لنعترف جميعاً بأننا نفقد أياماً كثيرة، ولا نستطيع استردادها..ولإيقاف "الخسائر"، ولنصنع مكاسب رائعة نحتفل بها وتنير ثواني أيامنا وسنوات أعمارنا؛ علينا أن نكتسب مهارات الاستخدام الأفضل لكل يوم.. أهم ثواني!! فلنراقب تفكيرنا "لحظة" فتح العيون لاستقبال اليوم الجديد.. فهذه الثواني إما أن تدمر اليوم، أو تمنحه النجاح.. فهل تفكر: هذا يوم آخرُ متعِبٌ، أم سيعوضني هذا اليوم عن إحباطاتي السابقة، أو سيكون يوماً عادياً مثل سابقه، أو سأفعل كل ما في وسعي ليمضي هذا اليوم دون أزمات.. ولنتخيل إنساناً يصحو من النوم متكدراً لأنه سيسير في شارع كله مطبّات، وبالطبع سيقع فيها الواحدة تلو الأخرى، وإذا تجنّب بعضها سيكون محظوظاً، وسينتهي يومه بالإجهاد الجسماني والذهني؛ لأنه لم يستطع إنجاز ما يريده لانشغاله بالمطبّات.. وقد يصحو متخيلاً خلوّ الطريق من كافة المطبات؛ فيقفز من فراشه والأمل يملؤه، ويسارع بمغادرة منزله؛ فتستقبله المطبات ويغزوه الإحباط..
لا لسرقة النفس!! ونرى من يتوقع أنه سيحقق في يومه إنجازات هائلة تعوّضه عن تقصيره السابق، وبالطبع لن يتمكن من تعويض تقصير أيام أو أسابيع في يوم واحد؛ فيسرق نفسه، ولا يفرح بإنجازاته في هذا اليوم؛ مما يضعف مناعته النفسية وتفاؤله، ويرشحه لإنجازات أقلّ لفترات طويلة.. ونؤذي أنفسنا عندما نتعامل مع اليوم على أنه عاديّ، وتكون أعظم أحلامنا هي انتهاءه دون أزمات؛ فنحكم على أنفسنا بالإعاقة الذهنية والحرمان من اكتساب الخبرات في الحياة والتعامل بإيجابية مع المشاكل. لننتزع منها المكاسب ولنتدرب على مواجهتها لنكتسب الثقة بأنفسنا أولاً، ثم لنحقق الانتصارات –وإن كانت قليلة في بادئ الأمر- لننتعش داخلنا، وليصبح النصر صديقاً دائماً لنا، لا نرضى الابتعاد عنه؛ فإذا زارنا الفشل فنرفض إقامته ونسارع بطرده أولاً بأول.. فرص رائعة!! لنبتسم لأنفسنا بكل الحب والاحترام لحظة الاستيقاظ ونتنفس الشكر للرحمن؛ لأننا مازلنا أحياء، وأن هناك فرصاً رائعة لزيادة رصيدنا من المكاسب الدينية والدنيوية وتقليص خسائرنا فيها أيضاً.. ولنفوز بذلك أتمنى الاستيقاظ قبل الموعد بعشر دقائق، لننهض ببطء من الفراش؛ على أن نقوم بمسح الوجه بحركات لطيفة براحة اليدين قبل فتح الأعين وقراءة بعض الأدعية الدينية، مع القيام بحركات التمطي لعضلات الجسم قبل النهوض، ولا ننهض مباشرة؛ بل نستدير بلطف على أحد الجانبين وننهض ببطء ونجلس على طرف الفراش ونضع القدمان على الأرض لثوان، ثم ننهض بلطف؛ وهذه الحركات مهمّة ليستقبل جسدنا اليوم الجديد دون إزعاج.. ثم نسير ببطء ونحن نتوجه للاغتسال مع الابتسام ليفرز الجسم الهرمونات، لنفوز بيوم أفضل، مع المحافظة على الابتسام خلال ساعات اليوم، وإرخاء عضلات الوجه دائماً، ليقل الإحساس بالتوتر والإجهاد العصبي والذي يحاصرنا جميعاً ولنتجب التجاعيد المبكرة.. حب غير مشروط!! ولنقاوم الأفكار "المزعجة" التي تتقافز في وجوهنا فور الاستيقاظ، والتي "يرسلها" لنا إبليس اللعين ليفسد علينا يومنا.. مثل التفكير في المنغصات؛ سواء في العمل أو مع شركاء الحياة، أو الناحية المادية، أو إحباطات الأمس أو الخوف من الغد، وربما كل ذلك. ولنعِشْ في حدود اليوم فقط، ولنحب اليوم دون شروط مسبقة، ونحترمه لأنه جزء غال من أعمارنا، ولا نسمح بإضاعته أبداً.. وأتمنى الاستعداد لليوم من مساء الأمس بإعداد الملابس التي سنرتديها صباحاً، وكتابة ما نودّ فعله؛ سواء في العمل، أو العلاقات الإنسانية أو تطوير قدراتنا؛ فلابد أن يتضمّنها الجدول اليومي، والاهتمام بالوقود الديني بالاستمتاع بالصلاة؛ لأنها فرصة يمنحها لنا الخالق لنغتسل؛ ليس من ذنوبنا فقط؛ ولكن من سماحنا للدنيا بالسيطرة علينا. ومن يتناسى ذلك ستلتهمه الدنيا، ومن يذكّر نفسه بأنها مرحلة فقط؛ سيتمكن من السيطرة عليها لتكون له في الدنيا والآخرة وليست عليه فيهما، بعد الاستعانة بالرحمن بالطبع.. فرح وتنشيط للعقل!! وليشمل البرنامج اليومي زيارة أو مكالمة لصلة رحم لنربح الثواب الديني الرائع والدنيوي بتذكرنا أننا بشر ولسنا مجرد ماكينات لجلب النقود، وللاستمتاع بالحب غير المشروط مع صلة أرحامنا، ولتنتقل إلينا فرحتهم باهتمامنا بهم؛ فالفرح "يذيب" مضايقات الحياة التي تحاصرنا جميعاً.. ولنخصص دقائق يومية للقراءة لتنشّط العقل وتوسّع الأفق وتضاعف من قدراتنا، ومن ينساها يظلم نفسه كثيراً.. وعلينا ألا نسمح بالازدحام بالبرنامج اليومي؛ حتى لا نشعر بالإحباط في نهايته اليوم، وألا يكون خالياً مما يفيدنا؛ فخير الأمور الوسط.. مع الحرص على أخذ استراحات خلال اليوم ولو أثناء السير في الطريق أو في المواصلات من خلال إرخاء الكتفين والمباعدة بين أصابع اليدين بلطف وببطء، ثم تقربيهما، وتكرار ذلك؛ مما يمنحنا شعوراً بالراحة التي "نحتاجها" جميعاً، مع إغماض العينين كل عدة ساعات لإراحتهما ولتخفيف الإرهاق أيضاً.. إفطار وهروب ذكي!! ولا نغادر المنزل دون تناول الإفطار، ولابد من شرب كوبين من الماء قبله مع ملعقة من العسل، ولا نكثر من الطعام حتى لا نرهق أنفسنا، ولنحرص على تناول وجبات صغيرة وخفيفة خلال اليوم للحفاظ على مستوى السكّر في الدم، مع تجنب الوجبات الجاهزة والمقرمشات لأنها تضرّ بالصحة، وبالطبع لن نخاصمها للأبد؛ ولكن فلنقلل منها.. ولنتجنب الكلام السلبي؛ خاصة في الصباح، ونبتعد عمن يختارونه، ولا نحاول إقناعهم بالتغيير؛ فلن يتركوننا إلا بعد استنزاف طاقاتنا ولنكتفي "بالهروب" الذكي منهم.. صمت وتفاؤل!! ولنخصص دقائق يومياً للصمت نقضيها مع أنفسنا لإعادة شحن طاقاتنا وللتأمّل في يومنا لتحسينه ولنفرح بما أنجزناه خلاله. مع تخصيص وقتٍ يومياً للترفية المباح بالطبع؛ ولنكن لطفاء مع أنفسنا ومع الآخرين لنربح دينياً ودنيوياً، وقبل النوم لا نقسو على أنفسنا إذا لم نحقق ما تريده، ولا نبرر تقصيرنا، ولنكن وسطاً. ولنتفاءل ونبتسم ونردد دعاء النوم مع زرع الاطمئنان وحسن الظن بالرحمن بداخلنا قبل النوم لتتجدد خلايانا الجسدية وطاقاتنا الروحية والذهنية؛ لنصبح في اليوم الجديد وندعو: اللهم إنّا نسألك خير هذا اليوم؛ فتحه ونصره ونوره وبركته وهداه، ونعوذ بك من شره وشر ما قبله وشر ما بعده، ثم نغادر بيوتنا قائلين: اللهم اجعل لي نوراً أمشي به، ونحتضن النور بداخلنا ليردّ علينا بما هو أجمل دائماً..