سحل المواطنين وتبادل الرشق بالحجارة بينهم وبين قوات الجيش.. كان أبرز الصور والفيديوهات التي شهدتها المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن الصور التي تصدرت صفحات الجرائد المحلية والعالمية، والموقف صار مطالبات: ما بين رحيل المجلس العسكري من قِبل المتظاهرين، والتهدئة التي تطالب بها السلطات كافة. وما بين هذا وذاك رصدت مقالات صحف اليوم (الإثنين) تطورات الأحداث بوجهة نظر كُتّابها.. في الأهرام أعرب الكاتب جابر عصفور عن حزنه على الشباب الذي يلقى حتفه كل لحظة، مدينا السلوك الوحشي -بحسب تعبيره- الذي رأى صوره الصادقة في الفتاة التي عُريت من بعض ملابسها، ويجرها جنديان من يديها وحذاء جندي يوشك أن يسحق بطنها، في امتهان لا بد أن يعيد إلى الأذهان فضيحة الكشف عن عذرية الفتيات الثائرات. ونفى وزير الثقافة الأسبق أن يكون من فعل هذا هو جيش مصر الذي حقق نصر أكتوبر المجيد، وأن يكون قادة الجيش الوطني الذي صرخنا له من أعماق قلوبنا: "الجيش والشعب إيد واحدة" هي التي تأمر بارتكاب هذه الجرائم. وأكد عصفور أنه يرى أن الشعب ومثقفيه الشرفاء حريصون على أن تبقى صورة القوات المسلحة كما هي عليه حقا، حامية الثورة وسفينة النجاة التي تقودها إلى مرفأ الدولة المدنية الوطنية الدستورية، كما يرى في اعتذار المجلس العسكري لنساء مصر أنه فعل يستحق التحية، واعتبره الخطوة الأولى في احترام حقوق الإنسان المصري. ومن جريدة الأخبار في مقال علاء عبد الهادي تحت عنوان "رحيل العسكري"؛ أشار إلى السباب الذي ينهال يوميا عبر شاشات التلفاز وعلى صفحات الجرائد فوق رأس الجيش المصري في شخص المجلس العسكري، وأولئك الذين تدوي تصريحاتهم بعدم احترام الجيش الذي لم يحمِ الثورة، والدليل سحل الفتيات والاعتداءات على المتظاهرين. بعد أن قدّم عبد الهادي فضفضته تلك التي يراها على صفحات الجرائد وشاشات التلفاز؛ تمنى أن يرحل الجيش عن مستنقع السياسة بكل ما فيه من حيل ومناورات؛ حتى يرى كيف تسير البلاد، لكن الكاتب يرى أن الجيش سيلتزم ويبقى ويحتمل حتى يؤدي رسالته على أكمل وجه. وفي نفس الجريدة يرى عيسى مرشد أن حكومة الجنزوري بالتنسيق مع المجلس الأعلى قد اتخذا خطوة واضحة وجريئة في مواجهة التحديات، وطالب الجنزوري تكاتف كل القوى للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد، مشيرا إلى الفصل بين شباب مصر النقي وهؤلاء القلة الذين يثيرون الشغب ويدمرون ما بقي من الأمان في البلاد. ويشير الكاتب إلى أنه إذا قام المجلس العسكري بتصحيح أخطائه وتضميد جراح الأحداث الماضية؛ حتى نضمن لمصر عدم السقوط إلى الهاوية، فإنه يجب على المجلس العسكري أن يفصح عن أولئك الذين يخططون لإسقاط البلاد حتى يعرف الشعب عدوه من صديقه، مؤكدا قلتهم بالداخل وكثرتهم بالخارج. وشدّد عيسى في مقاله على أن المصارحة وإزاحة الضباب عن الأحداث، وحدهما القادرين على العبور بنا من عنق الزجاجة، وإن لم نفعل ذلك سيجرنا هذا إلى