منذ أن بدأت القناة الدمعية لدى طفلي الأول عملها وأنا أجمع دموعه في زجاجة ,يتهمني زوجي بالجنون, أمي أيضا تتهمني بالجنون. كان بكاء طفلي في اعوامه الأولى كيرا ولأسباب تنحصر في الجوع والبلل والمرض, وأنا لا اتكاسل عن ملئ الزجاجات....
ومع الأيامتزداد الموسيقى المنبعة من المذياع حزنا, وتزداد الصورة المعلقة في الصالة عبوسا.
كبر طفلي وتنوعت أسباب دموعهو بكى لما رفض ابوه ان يذهب به للملاهي لضيق ذات اليد, بكى لما كسرت لعبته التي ادخر واله من مرتبه ليشتريها له, بكى لما شتمه المدرس لأنه رفض أن يدفع رسوم تزيين الفصل, وأنا املأ الزجاجات باهتمام والمذياع يزداد حزنا والصورة تزداد عبوسا.
بكى لما رأى شرطيا يصفع رجلا على وجهه امام الناس, بكى لما رأى في المترو امرأة مسنة واقفة علي قدميها اللتان هدهما الزمان دون ان يقوم لها أحد, وتمنى لو كان جلسا حتى يقوم لها, بكى لما رأى في نشرة الأخبار قتلي الفلسطينيين المحاصرين في غزة.
وأنا ما زالت املأ الزجاجات والمذياع صار اشد حزنا والصورة اضحت اشد قتامة. بكى لما أحب, بكىلما رفضه ابوه لفقره.... وبكى كيرا لما خطبت لغيره.
بكى لما لم يجد عملا, بكى لما اضطر ان يعمل صبيا لمبيض محارة ( وهو جامعي), بكى لما رفضت اوراقه للسفر.
لكنه فجأة قرر ألا يبكي, لا أدري لماذا؟ ربما لأنه تعب من البكاء, أ و أنه تأكد انه لن يغير شيئا, أو تخيل شريط حياته( وهو ينظر إلى الزجاجات الكثيرة)وقال في نفسه : ماذا لو كنت ضحكت بهذه الكمية بدلا من البكاء؟
ومن يومها لم يبك. الغريب لأن صوت المذياع لم يعد حزينا, وبدأت جيوش الابتسام تغزو ملامح الصورة فعلا.
محمود أبو يوسف
التعليق: فكرة زجاجات الدموع فكرة تنم عن خيال خصب لكنها تحولت الى فكرة ذهنية مسبقة تحكمت فى النص وخاصة فى نهايته الساذجة فتحول الى موعظة.. الأخطاء اللغوية كثيرة جدا..
د. سيد البحراوي أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب، جامعة القاهرة