السلام عليكم ورحمته وبركاته.. بداية أنا أحب أشكركم على مجهودكم الرائع، وأحب أعرض عليكم مشكلتي، وأرجوكم حاولوا تساعدوني؛ لأني بجد مش عارفة أعمل إيه. أنا مشكلتي إني تعرفت على شاب وأنا في ثانوية عامة، وفضلت أحبه 4 سنين، وبعدين خانني واتجوز غيري؛ مع إني كتير كنت باقف قدام أهلي عشانه، وكتير حصلت مشكلات في البيت واتعرضت للإهانة من أهلي بسبب إني أعرفه وباكلمه؛ لأني بنت من الصعيد ولي إخوات رجالة. المشكلة بقى مش في كده، دلوقتي الحمد لله استعدت ثقتهم فيّ من جديد؛ بس طبعا هم مانسيوش؛ يعني مع أقل غلطة بيفتكروا كل شيء.. وحاليا أنا بادرس وباشتغل في شركة محترمة؛ ولكن رئيسي في الشغل مش كويس، بس أنا ماكنتش أعرف كده، وتبادلنا أرقام تليفوناتنا على أساس الشغل؛ لكنه مع المكالمة الأولى بدأ يكلمني بطريقة غريبة؛ مع العلم إني حاليا مرتبطة، وبحب الشاب اللي معايا وقريب هنتخطب؛ ولكن هذا الرجل بدأ يجاريني في الكلام، وأنا كمان، مش عارفة ليه سمحت له يتكلم معايا في الأمور دي. وطلب إنه يشوفني عشان نتكلم سوا، قلت له: طيب بس في مكان عام، وبرضه أنا مش عارفة ليه وافقت من الأساس؟ يمكن لأن الإنسان اللي بحبه مش مهتم بيّ بالقدر اللي أنا محتاجاه. المهم صاحب الشغل رفض وقال لي إن كل الناس عارفاه بحكم شغله، وقال لي إن عنده شقة ممكن يقابلني فيها، وقعد يحلف لي إنه مش هيقدر يعمل لي حاجة؛ خاصة لأني معاه في نفس الشغل، وأختي الكبيرة برضه معاه، وإنه مثل والدي. أنا دلوقتي مش عارفة أعمل إيه؛ لو رفضت طبعا هيضطهدني، ولو قبلت هارخص في نظر نفسي؛ وخاصة إني طول عمري في ظل إهانة أهلي ليّ ماكنتش حاسة بكسرة عين؛ لأني كنت شايفة إني بحب بجد مش قلة أدب؛ ولكن أنا لو قبلت كده يبقى بجد هاكون زبالة. طيب أعمل إيه؟ لو قلت لحد من إخواتي هاتبهدل أنا، ومش هيقولوا إني مش غلطانة ومش هيقدّروا إني جيت وقلت لهم؛ يعني لازم أحل الموضوع بنفسي. أنا بصراحة قلت لنفسي إني هانهي الكلام معاه بأدب، وهو لو كان هيقطع عيشي؛ فربنا أعلم بأني مش عايزة أعمل حاجه غلط. بس المشكلة دلوقتي فيّ؛ أنا حاسة إني خنت الإنسان اللي أنا مرتبطة بيه؛ خاصة إنه واثق فيّ جدا؛ خنته بإني قِبلت أكلم الراجل ده. farwlya صديقتي العزيزة.. لا أعتقد أنك يمكن أن تحتاري بين طريقين أحدهما واضح ومستقيم ومضيء، والآخر عبارة عن هاوية سحيقة مظلمة لا ترى عيناك مداها، وتسمعين من جهتها أصوات ذئاب مفترسة تستعد لاستقبال الفريسة فور وصولها! هل تعلمين ماذا تعني عبارة أن يقول رجل لامرأة أن عنده شقة يريد أن يقابلها فيها؟! هل تعلمين وقتها ما هي نظرته لها بالضبط؟! وهل تعتقدين أن هذه العبارة يمكن أن يقولها لفتاة أخرى جادّة ومعتزة بكرامتها جيدا وتراقب الله في تصرفاتها؛ فلا تسمح لأحد من البداية تجاوز الحدود بالشكل الذي يؤدي إلى ذلك؟! عزيزتي.. إن رئيسك في العمل وأمثاله -ممن لا يستحقون وصفهم أصلا بالرجولة- يحاولون أن يستشعروا من الفتاة ما إذا كان لديها استعداد للاقتراب منها أم لا؛ وذلك عن طريق خطوات مرسومة مرتبة؛ فإذا نجحت واحدة يُجرّبون ما بعدها، والله تعالى عندما تحدّث عنها قال: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا}؛ فلماذا لم يقل مباشرة "ولا تزنوا"؟ ذلك لأن هذا الذنب له مقدمات، إذا حدثت وتغاضى الإنسان عنها سيصبح من العسير جدا التوقف بعدها، والله قد وضّح لنا ما يصح لنا وما قد يؤذينا بداية من النظرة؛ وذلك لأنه أعلم بنا وبضعفنا، ويريدنا أن ننجو بحياتنا مما قد يُتعسها قال عز وجل: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا} حتى إن هناك مَن هم مخطوبون وبينهم قصة حب قوية ويقتربون من خطوة الزواج، وتساهلوا في هذا الأمر؛ فافترقوا بقسوة، أو حتى أتموا الموضوع؛ ولكن دون بركة؛ فعاش الشاب يُذلّ زوجته على ما فعلت، وكثرت المشكلات والجروح التي تقتل أي مشاعر بين الطرفين؛ وهكذا ينقلب الحال ويوقف ذنب الإنسان النعم والرزق الذي كان سيأتيه في وقته كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن العبد ليُحرم الرزق بالذنب يصيبه". أريدك أن تدرسي موقف رئيسك جيدا، لماذا يطلب مقابلتك من الأساس في مكان بعيد عن العمل؟ بالتأكيد ليتحدث في ما لا يخص العمل، وسيتطرق إلى أمور شخصية، وربما أسوأ منها، ولماذا رفض مقابلتك في مكان عام؟ بالتأكيد لأنه يريد فعل ما لا يستطيع فعله أمام الناس، إضافة إلى أنه يخشى على سمعته هو؛ لأنه معروف وله مركز، دون أن يفكر ولو للحظة في سمعتك أنت ومظهرك إذا ذهبتِ معه إلى شقته! هل هو يحترم قيمته ومكانته أكثر مما تُقدّرين أنت نفسك؟ وإذا كنت تخشين اضطهاده إذا رفضت؛ فهل تظنين أنك لو سمحت له بتجاوز خطوة أخرى سيكتفي بها ولن يطلب منك ما هو أكثر منها، وأنه بهذه البراءة؛ بحيث لن يفعل معك شيئا لأنه مثل والدك، ويخشى وجود أختك في نفس العمل؟ ألم يكن ذلك أجدر بأن يحترمك ولا يُعرّضك لهذه المهانة؟ ثم ما الذي سيعود عليه إذا قابلك في شقته دون تجاوزات؟ أيكتفي بالنظر إليك والتحدث مثلا؟! حتى لو لم يحدث شيء في المرة الأولى؛ فما أسهل حدوثه في المرات القادمة؛ لأن مثل هذه الشخصيات تعلم جيدا الوقت المناسب لاقتناص فريستها، وتصبر على ذلك لتحقيق مبتغاها. فإذا كنت تترقبين اضطهاده لك لأنك تتحدثين معه؛ فما بالك لو تخطيت ذلك إلى ما يجعله يمسك دليلا في يده يستطيع به أن يُدمّر حياتك للأبد، ويشوه سمعتك، ويُذلك به، ويستخدمه لابتزازك ليصل إليك. عزيزتي.. أنت بنفسك تعلمين أن هذا الأمر مهين، وقد قلت بنفسك كلمة إنه "قلة أدب"، وليس علاقة حب؛ حتى علاقة الحب إذا تدخلت فيها رغبات الجسد دون وجه شرعي وعلاقة زواج؛ تكون قد تدنّت المشاعر فيها من سمو الإنسانية إلى شهوة حيوانية قتلت الاحترام والرقي الذي يحافظ على