"ماذا حدث؟!.. أين (جو)".... ألقت (إيناس) سؤالها في لهجة عجيبة، جمعت بين القلق والخوف والتوتر، مع شيء من الشراسة، وعلى الرغم من هذا، لم يلتفت الضابط الشاب إليها، ولم يبد حتى أنه يسمعها، وهو يغلق هاتفه، ويحدَّق أمامه في الفراغ، ووجهه يحمل كل الذهول.... وفي عنف، كررَّت (إيناس) سؤالها، فانتفض الضابط، وكأنها قد انتزعته من حلم ما، والتفت إليها في عصبية، قائلاً: - هذا لا يخص زوجك. نطقها في خشونة شديدة؛ ولكن هذا لم يوقفها، وهي تقول في عنف أكثر: - بل يخصه.... لقد كنت تتحدَّث عنه، مع.... قاطعها في حدة: - مع من؟!.. تراجعت في حركة حادة، وهي تقول: - من اتصل بك؟! انعقد حاجبا الضابط الشاب، وقال في شراسة عصبية: -قلت لك: هذا لا يخص زوجك. لم تبال (إيناس) بثورته أو شراسته؛ في حين انكمش (أشرف) و(عماد)؛ خشية رد فعله، وهي تقول في حدة: - بل يخصه... ما الذي تخفونه؟!... وما شأن محدثك بزوجي؟!.... ومن هو؟!.. قال الضابط الشاب في عصبية أكثر: - سيدَّتي.... لا يمكنك الحصول على أجوبة لأسئلتك هذه. هتفت في شبه انهيار: - لماذا؟! صرخ، وقد انفلتت أعصابه: - لأنه أمر يخص الأمن القومي. اتسعت عينا (أشرف) و(عماد)، مع سماع الكلمة، وكادا يسقطان فاقدي الوعي، من شدة الرعب، في حين تراجعت (إيناس) كالمصعوقة، وهي تغمغم بوجه وصوت شاحبين: - أمن قومي؟! بدا الضابط الشاب وكأنه نادم على ما أفلت من لسانه، فراح يهز رأسه في عصبية، هاتفاً: - غادري يا سيدتي.... أرجوك.... غادري فوراً.. كاد (أشرف) و(عماد) يعدوان خارجين، مع قوله هذا، وهتف الأول في صوت مرتجف: - أظن هذا أفضل ما يمكن فعله وغمغم (عماد)، بصوت يشارف الانهيار: - سأرحل. ولكن (إيناس) كانت أول من استعادت رباط جأشها، وهي تهتف، في عصبية شديدة: - لن يرحل أحد من هنا. كانت فرصة مثالية لأمين الشرطة، الذي نهض يقول في صرامة: - هل أطردهم سيادتك؟!.. التفت إليه الضابط الشاب بنظرة عصبية، دون أن يقول شيئاً، في حين استطردت (إيناس) بنفس العصبية: - لن يرحل أحد، حتى أعرف مصير زوجي. أشار الضابط إلى أمين الشرطة، وقال في حدة: - كل ما يمكن أن نفعله لك، هو عمل محضر رسمي، وبدء البحث، بعد مرور أربع وعشرين ساعة، و... قاطعته في حدة شديدة: - أنت تعرف... ثم انهار صوتها فجأة، وهي تضيف، في مرارة باكية: - فلماذا لا تخبرني؟!.. حملت ملامح الضابط الشاب اضطراباً واضحاَ، وهو يجيب في خفوت، أدهش الجميع بانكساره: - صدقيني يا سيدتي... لست أعلم شيئاً. اتسعت عيناها في دهشة مذعورة، وهي تقول: - وماذا عن تلك المحادثة؟!.. قلب كفيه، مجيباً: - علمت منها فقط أنه أمر يخص الأمن القومي، وهذا يعني أنه لم يعد من شأن الشرطة، بأي حال من الأحوال. سألته ذاهلة: - وما علاقة (جو) بالأمن القومي. هز رأسه في قوة، وجذب مقعداً قريباً، جلس عليه وهو يقول، في توتر شديد: - هذا ما أحاول فهمه!... فلو أنه من العناصر المعادية، أو حتى من المتطرفين، لصدر أمر باعتقاله، أو لتوَّلت أجهزة أمن الدولة التعامل معه.... أما الأمن القومي..... لم يكمل عبارته، ولكن الجميع فهموا ما يعنيه، فامتقع وجه (إيناس) في شدة، وغمغم (أشرف) مذعوراً: - أهو جاسوس؟!.. وهتف (عماد) في خفوت، وهو يتراجع إلى الخلف في توتر: - سأرحل ولكن الضابط الشاب أجاب بنفس الحيرة المتوترة: - ليس جاسوساً بالتأكيد. سأله (أشرف)، في صوت شاحب: - ولم لا؟! أشار