كارثة، وساعتها لا نلومن إلا أنفسنا. وفي الشروق صدّر فهمي هويدي فقرة كاملة يرى فيها أن المجلس قد أخطأ حينما لم يغسل يديه من أخطائه: "لو أن المجلس العسكري غسل يديه من الأخطاء التي وقعت، وأثارت سخط الناس وغضبهم؛ لما سمعوا ما لا يرضيهم وما لا يرضينا يوم الجمعة الماضي.. لا أحب أن استعيد الهتافات التي صدرت ضدهم، ولا الجرأة التي مورست بحقهم؛ لكني أكتفي بالوصف الذي ذكرت، راجيا أن يتم التعامل مع ما جرى بحسبانه درسا وليس أزمة". وأشار هويدي إلى أنه يتفهم أن العسكريين لا يجيدون ولا يقبلون نقد الذات، وقد اعتادوا أن يصدروا الأوامر؛ لكي ينفذها المتلقون المستهدفون، مشيرا إلى أنه حين إدارة العسكر للشأن السياسي فعليهم أن يتعاملوا بمنطقها، وأن يتعلموا أن السياسي يكتسب ثقة الناس واحترامهم؛ إذا اعترف بخطئه واعتذر عنه، وأنه بذلك يكبر ولا يصغر. واختتم هويدي مقاله بقوله: "لأن المجلس العسكري مارس السياسة بلغة العسكر؛ فقد حدث العكس.. إذ بدأ محمولا على الأعناق في الميدان وانتهى مجرَّحا ومشتوما في نفس الميدان". وما زلنا مع المصري اليوم في عمود "7 أيام"؛ حيث قدّمت فاطمة ناعوت تعريفا بسيطا ب"محمد هاشم" -صاحب دار ميريت للنشر- بعد تشويه صورته واتهامه طفل بأنه كان يوزع خوذا على المتظاهرين والأطفال إبان أحداث مجلس الوزراء، بوصفه واحدا من الذين لم يبرحوا التحرير لا أيام يناير ولا بعدها، مضيفة: "للذين قد لا يعرفون مَن هو محمد هاشم الذي رموه بما يُرمى به أزلامُ النظام القديم؛ أقدّم لكم أحد أهم رموز المعارضة لحكم مبارك أيام سطوته، وأحد مؤسسي حركة "كفاية"، التي كانت أول مسمار في نعش النظام السابق". وانتقالا إلى جريدة التحرير؛ حيث استعرض عمر طاهر موقف مانويل جوزيه البسيط بارتدائه فانلة عليها صورة محمد مصطفى -الشهيد ابن رابطة الألتراس الأهلاوي- مؤكدا انتفاضته لما رآه، بالرغم من صغر الموقف وبساطته؛ فإنه سجّل موقفه ببساطة ثم عاد إلى عمله ولعب مباراته وكسبها. ووصف طاهر الانتماء الأصغر والانتماء الأكبر في أن وجهة النظر السياسية هي انتماء أصغر، والانتماء الأكبر يجب أن يكون للأرواح التي حرّم الله قتلها، وللكرامة البشرية التي إن سقطت قيمها؛ سيكون أي شخص واحد من بين الضحايا، موضحا: "انتماؤك الأصغر يجعلك تتمسك ببقاء العسكر، وهذا حقك؛ لكن انتماءك الأكبر يجب أن يجعلك ترفض بقاء أي جهة سياسية في الحكم على أنقاض آدميتك". وتعجّبت نوارة نجم في مقالها ما أورده اللواء عمارة من قول: "بيوزعوا خوذ ومولوتوف على الأطفال زي الهنود بالظبط"، وبعد تعجبها أوردت قصة محمد الحداد الذي يعمل باليومية وجاء إلى التحرير؛ لأنه يرفض "الافترا" بقوله "الافترا وحش"، وصار في النهاية مصابا بطلق ناري اخترق ظهره ونفذ من بطنه. وأوردت نوّارة قصة الحداد نصا؛ حينما سألوه عن قدومه: "الافترا وحش.. ما باعرفش أقرأ بس شُفت صورة البت اللي اتعرت، هي دي مش ممكن تبقى أختي؟ ربنا ما يرضاش بالظلم.. قلت آجي آخد لها حقها".