استمرارية العلاقة. أما بالنسبة لعدم اكتفائك بعلاقتك بمن ترتبطين به حاليا، وأنه غير مهتم بك بالقدر الذي تحتاجين فيه إليه؛ فإن ذلك ليس مبررا أبدا لأن ترمي نفسك بين أنياب شخص بهذه الطريقة وتؤذي حياتك كلها، ثم تخسرين بعدها كل شيء.. وعليك أن تنتبهي إلى هذه النقطة في نفسك، وألا تجعليها تقودك إلى ما فيه هلاكك؛ فإذا انشغل عنك الزوج، أو لم يهتم بك بالقدْر الذي تريدينه؛ فهل ستخونينه وقتها لأنك لا تحتملين أن تعيشي بلا اهتمام وبلا عاطفة؟! لذا عزيزتي عليك مقاومة ذلك؛ حتى تكوني مستعدة لمواجهة أحداث حياتك القادمة، وأن تكوني شخصية قوية تسير في طريقها الصحيح وتُرضي الله في كل ما تفعله حتى يعينها في كل أمورها، وتجد سعادتها الحقيقية، لا أن تضعف عند أول اختبار لها. كذلك فإن استبصارك للخطأ عليه أن ينبع من خشيتك لله وإرادتك أن تكوني إنسانة عزيزة ليست مهانة، وليس لمجرد أن ذلك فيه خيانة لشخص آخر؛ وذلك حتى تقيسي ما تفعلينه على مبادئ ثابتة وليس على بشر متغير؛ فإذا كانت نظرتك للأمور من وجهة نظر البشر فقط فستسيرين وفقا لأهوائهم وتغيراتهم التي قد تذهب بك إلى أي وجهة سليمة أو خاطئة؛ وبالتالي قد يتسبب تغير ثقتك فيهم إلى تغير ثقتك في الأمور كلها؛ فتتخبطي في حياتك؛ ولذا فإن رجوعك وحزمك ومواجهتك لرئيسك ينبغي أن تنبع من داخلك أنت ومن احترامك لنفسك وعدم خيانتها وخيانة الله الذي يراقبك في كل هفوة. وأحمد الله أنك بدأتِ تتداركين نفسك وتشعرين بأنك لا تريدين مخالفة الروح النقية بداخلك بأن تفعلي شيئا خطأ؛ لذا فاثبتي بقوة على هذا الموقف، وكوني حازمة بما يكفي حتى تغيّري الصورة الأولى -التي بناها لك رئيسك في ذهنه- بأنك سهلة، ويسهل الوصول إليك، وهو عندما يرى تلك القوة -التي سيعينك عليها الله- لن يجرؤ على تجاوز حدوده مرة أخرى، ومع التزامك واحترامك لنفسك وللعمل لن تتركي له ما يضايقك به، وإذا تعرضتِ للمضايقات تستطيعين بالحزم والأدب أن توقفيها. أما إذا أخرجك من العمل؛ فسيكون ذلك خيرا لك من كل الوجوه؛ لأنك لن تكوني أكرم من الله بأنك احترمت حدوده وهو سيكرمك بالتأكيد، وربما أغلق لك باب هذا العمل؛ حتى لا تتعرضي للأذى منه، وأبدلك آخر ترتاحين فيه.. المهم أن تتأكدي أنك لن تسعدي بحياتك السعادة الحقيقية إلا بطاعة الله؛ ولذا أتمنى أن يتعجل حبيبك بالارتباط الرسمي حتى يبارك الله في علاقتكما، وتشعري وقتها بالرضا والاهتمام الحقيقي، وسيتحقق لك وقتها الاكتفاء الذي ترغبين به، ما دمت قد التزمت بالحدود الشرعية، وهذا مصداق ما قاله جبريل عليه السلام للرسول صلى الله عليه وسلم عندما نفث في روعه: "إنه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها، وإن أبطأ عليها؛ فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تأخذوه بمعصية الله؛ فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته".