مشاهدته نتيجة زحمة جدول العروض وتعارض بل وتضارب مواعيدها طوال أيام المهرجان الثلاثة، بل إنني تعجبت لماذا الإصرار علي بدء العروض في اليوم التالي للافتتاح، مما يضغط الوقت، ويضيع يوم بأكمله هو يوم الافتتاح في مراسم تعارف تقليدية وغير مجدية، وكان الأولي مع قلة عدد أيام المهرجان (من 19 إلي 22) أن تبدأ العروض فعلياً يوم 19 وليس يوم 20 .