عامان فقط يفصلان بين اختطاف الجنرال "علي رضا عسكري" نائب وزير الدفاع الإيراني السابق والشخصية البارزة بالحرس الثوري، وبين الإعلان عن وجوده في السجون الإسرائيلية، لكن الاهتمام الإسرائيلي به لم يتوقف حتى الآن. في البداية، أعلنت كافة وسائل الإعلام الإسرائيلية- بشكل منفرد- في فبراير من عام 2007 عن اختطاف جنرال إيراني بدرجة نائب وزير الدفاع، وأحد قادة الحرس الثوري الإيراني والمسئول عن ملف الطيار الإسرائيلي المفقود رون أراد، دون معرفة مكانه، وإن تكهنت بأن الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة جورج بوش قد قامت باختطافه؛ لأن بحوزته معلومات خطيرة ومهمة عن الملف النووي الإيراني وعن وحدات الحرس الثوري الإيراني وقواته، في حين صمتت الخارجية الإيرانية لفترة من الزمن، وبعد تساؤلات وتكهنات عدة اتهمت أخيرا الموساد الإسرائيلي باختطافه.
تناقلت وقتها وسائل الإعلام العالمية خبر اختطاف الجنرال "علي عسكري"، مشيرة إلى أنه كان في زيارة لدول أوروبية وبعدها طار إلى تركيا ومنها اختُطف في مدينة إسطنبول أو فُقد أثره، واعتُقد آنذاك أنه اختطف على يد الموساد الإسرائيلي؛ لأن لديه معلومات مهمة عن البرنامج النووي الإيراني وعن الطيار الإسرائيلي المفقود رون أراد، في حين اكتفت الخارجية الإيرانية بالإعلان عن فقدان أثر الجنرال "عسكري"، ما أثار تكهنات عدة آنذاك.
ومؤخرا، وتحديدا في الخامس عشر من الشهر الجاري أعلنت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عن وجود الجنرال "علي عسكري" في السجون الإسرائيلية؛ لأن لديه المعلومات سالفة الذكر، حيث كتب "رون بن يشاي" المحلّل السياسي للصحيفة أن ثمة أقاويل تتردد عن وجود الجنرال "عسكري" في إسرائيل وهو أمر عارٍ عن الصحة؛ لأن طهران تريد اختبار رد الفعل الإسرائيلي، وأن هذا الأمر ربما يعتبر بالون اختبار من الإيرانيين بهدف معرفة المكان الحقيقي للجنرال "عسكري"، وكذا اختبار رد فعل إسرائيل حول وجود معلومات عنه مقابل الإفراج عن معلومات مهمة تتعلق بالملّاح الإسرائيلي رون أراد الذي فُقدت طائرته في لبنان في عام 1986.
كانت البداية مع صحيفة يديعوت أحرونوت التي أعلنت عن احتمال تواجد الجنرال "عسكري" في السجون الإسرائيلية وذلك يوم الاثنين الماضي، وبعدها توالت ردود الأفعال العالمية والإسرائيلية، حيث أوضحت صحيفة معاريف العبرية أن وزارة الخارجية الإسرائيلية رفضت التعقيب على خبر اختطاف الجنرال "عسكري" في عام 2007، ورفضت التعقيب أيضا على خبر تواجده بالسجون الإسرائيلية، لكن القناة السابعة الإسرائيلية كان لها رأي آخر حينما أوضحت أنه ربما يكون "عسكري" في إسرائيل بالفعل؛ لأنه كنز دفين خاصة وأنه كان نائبا لوزير الدفاع الإيراني وأحد قادة الحرس الثوري الإيراني ولديه معلومات مهمة عن الطيار أراد، وبالتالي يحق لإسرائيل معرفة مكان الجنرال "عسكري" واحتمال تواجده في إسرائيل احتمال كبير، مؤكدة أن الجنرال "عسكري" سبق وأن اختُطف على يد الموساد الإسرائيلي وجهاز المخابرات الألماني وجهاز المخابرات البريطانية أيضا، وأنه محتجز بالسجون الإسرائيلية حاليا.
الغريب أن إيران لم تعقّب على اختطاف "عسكري" إلا بعد مرور فترة من الوقت، وكذا لم تعقّب مؤخرا حينما أعلنت يديعوت أحرونوت عن احتمال تواجده في السجون الإسرائيلية، لكن يبدو أن لدى الإيرانيين قناعة أنه بالفعل قد اختُطف على يد الموساد الإسرائيلي بشكل خاص، ليس لأن لديه معلومات مهمة عن الملف النووي الإيراني فحسب، وإنما ليتأكد للعالم أن الموساد الإسرائيلي ما زال يتمتع بقوته وخبرته ومهارته الكبيرة كما عهد العالم به، خاصة وأن الجهاز قد أخفق أكثر من مرة في السنوات الأخيرة، حتى أن صحيفة هاآرتس الإسرائيلية قد ذكرت قبل أسبوع أن حزب الله اللبناني تفوق مخابراتيا وعسكريا على نظيره الموساد الإسرائيلي أثناء حرب لبنان الثانية 2006، وكذلك سجّلت حركة حماس بعض النجاحات المخابراتية أثناء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة!!