بيده، قائلاً: - لو أنه كذلك، لألقوا القبض عليه في منزله، ولبحثوا عن أدلة اتهام.... إنهم دوماً يفعلون هذا. رفع (أشرف) سبابته، وقال بنفس الشحوب: - ربما أرادوا أن.... التفتت إليه (إيناس) بحركة حادة، وقاطعته في عصبية: - شكراً على ثقتك في (جو) يا (أشرف). انكمش أمام نظراتها الغاضبة، وهمس في توتر: - لماذا يسعى الأمن القومي خلفه إذن. بدت(إيناس) شديدة التوتر، وهي تقول: - ربما بسبب ما رآه. كل ما يمكن أن نفعله هو عمل محضر رسمي وبدء البحث التفت الجميع بأبصارهم المتوترة إليها، حتى أمين الشرطة، فأضافت في صوت شديد الارتجاف: - ذلك الطبق الطائر.... اتسعت العيون، وارتجفت الأجساد، وحدَّق فيها الكل، وأمين الشرطة يتراجع، قائلاً: - سلام قول من رب رحيم... تابعت هي في عصبية، وبنفس الصوت المرتجف: - هو أخبرني.... (جو) قال هذا.... الحكومات تحاول دوماً إخفاء مثل هذه الأمور، حتى لا تثير فزع العامة، أو حتى تحتفظ لنفسها بأية تكنولوجيا مفيدة، قد تجدها هناك. غمغم الضابط الشاب ذاهلاً: - هناك أين؟!.. أجابته؛ مشيرة بسبابتها المرتجفة: - حيث سقط ذلك الطبق الطائر.... لقد رأى (جو) المقاتلات تطارده في ذلك الصباح... عندما دوت الفرقعات القوية.... هل تصدقون أن طائرة سقطت هنا، تستحق كل ما فعلوه؟!... أنه ذلك الطبق الطائر.. نهض الضابط الشاب، قائلاً في توتر: - سيدتي.... أرجوك. تراجعت مبتعدة عن يده، وهي تصرخ في عصبية: - لقد أخذوا (جو)؛ لأنه رأى ما لا يريدون أن يعلم به أحد... أنا واثقة من هذا. كان الضابط الشاب يهم بقول شيء ما، عندما جاء من مدخل المكان صوت صارم، يقول: - لا تكوني بهذه الثقة يا سيدتي. التفت الكل إلى مصدر الصوت، ووقع بصرهم على رجل قوى البنية، متين البنيان، يرتدي حلة كاملة ورباط عنق، على الرغم من دفء الجو، ويخفي عينيه خلف منظار داكن، لم يتناسب مع دخوله إلى المكان.... وفي صرامة عصبية، سأله الضابط الشاب: - من أنت بالضبط؟!.. أجابه الرجل في هدوء: - أظنهم أخبروك منذ قليل، أنني قادم إليك. امتقع وجه الضابط الشاب، واعتدل في وقفة عسكرية، قائلاً: - سيدي. لم يلتفت إليه الرجل، وهو يدير عينيه إلى (إيناس)، التي هتفت، في شيء من الشراسة: - أين زوجي؟!... أين (جو)؟!.. تجاهل الرجل سؤالها تماماً، وهو يتفحص الموجودين، متسائلاً بنفس ذلك الهدوء: - من غيركم هنا؟!... أجابه أمين الشرطة في سرعة: - نحن فقط... مازلنا في أول النهار، و.... قاطعه في صرامة: - أعدّ أوراقك، فسيأتي زميل لك ؛ ليتسلم العمل هنا، بعد عشر دقائق. اتسعت عينا أمين الشرطة، وهو يقول: - ولكن... قاطعه الرجل بإشارة من يده، وهو يلتفت إلى الضابط الشاب، قائلاُ: - هذا ينطبق عليك أيضاً. هتف (عماد) في ذعر، في نفس اللحظة التي اتسعت فيها الضابط الشاب دهشة: - سأرحل. التفت إليه الرجل في حركة حادة صارمة، قائلاً: - لن يرحل أحد. ظهر عدد من الرجال، يرتدون زياً مماثلاً، عند مدخل نقطة الشرطة، وهو يضيف، في صرامة شديدة: - نحن مضطرون لاحتجازكم جميعاً... بلا استثناء. وشهقت (إيناس) في قوة، واتسعت عينا الضابط الشاب أكثر، وكاد (أشرف) و( عماد) بفقدان وعيهما، في حين سقط أمين الشرطة بالفعل، على مقعد قريب... فقد كانت المفاجأة مفزعة... إلى أقصى حد... يُتبع أكشن: القادم (1).. دوي أكشن: القادم (2).. الشائعة أكشن: القادم (3).. مفقود أكشن: القادم (4) أرض غريبة...