عندما نرغب في شراء أي سلعة غالية الثمن نتمهل ونتحرّى جيدا عن أفضل الأنواع وأجودها وأقلها عيوبا، ونتجنّب التدليس؛ فما بالنا باختيار رئيس لمصرنا؟ (والتدليس لغويا هو إخفاء العيب) اصنع مصيرك ويتنافس غالبية المرشحين ومؤيّديهم والفضائيات والصحف في إخفاء عيوب من يؤيّدونهم وتضخيم عيوب من يعارضونهم، وهو ما يُضاعف مسئولية كل مصري تجاه نفسه ومستقبله ومصير كل من يحبّ؛ فاختيار الرئيس لا بد أن يتم بعناية فائقة وبإغلاق كل أبواب التدليس الكثيرة. موظف لدينا ولنبدأ بأن مصر تحتاج لرئيس "صارم" ليعيد الأمن؛ وكأن الثورة قامت لاستبدال المخلوع والعادلي بمن يماثلونهما، وكأننا مجموعة من القطعان يديرونها بالعصا. ونستحق رئيسا يعمل لدينا ويتذكّر أنه موظف، وإذا أحسن سنؤيّده وعندما يخطئ سنمنعه التمادي بالخطأ ولن ننتظر 30 عاما لنخلعه. المصالح تتحكم ومن التدليس التخويف من الخارج للترويج لمرشح معين، ونردّ بأن أمريكا وكل الدول تتعامل بلغة المصالح وستقبل بمن يختاره المصريون، ولن نقبل بأن يُدير الأمريكان والصهاينة وطننا مجددا؛ فالرئيس الذي يأتي بترحيبهم وبتعاونهم سيكون كنزا "استراتيجيا" جديدا لإسرائيل وأمريكا ومسرطنا وسارقا وناهبا جديدا لنا. فريق المخلوع ويدلسون بأن أجهزة الدولة لن تتعامل إلا مع مَن لديه خبرة بالدولة باستغفال واضح لنا، وكأنه مكتوب علينا الفلول للأبد وكأننا يجب أن نتظاهر: آسفين جدا يا جمال.. تعال بالتو والحال.. واصلح لنا الأحوال.. بعدك لن يهدأ لنا بال.. ولنثق أن أي فل لو حكم مصر -لا قدّر الله- سيستعين بنفس فريق المخلوع. تجربة عبد الناصر ولنتذكّر أن ثورة يوليو نجحت بقيادة جميع أجهزة الدولة بعد تولّيها الحكم، وصنع عبد الناصر بكفاءة نهضة صناعية بوقت قصير بعد إنهاء الملكية. ولنردّد: "اللي يكسر مجاديفي.. يحرم عليه صباحي". ولا مجال لخداعنا إما نفس النظام أو "الفوضى"؛ وهي مقولة المخلوع. احذر وتنبّه لا تصرّ على اختيارك لمرشح لو تأكدت أنه لا يستحق ثقتك، ولا تدع غيرك يقودك لاختيار مرشحك حتى لو كان شخصية عامة أو مشهورة، ولا تعتمد على مؤيّدي المرشح أو معارضيه وتابعه بلقاءاته وراقب "ثباته" الانفعالي وردوده على مَن يستفزونه، واهتمّ بمعلوماته؛ فهل يعقل أن يقول مرشح إنه زار كل مدن مصر وجميعها تشكو من اختناق المرور، وجميعنا نعلم أنها مشكلة بالقاهرة والإسكندرية فقط. وآخر يهتف أنه باستخدام التليفون سيحلّ أزماتنا ونسأله وماذا تنتظر وهو الذي ردّ على سؤال: "ماذا ستفعل إذا لم تنجح؟"، فرد: "سأتفرّغ لأسرتي"!! لمن رفضوا الثورة ولمن يكره الثورة أهمِسُ بودّ واحترام: لا تنتخب من عمل مع المخلوع بأي موقع فسيتبع منهجه بينما غير الفلول "سيضطر" لتحسين الحياة. ولا تختَر أحدا لمجرد إعادة الأمان؛ فلدينا مطالب أوسع، ولا تسمح بسرقة إرادتنا بتغيير حقيقي ليس من أجل دم الشهيد -فقط- ولكن لنحيا بعزة، ولنستفيد من إمكانات بلدنا التي يحتكرها القلة. وابحث في جوجل عن موقف مرشحك أثناء الثورة وببداياتها لتقارنه بكلامه عنها الآن حتى لو كنت ضدها وما زلت فمن يكذب على الشعب لا تتوقع منه أن يفيد الوطن. الماهر ولا تختَر مرشحا لا تقتنع به لكراهيتك لمرشح أفضل "بسبب" انتمائه الفكري؛ فإذا مرض صديقك فهل ستختار الطبيب الأفضل أم الذي تنتمي إليه فكريا؟ ومؤسسات مصر كلها مريضة وتحتاج الطبيب الماهر والأمين، والذي لا يستنزف المريض ولا تظنّ أنك ستعاقب التيار الذي تختلف معه برفض اختيار ممثله إذا كان الأصلح؛ لأنك ستحرم نفسك من الاستفادة منه. الوطني والأيدلوجي وكُنْ وطنيا وليس أيدلوجيا؛ فالأول يتمتع بالمرونة ويختار من يثق أنه الأفضل -حاليا- بغض النظر عن اختلافه معه، والثاني يرفض الأصلح ولا يهمه مصلحة مصر إذا تعارضت مع مصالح تياره السياسي. يغيّر رأيه ولا تنتخب مَن يغيّر رأيه بلقاءاته ولا من يطعن بخصومه؛ فلن يتقبّل النقد ولا مَن يغيّر رأيه عندما يحاصره المذيع فسيضيع البلد بقبوله الضغوط من مستشاريه. ولا تمنح صوتك لمن يتم الترويج له وكأنه الفائز؛ فاستطلاعات الرأي غير صادقة وبعضها يجريها نفس الذين أعلنوا أن 94% من المصريين يؤيدون مبارك. واختَر الأفضل وقلّل من فرص نجاح السيئ وحتى إذا نجح -لا قدر الله- لا تساهم بمنحه أغلبية تجعله يستبد. وأيا كان الرئيس الفائز فلنتفق -المؤيدون والمعارضون- على منع تحوّله لفرعون جديد. البرنامج وادرس البرنامج الانتخابي لتتأكّد من واقعيته وجديته بعيدا عن الشعارات. ولا تهتم بكلام الإعلاميين الذين أهانوا نبيل العربي فور شائعة ترشحه رغم مديحهم السابق له أثناء تولّيه الخارجية بحجة فشله بالجامعة العربية؛ وكأن عمرو موسى قدّم إنجازات مبهرة أثناء تولّيه الجامعة ولم يلحق بنا العار عندما اعترض أردوغان على الرئيس الصهيوني بيريز وانسحب من دافوس وهمّ موسى بالانسحاب فأشار له بان كي مون بالجلوس فاستجاب بوداعة. لا تتشاجر راقب مؤيّدي مرشحك بالمؤتمرات لتتأكد هل يستأجرهم أم يقتنعون به؟ فمن يدفع للناس لتهتف له سيأخذ من الشعب أضعاف ما دفعه. ومتى اقتنعت بمرشحك اعرضه بلطف وبودّ واحترام لكل من تعرف، وإذا رفضوه لا تتشاجر ولا تحتد فمن حقهم الاختلاف وحقك على نفسك ألا تخسر من تحب، وأن تكون عادلا ولا تحاول فرض رأيك أو الاستهزاء بمرشح غيرك فلن يقتنع بمرشحك وستخسره كإنسان. لا للسلبية لا تقاطع الانتخابات فهذه سلبية، واختر أقرب مرشح لأفكارك السياسية أو أبعد مرشح عمّا تكره من أفكار فستقلل وغيرك نسبة أصوات الفائز من التيار الذي ترفضه. وإذا وجدت تزويرا لا تصمت وقمْ بالتصوير لإثبات الحالة وحافظ على نفسك بالطبع واتصل بالصحف والفضائيات والجهات المختصة واجمع معك أكبر عدد ممكن من الشهود. المعركة الحقيقية تذكّر أن معركة الرئاسة الحقيقية ليست بين المرشحين إسلاميين وغير إسلاميين ولا بين الإسلاميين وبعضهم البعض؛ لكنها بين المرشحين الذين لا يقبلون أن يحكم المجلس العسكري من وراء ستار وبين الذين لا تشغلهم هذه المسألة كثيرًا أو يقبلون بها وبين من يريدون التقدم لمصر ومن يريدون تمزيقها مجددا. ولا تقلق من ترشح الفلول بانتخابات الرئاسة فسيسقطهم الشعب كما أسقط الفلول بالبرلمان "واستمتعنا" برؤية رسوبهم بعد إنفاق الأموال الباهظة. الشعب والأشرار ومن المواصفات المهمة للرئيس القادم أن يتذكر أن عصر الفراعنة انتهى ولن يمسك كل مقادير البلاد بيده، وأنه يعمل لدى الشعب وأن يحترمنا، ويتعاون مع رئيس الوزراء بنظام مختلط، ويعود للشعب في الأمور المصيرية ولا ينفرد بها، ويحسّن علاقتنا بكل دول العالم ومنها تركيا وإيران، ويقوم بتنويع مصادر السلاح لتحجيم النفوذ الأمريكي بمصر، ويعمل على استرداد السيادة الوطنية على كل أراضيها، ويهتم بتنمية سيناء، ويتعامل بجدية مع الملف الاقتصادي؛ فمصر ليست فقيرة وغنية بمواردها، وألا يتعامل مع العدد الكبير للمصريين وكأنه عبء؛ فهو ميزة إن تمّ استغلالها ويثق أننا لن نسمح بتقزيم مصر ثانية ويسارع بوضع مصر بالمكان والمكانة التي تستحقها. وتذكّر أهمية صوتك وأصوات كل من تعرفهم وتدبر قول أفلاطون: الثمن الذي يدفعه الطيبون. لقاء لا مبالاتهم بالشئون العامة. هو أن يحكمهم الأشرار.