ماذا بعد النهاية إلا البداية.. انتهى الاستفتاء وكانت النتيجة كما يعرفها الجميع 20% "نعم".. 12% "لا"، وباقي النسبة وهي 68% ممتنعون عن التصويت.. نعم لو أردنا قراءة حقيقية للمشهد فسنقرؤه بهذا الشكل.. سنعرف أن أكثر من ثلثي الشعب مِمن لهم حق التصويت أحجموا عن المشاركة تماما. وسواء كانت النتيجة مرضية أم غير مرضية بالنسبة لمن قالوا "نعم" أو من قالوا "لا".. فإننا جميعا لا بد أن نعترف أن هذه هي النهاية، والتي لا بد من أن يكون وراءها بداية.. والبداية من وجهة نظري في أن يصمت كل من قال "لا" ويصبروا بعد ظهور نتيجة الاستفتاء رسمياً، ويراقبوا ما يحدث حولهم دون اعتراض أو ممانعة ولينتظروا ما سيحدث. لينتظر قائلو "لا" من الرئيس والحكومة والجمعية التي صاغت الدستور وذهب أغلبها إلى مجلس الشورى، لننتظر ونرى ما سيفعله من أقرّوا بأن هذا الدستور هو أفضل ما يكون لصالح البلاد حتى تستقر، لننتظر الاستقرار الذي أكده كل من قال "نعم"، وقالوا إن هذا هو الشيء الوحيد لمصلحة البلاد واستقرارها. على كل هؤلاء أن يبدأوا العمل فعلياً منذ اللحظة؛ لتحقيق الاستقرار؛ حتى يتأكد أصحاب "لا" أنهم كانوا مخطئين، وأنهم كان لا بد لهم من أن يقولوا "نعم".. وإلا كيف يمكن لأصحاب "نعم" إقناع أصحاب "لا" بأنهم كانوا على خطأ كما قالوا طوال فترة الاستفتاء وما قبلها؟ وأنهم هم من كانوا يرون عين الصواب.. فِعلياً الآن علينا جميعا التفكير كي تنهض البلاد، ولنحصر مشاكلنا التي كان عامل عدم الاستقرار هو محركها الأساسي. لا بد أن يعرف الرئيس والحكومة ومؤيدوهم أن جميع التقديرات الاقتصادية تقول إن مصر على شفا الإفلاس في نهاية عام 2013 هذا على الأكثر إذا استمر الوضع على ما نحن عليه. وهذا بسبب عجز حاد في الموازنة وتضخّم مفرط، والدولة لم تستطع معالجته إلى الآن، بالإضافة إلى قلة الدخل القومي. كما يوجد بمصر ما يقرب من نصف عدد السكان يعيش تحت حد الفقر، وقد آن الأوان للنظر لهؤلاء بعين الاعتبار ما دمنا قد غادرنا المرحلة الانتقالية وانتقلنا إلى مرحلة الاستقرار.
وكذلك علينا مراجعة صادرتنا ووارداتنا بشكل عملي، ففي الوقت الذي نخطط فيه لاستيراد الغاز الطبيعي ما زالت الأقاويل تؤكد أننا نصدّر المتبقي من مخزوننا الرسمي، ولا يجوز في زمن الاستقرار أن نعتمد على الأقاويل بل يجب توفير معلومات أكيدة. يجب أن يدرس القائمون على الأمور حال البورصة التي لا تستقر على حال أبدا، ناهيك عن انخفاض أعداد السائحين وهبوط الدخل الآتي من السياحة إلى أدنى مستوى، وكذلك دراسة العاملين بقطاع السياحة. أضف إلى ذلك ما هو منتظر من رفع الضرائب على 25 سلعة بعد يومين فقط من نهاية الاستفتاء كما صرح وزير المالية، وهي الإجراءات التي ستحدث لمحاولة إنقاذ ما يمكن في الاقتصاد، وفق عدد كبير من الخبراء، وهي المواد التي لا يمكن الاستغناء عنها مثل مواد البناء "الأسمنت والحديد والجبس" وهي مواد من المعروف أن زيادة أسعارها سيعمل على أزمة في البناء تنتهي بأزمة سكن جديدة فوق ما نحن فيه. "الصابون" والذي لست في حاجة إلى التحدث عنه، هو من المواد التي يعلم كل فرد في الشعب أهميته.. الأسمدة: وهي المصيبة الأكبر، فلن أقول الحلوى أو السجائر أو المياه الغازية؛ فهذه من الممكن أن نعتبرها رفاهية يمكن الاستغناء عنها، أما الأسمدة فارتفاع أسعارها سيعمل على رفع أسعار الغذاء الذي يتمثل في الخضراوات والفاكهة، وهي كارثة للمصري البسيط. وفي النهاية يجب دراسة الشائعات الصادرة عن تحويلات المصريين في الخارج، ومدخراتهم، والتي سارت الأقاويل بكونها في خطر، مما جعل البعض يحجم عن تحويل أمواله والتي تعتبر من المصادر المهمة للدخل القومي.. هذا مجرد حصر لبعض الأمور العاجلة والتي تتعلق فعليا بأزمة الاستقرار، والتي وعد كل شخص في النظام أن يتحقق فور اعتماد الدستور.. كل هذا حقيقة لا بد أن يصارحنا الرئيس مرسي وحكومته بماذا سيفعلون فيها، وكل من قرر اتخاذ "نعم" هدفا له، وعاب على من اختار "لا" بأنه يهدف لزعزعة الاستقرار في البلاد.. لا بد أن يخبرونا بما عرفوه من آلية لتنفيذ الاستقرار القادم. الحقيقة أنه سواء قلنا "نعم" أم "لا" سنواجه جميعا ما هو آت معاً، إلا أن من قال "نعم" ودافع بشراسة عنها عليه عبء تحقيق الاستقرار فعلياً، أو ليخبرنا فيم كانت كل هذه المعارك.. أما من قال "لا" فعليه الصبر والصمت كي لا يُتهموا بإيقاف عجلة الاستقرار، ثم الدعاء والابتهال إلى الله حتى تخرج مصر من هذه الأزمة الطاحنة. لقد انتهى الاستفتاء بحلوه ومُرّه وآن للمصريين أن يقطفوا ثماره.. فمتى تأتي هذه الثمار؟؟