أنا شاب مصري متزوج وعندي طفلين وأعول أمي وأبي أيضا؛ لأننا ليس لدينا أي دخل ثابت من أي جهة، وكنا نعيش من إيراد محل كنت فاتحه، وبعد الثورة كانت الحالة الاقتصادية سيئة فأفلس المحل؛ لإنه كان عليّ التزامات وأقساط وقروض لازم أسددها كل شهر.. والمحل الآن أتقفل وماعدش لينا أي دخل. نزلت دورت على شغل وكان أكتر راتب لقيته600 جنيه بس هادفع منهم 300 أقساط و700 قرض و 100 كهرباء ومياه، غير مصاريفي أنا وأهلي وزوجتي وأولادي. ولما اشتددت بى الضيق أصابتني حالة اكتئاب شديدة؛ خاصة بعد أن أخد أبو زوجتي أولادي وزوجتي عنده، وقال لي إني ماباعرفش أأكلهم وظل يقول للناس كلها، وأنا من طبعي إني شديد الحياء، وقال على أهلي إنهم مش لاقين ياكلوا، وكل يوم أخو مراتي ياخد مراتي وأولادي وبيفسحهم بعربيته؛ علشان يخليهم مايفكروش فيّ؛ لدرجة إني وأنا ماشي لاقيت ابني واقف على باب بيتهم، فقلت له: "تعالى يا حبيبي أنا بابا"، قال لي: "لا.. خالوا بيقول إنك وحش"، قلت له: "أنا وحش ليه؟"، قال لي: "علشان أنت مابتودنيش الجنينة، ولا بتجيب لي لعب، إنما خالو بيجيب لي كل حاجة، أنا ماعدتش جاي عندك"، وكرهوا أولادي فيّ. حتى أنا بقالي شهرين ماشوفتهمش وساءت حالتي النفسية؛ وأقفلت عليّ باب شقتي وماعدتش باكلم حد ولا بانزل الشارع، وبافكر في الانتحار، زي ما فكرت قبل كده إني أبيع كليتي.. وحسبي الله ونعم الوكيل. nadia الصديق العزيز.. كم أحزنتني رسالتك؛ ولكن ما يحزنني أكثر هو طريقتك في التفكير في حل مشكلاتك، سواء بالانتحار أو ببيع كليتك، واعذرني إن قلت لك إنك تتخذ أسهل الطرق لحل مشكلتك، ولا تحاول بذل أي مجهود لتجاوز تلك الأزمة التي تمر بها.
لا بد أن تدرك جيدا أنه ما أوجد الله داء إلا وخلق له الدواء، وما من مشكلة إلا ولها حل بإذن الله؛ ولكن علينا أن نسعى ونثابر ونجتهد للوصول لذلك الحل، وطبعا لا ننسى الدعاء لله؛ ولا تنسى أن الله لا يبتلي إلا عباده المؤمنين؛ ليختبر صبرهم وإيمانهم به؛ لذا عليك أن تصبر وتحمد الله على السراء والضرّاء، بدلا من أن تفكّر في الانتحار.
والآن لا بد أن تبدأ في حلول عملية لمشكلاتك المادية أو العائلية، وصدّقني ما أن تبدأ في اتخاذ خطوات عملية جديّة ستجد أزماتك انتهت واحدة تلو الأخرى.
ومبدئيا عليك أن تقبل بأي فرصة عمل تجدها؛ حتى لو كان الراتب لن يكفي احتياجاتك؛ ولكنه سيكون أفضل لك من أن تظل بلا عمل، ويمكنك أيضا أن تعاود فتح محلك مرة أخرى، ويمكنك أن تغيّر نشاطه لو كنت تشعر أن النشاط القديم لم يعد يواءم ظروف الفترة الحالية، ويمكنك أن تبيع فيه بعض مواد البقالة.
أما بالنسبة للقرض فيمكنك أن تتفاهم مع البنك لتقليل قيمة القسط، واعتقد أن ذلك ممكنا؛ لأنها فترة صعبة على الجميع، وسيكون أفضل للبنك أن تسدد قيمة القرض على فترة طويلة من أن لا تسدده من الأساس.
والآن نأتي لأهم جزء في المشكلة، وهي زوجتك وأولادك، وموقف أهل زوجتك غير المنطقي، والذي لا استوعبه حقا، فما مصلحتهم في إبعاد أولادك عنك مهما كانت ظروفك.
فالوضع الطبيعي في ظرف مثل ظرفك أن يعرض عليك حماك المساعدة؛ ما دام أنه على أي حال من الأحوال يصرف على أولادك، فكان من باب أولى أن يفعل ذلك مجاملة لك دون أن يأخذ أولادك وزوجتك ويحرمك منهم، كما أنني لا أفهم موقف زوجتك، كيف استطاعت أن تتخلى عنك بهذه البساطة.
بالتأكيد هناك حلقة مفقودة في هذا الجانب الذي حكيّته؛ ولكن على أية حال يمكنك أن تلجأ لوسيط وتحكي له على موقفهم منك ليتوسّط بينك وبينهم، ويساعدك في إيجاد حل؛ ولكن نصيحة لك حاول أن تراجع نفسك أولا؛ لتعرف ما فعلته مع أهل زوجتك أو مع زوجتك جعلهم يتّخذون ذلك الموقف منك.
أعرف جيدا أن حل مشكلاتك ليس بسيطا أو سهلا؛ ولكن ابدأ واجعل توكلك على الله سبحانه وتعالى، واقترب منه وأكثر من الصلاة والدعاء له ليفك عنك كربك، وصدّقني مع السعي والاجتهاد والدعاء ستتخطى كل العقبات بإذن الله.
أتمنى من الله أن أكون قد ساعدتك ولو قليلا في حل مشكلاتك.. ومع خالص دعائي لك بالتوفيق.