أكد رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي اليوم الثلاثاء أنه سيعمل على تشكيل حكومة تحمي العيش المشترك، وأن الخروج من الأوضاع المأزومة يتطلب خطوات استثنائية. وقال ميقاتي في كلمة له بعد تكليف رئيس الجمهورية له بتشكيل الحكومة إنه "سيشكل حكومة تحمي العيش المشترك"، وتعمل "بمسؤولية لمواجهة كل التحديات التي تواجهنا". وأشار إلى أن "الخروج من هذه الأوضاع يتطلب خطوات استثنائية لمواجهة التحديات، والأمر يتطلب تعاون جميع القيادات"، لافتا إلى أنه "سيقوم بزيارة تقليدية لرؤساء الحكومات السابقين غدا لبدء المشاورات يوم الخميس". ورأى أنه "ليس هناك من مبرر لتغييب فريق سياسي نفسه عن الانضمام الى الحكومة"، مشددا على أنه "على يقين أن الحكومة التي يتطلع لتشكيلها ستحدد من بيانها الوزاري القواعد الأساسية لسياستها، لا سيما الهم الاقتصادي والمعيشي الذي يتصدر اهتماماته". وأوضح أنه "سيبقى كما علمته طرابلس وسطيا في مواقفه وسياسته حازما لمصلحة الوطن"، مضيفا: "من أراد أن يحتكم للمؤسسات لن يرضى أبدا فوضى الشارع". وأكد أنه سيزور رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، شاكرا الحريري على رسالته التي وجهها" داعيا إلى أن "يتم التعاون لما فيه الخير". وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان قد كلف ميقاتي عصر يوم الثلاثاء بتشكيل الحكومة الجديدة التي تخلف حكومة الحريري استناداً إلى الاستشارات النيابية الملزمة. وكان الرئيس ميقاتي قد حصل بناءً على الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها رئيس الجمهورية يومي الاثنين والثلاثاء على ثمانية وستين صوتاً من أصوات النواب، بينما حصل رئيس الحكومة السابق سعد الحريري على ستين صوتاً. ومن شأن تكليف ميقاتي تشكيل حكومة جديدة أن يمنح حزب الله، حليف إيران، نفوذا أكبر في كيفية إدارة الحكومة، الأمر الذي دق ناقوس الخطر في واشنطن بالفعل. وقال أحد أنصار الحريري لوكالة الأنباء الألمانية إن ميقاتي تحدى طائفته السنية وتحالف مع المعارضة التي يقودها حزب الله لتنفيذ "انقلاب" ضد الحريري، على حد قوله. وذكر آخر من أنصار الحريري أن حزب الله لن يخيفهم بأسلحته، مشددا على أنهم لن يتوقفوا، على حد تعبيره. وكانت عدة مدن ومناطق في لبنان قد شهدت في وقت سابق من اليوم اعتصامات وتظاهرات شعبية من قبل أنصار تيار "المستقبل"، احتجاجاً على تسمية النواب لمرشح المعارضة ميقاتي ليكون رئيساً للحكومة المقبلة، لكن أنصار المعارضة لم ينزلوا إلى الشارع في أي منطقة من مناطق الإحتجاجات.
وفي إطار الدعوة إلى "يوم الغضب" التي وجّهها تيار المستقبل في لبنان، كانت جموع شعبية قد بدأت في الاحتشاد؛ يتقدّمهم مصطفى علوش -القيادي في تيار المستقبل- وعدد من نواب التيار، فنشر الجيش اللبناني تعزيزات مكثّفة في مناطق التوتر والتحرّك الشعبي، وبدأت قوات من الجيش بفتح الطرقات المقفلة بالإطارات والأحجار.
مِن جهته، كان أحمد فتفت -عضو كتلة تيار المستقبل النائب- قد وصف التحرّكات الشعبية بالسلمية؛ تعبيرا لرفض ما سمّاه انقلاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. وحمل فتفت نصر الله المسئولية الكبرى، واتهمه بأنه يريد أن يفرض على لبنان رئيسا للحكومة لا ينسجم مع الواقع، وبأنه يتصرّف وكأنه أعلى من المؤسسات ومن رئيس الجمهورية ومن الاستشارات.
ودعا فتفت المواطنين -ولا سيما في شمال لبنان- إلى التعبير عن رأيهم بشكل حضاري، وحذّر نجيب ميقاتي من أنه يتم استعماله أداة لفتنة سنية، وفقا لوكالة أنباء الشرق الأوسط.
يُذكَر أن عددا من المتظاهرين قاموا في منتصف يوم الثلاثاء بتحطيم سيارة البث الخاصة بقناة الجزيرة الإخبارية، كما أنهم حاصروا عددا مِن المراسلين الصحفيين مِن بينهم مراسلو القناة؛ وفقا لما جاء بموقع الجزيرة، على حين أكّد نجيب ميقاتي من جانبه استياءه مما حدث لطاقم الجزيرة والاعتداء عليه وعلى صحفيين آخرين.