على عكس ما اعتاده، وصل السفير الأمريكي إلى قصر الرياسة منتفخ الأوداج، ودخل مكتب الرئيس مشدود القامة، ومدَّ يده يصافح الرئيس، قائلاً: - يسعدني أن أبلغك في البداية تحيات الرئيس الأمريكي، يا سيادة الرئيس. تجاهل رئيس الجمهورية اليد الممدودة إليه، وهو يقول في صرامة: - أقماركم الصناعية رصدت ما يحدث في (سيناء) بالتأكيد. رفع السفير رأسه، وأعاد يده إلى جواره، وهو يجيب: - أمر طبيعي. سأله الرئيس في صرامة، دون أن يدعوه للجلوس: - أي أمر هو الطبيعي... ما يحدث في (سيناء)، أم رصد أقماركم الصناعية له؟!.. صمت السفير لحظات، قبل أن يجيب، وهو يضغط كل حرف من حروف كلماته: - ربما كليهما. رددَّ الرئيس في غضب: - ربما؟!.. اكتسب صوت السفير بعض الصرامة، وهو يقول: - أقمارنا الصناعية تراقب المنطقة كلها طوال الوقت؛ باعتبارها من أكثر المناطق سخونة في العالم، والإسرائيليون، عندما يهاجمون، فهم يحاولون دوماً حماية حدودهم، و... قاطعه الرئيس بضربة قوية من قبضته على سطح مكتبه، قبل أن يهتف في غضب شديد: - كفى. تراجع السفير في دهشة مصدومة، وحدَّق في الرئيس، الذي واصل بنفس الغضب: - لسنا هنا أمام مؤتمر صحفي، حتى تتلاعب على هذا النحو... كلانا يعرف جيداً حقيقة ما يحدث هناك... في (سيناء).... الإسرائيليون لا يهاجمون لحماية حدودهم... وعلى الرغم من اتفاقية السلام، بيننا وبينهم؛ فجيشنا مستعد دوماً لصد هجومهم، والتعامل معهم، على نحو مناسب، وأنتم تعلمون أن ما حدث عام 1967م، لا يمكن أن يتكرَّر أبداً.. انعقد حاجبا السفير الأمريكي، وهو يقول في عصبية: - لماذا إذن يهاجم الإسرائيليون في رأيك، يا سيادة الرئيس؟!.. أجابه الرئيس في صرامة: - محاولة للضغط علينا. قال السفير في سرعة: - من أجل ماذا؟!.. تراجع الرئيس في مقعده، وهو يقول بنفس الصرامة: - من أجل ما تزعمونه، عن وجود مركبة فضائية غير أرضية هنا. صمت السفير لحظات، ثم قال في بطء: - ما نزعمه، أم ما رصدناه يا سيادة الرئيس؟!.. عاد الرئيس يضرب سطح مكتبه بقبضته، وهو يقول: - أياً كان الأمر، فأنتم تدسون أنفكم في شئون داخلية.. صمت السفير لحظات أطول هذه المرة، ثم مال نحو الرئيس، وقال في حزم، يتنافى مع أصول اللياقة والدبلوماسية: - هبوط مركبة فضائية على الأرض، ليس من الشئون الداخلية يا سيادة الرئيس... إنها مسألة أمن قومي أمريكي. قال الرئيس في صرامة غاضبة: - وماذا عن الأمن القومي المصري؟!.. اعتدل السفير بحركة حادة، وقال في صرامة: - أظنكم تتعرضون لهجوم إسرائيلي، يهدد أمنكم القومي يا سيادة الرئيس. قال الرئيس صارماً: - وأنتم تستطيعون إيقاف هذا الهجوم. هزّ السفير كتفيه، وقال في ثقة: - ليس لديّ أدنى شك في هذا يا سيادة الرئيس. قال الرئيس: - والثمن طبعاً أن نسلمكم تلك المركبة الفضائية؟!.. أجابه في سرعة وحزم: - والكائنات التي كانت داخلها. بدا الرئيس أكثر غضباً، وهو يقول: - وماذا لو رفضنا... رسمياً؟!.. أجابه السفير في صلف: - سيتعرض أمنكم القومي للخطر. قال الرئيس في صرامة شديدة: - وماذا عن السيادة؟!.. رددَّ السفير في حذر، وكأنه لم يفهم ما تعنيه الكلمة: - السيادة؟!..
أصدرت أوامري للجيش بالالتحام مع الإسرائيليين فوراً نهض الرئيس بحركة حادة، وقال بمنتهى الصرامة: - سيادتنا على أرضنا أيها السفير.... أمننا القومي نحن أهل لحمايته والذود عنه، وسيادتنا هي أساس وجودنا، ولن نسمح لأية قوى، مهما كانت، أن تهددها... لو أراد الإسرائيليون الحرب، فهي الحرب.... سنخوضها بكل قوتنا، وكل قطرة دم في عروقنا، وسندافع عن وجودنا وكياننا وسيادتنا على أرضنا، مهما كان الثمن.... أنتم والإسرائيليون فقط ستخسرون. أنتم ستخسرون حليفاً قوياً، وهم سيخسرون اتفاقية سلام، ساعدتهم على الاستقرار لسنوات.... فلتكن الحرب أيها السفير.... أبلغ رئيس الولاياتالمتحدة بهذا... وليندم الخاسرون في النهاية... احتقن وجه السفير، وهو يقول في عصبية: - أهذا جواب نهائي؟!.. شدَّ الرئيس قامته، وعقد كفيه خلف ظهره، وهو يقول في صرامة شديدة، وحزم بلا حدود: - دون ذرة من التردد. ازداد احتقان وجه السفير، على نحو يوحي بأنه قد تلقى جواباً يخالف كل ما توقَّع الحصول عليه، وتراجع وهو يقول، في صوت محتقن كوجهه: - سأخبر الرئيس بهذا.... فوراً. ظلًّ الرئيس على وقفته، حتى غادر السفير الأمريكي المكان، ثم التفت إلى باب جانبي، مغمغماً: - لقد سمعت كل شيء. خرج مدير المخابرات من خلف الباب، وهو يغمغم في قلق: - هذا ما توقعناه يا سيادة الرئيس. أومأ الرئيس برأسه، قائلاً: - لهذا أصدرت أوامري للجيش، بالالتحام مع الإسرائيليين فوراً. صمت مدير المخابرات لحظات، ثم غمغم: - وهل تعتقد أن الأمر يستحق إشعال حرب يا سيادة الرئيس؟!.. أجابه الرئيس في حزم: - نحن ندافع عن سيادتنا على أرضنا، وليس عن مركبة أتت من الفضاء يا مدير المخابرات.. عاد مدير المخابرات إلى صمته بضع لحظات، قبل أن يهزَّ رأسه، قائلاً: - كجزء من عملنا، وضعنا أكثر من تصوَّر، عن انتهاك الإسرائيليين لاتفاقية السلام، ومبادرتهم بالهجوم، ووضعنا عدة سيناريوهات محتملة لكل تصوَّر، ولكننا في الواقع لم نتخيَّل لحظة واحدة، ذلك الذي حدث. تنهد الرئيس، قائلاً: - ومن كان يتوقعَّه؟!... ران الصمت على كليهما بعد عبارته، وطال بعض الوقت، قبل أن يقول الرئيس في حزم: - متى يصل وزير الدفاع؟!.. أجابه مدير المخابرات: - إنه في الطريق إلى هنا... كان عليه أن يتواجد في غرفة العمليات الرئيسية، فور وقوع الهجوم. صمت الرئيس لحظات أخرى، ثم قال في صرامة: - لقد كنت أعني كل كلمة قلتها للسفير.... هم الذين سيخسرون بسبب هذا. غمغم مدير المخابرات: - بالتأكيد. ثم أضاف، وهو يلتفت إلى الرئيس: - ولكن خبرتنا مع الأمريكيين، تؤكد أنهم لن يكتفوا بهذا، ولن يتوقَّفوا عن التهديد. التفت إليه الرئيس بدوره، يسأله في اهتمام وقلق: - ماذا تتوقَّع أن يفعلوا؟!.. أجابه في حزم: - عملية مخابرات. انعقد حاجبا الرئيس، وهو يقول مرددَّاً: - عملية مخابرات. واصل مدير المخابرات في حزم: - سيسعون بكل السبل، لمعرفة موقع المركبة الفضائية، ثم سيعدون خطة انتحارية للاستيلاء عليها. تساءل الرئيس: - من داخل حدودنا؟!.. أومأ مدير المخابرات برأسه إيجاباً، وقال: - ربما كان الهجوم الإسرائيلي مجرَّد تحويل انتباه، عن الهدف الفعلي، أو .... ارتفع رنين هاتفه الخاص في هذه اللحظة، فبتر عبارته، وقال: - هل تأذن لي يا سيادة الرئيس.... هذا الهاتف لا يتصل به أحد، إلا عند حدوث أمر جلل. أشار إليه الرئيس أن يجيب الهاتف؛ فالتقطه في سرعة، واستمع إلى محدَّثه في اهتمام، قبل أن ينعقد حاجباه في شدة وتوتر، سرعان ما انتقلا إلى الرئيس نفسه... هذا لأن انفعاله كان يعني أن ما يتلقاه أمر بالغ الخطورة.... إلى أقصى حد. يتبع اقرأ أيضا: أكشن: هجوم الكائنات الفضائية الإسرائيلية (12) أكشن: القادم (11) بالقوة أكشن: القادم (10) ذهول! أكشن: القادم (9) مفاجأة أكشن: القادم (8) لقاء أكشن: القادم (7) علامة استفهام أكشن: القادم( 6) حصار أكشن: القادم (5) من؟! أكشن: القادم (4) أرض غريبة أكشن: القادم (3).. مفقود أكشن: القادم (2).. الشائعة أكشن: القادم (1).. دوي