أخذت الأحداث في لبنان أمس منحني تصعيديا مع الإعلان رسميًا عن تولي النائب نجيب الميقاتي رئاسة الحكومة المقبلة ونزول أنصار رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري إلي الشارع ضمن فعاليات «يوم الغضب» احتجاجا علي ما اعتبروه فرضا لرئيس وزراء آخر غير الحريري ووضع رئاسة الحكومة تحت الوصاية الإيرانية. وشهدت عدة مناطق لبنانية في الشمال والعاصمة بيروت نزولا مكثفا لأنصار تيار المستقبل إلي الشارع ليجدوا أنفسهم في مواجهة الجيش الذي حاول تطويق الاحتجاجات. وقطع المحتجون طريقا عاما في منطقة الجومة ببلدة تكريت اللبنانية وأشعلوا إطارات السيارات، ما اضطر الجيش إلي إطلاق أعيرة نارية في الهواء لتفريق المتظاهرين. وقالت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام، إن المحتجين رفعوا صورا للحريري والأعلام اللبنانية وأعلام تيار المستقبل والشعارات الداعمة للحريري، مطالبين بعزوف الميقاتي عن ترؤس الحكومة. ولاحت في الأفق ملامح «انتفاضة» في الشارع السني «خصوصًا» بعد تدخل لقوات الجيش اللبناني في أكثر من موقع لفتح طرقات أغلقها المتظاهرون. وفي الأثناء، اضطر الجيش لإطلاق النار في الهواء لتفريق مجموعة كبيرة من المتظاهرين الذين كانوا يحاولون اقتحام مكتب للنائب السني محمد الصفدي في «ساحة النور»، إذ بدأ اعتصام صباحا للمطالبة «بإعادة الحق إلي أصحابه»، في إشارة إلي ضرورة تولي الحريري الشخصية السنية الأكثر شعبية رئاسة الحكومة. بدوره، أعلن الصفدي تأييده لزميله الميقاتي في الاستشارات النيابية. وسمع ظهر أمس دوي طلقات نارية في منطقة الكولا في بيروت، كما قطع أنصار تيار المستقبل طريق «العبودية» الذي يربط لبنان بسورية في الشمال وطرقات بلدات وادي الجاموس وبرج العرب ودير دلوم بالإطارات المشتعلة. وفي مدينة طرابلس، أغلقت المحلات التجارية والمدارس والجامعات والبنوك التزاما بالدعوة إلي «يوم الغضب»، وتجمعت جموع شعبية في ميدان النور يتقدمهم القيادي في تيار المستقبل مصطفي علوش وعدد من نواب التيار، وأدت الاحتجاجات إلي إصابة 20 شخصاً. من جهته، وصف عضو كتلة تيار المستقبل النائب أحمد فتفت التحركات الشعبية بالسلمية تعبيرا لرفض ما سماه انقلاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. وحمل فتفت نصر الله المسئولية الكبري واتهمه بأنه يريد أن يفرض علي لبنان رئيسا للحكومة لا ينسجم مع الواقع، ويتصرف وكأنه أعلي من المؤسسات ومن رئيس الجمهورية. وحذر فتفت رئيس الوزراء الأسبق الميقاتي من أن يتم استعماله كأداة لفتنة سنية سنية. يأتي هذا فيما صدر أمس مرسوم رسمي بتكليف نجيب الميقاتي بتشكيل الحكومة، بعد حصوله علي تأييد 68 نائباً مقابل 60 لسعد الحريري . وبينما دعا ميقاتي اللبنانيين إلي الهدوء وأعلن أنه سيبدأ مشاوراته غدًا لتشكيل الحكومة ، عبر سعد الحريري عن شكره للمتضامنين معه، إلا أنه أعرب عن رفضه لكل مظاهر الشغب والخروج عن القانون. وقال الحريري في كلمة متلفزة للشعب اللبناني الغضب لا يكون بقطع الطرقات والتعدي علي حرية الآخرين مهما كانت الدوافع إلي ذلك. وعبر عن أسفه للهجوم الذي تعرضت له سيارة بث تابعة لمحطة الجزيرة الفضائية وأعمال الشغب التي اندلعت بين متظاهرين غاضبين وعناصر الجيش، وناشد الحريري أنصاره بالالتزام بأعلي درجات الهدوء والحذر والابتعاد عن «الدعوات المشبوهة». ورجحت كفة الالميقاتي، عقب تأييد رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ترشيحه، رغم انفراط عقد اللقاء بعد رفض عدد من أعضائه تسمية الميقاتي وتفضيل الحريري.