تريد المؤسسة العامة للسينما في سوريا أن تقول، بواسطة إنتاجها للأفلام في هذه المرحلة الصعبة، تريد أن تقول إن سوريا صامدة، سوريا بوصفها النظام السياسي الحالي مُمثلاً في بشار الأسد، الذي يخوض حرباً للبقاء ويَقتل فيها بالطبع الأبرياء ككل الحروب. في “طريق النحل” توجد الرسالة نفسها، سوريا صامدة، لا يُحتمل أن تكون سوريا أي معنى آخر غير ما يقصده النظام وما يريده النظام، الفيلم الذي يشبه مسلسلات الدراما السورية قبل أن تمر بطفرة تطورها التقني الهائل قبل أعوام قليلة، لمخرجه ومؤلفه عبد اللطيف عبد الحميد ينتمي لزمن قديم جداً، زمن تتصدر فيه البطلة الأفيش بذراعين عاريين وعلى وجهها طبقة كثيفة من مساحيق التجميل تُخفي بها وجهها الحقيقي، البطلة ليلى وتلعبها “جيانا عيد” ليست أكثر من دُمية في يد صانع الفيلم، دُمية وقع عليها اختيار المُخرج الذي يريد أن يقدم فيلماً بوجه جديد، من بين دُمى أخرى أكثر إثارة للسخرية وأقل إثارة للرغبة الجنسية (والمفترض أن الفيلم يقدم فيلماً داخل الفيلم)، عموماً تتجسد ليلى التي يُفضلها المخرج على نجمة سينمائية أخرى هي سولاف فواخرجي، من كل التوقعات الذكورية الشرقية العنيدة عن المرأة، كضحية، كوحيدة وخارجة من مأساة إنسانية تستحق العطف (فقدانها للأهل في الحرب) والأهم كفريسة. وفقاً للشعار الرجعي “قوة المرأة في ضعفها” تستمد ليلى حضورها، فهي طالبة الطب التي تعيش مع شقيقها تحت نيران القذائف ومهددة بالموت كل يوم، لكنها تحافظ على أنوثتها الطاغية على مدار الساعة لأنها تعرف أن الكاميرا تُصورها، ولأنها تعرف أن الأنوثة البلاستيكية هي الكنز الذي تملكه لاصطياد الرجال، بالتأكيد نوع مُعين من الرجال، نعم إن اللعبة التي يقوم عليها فيلم “طريق النحل” هي لعبة ساخرة تقلب المعادلة بأن تجعل الفريسة هي من تطارد الصائد تغريه وتصطفيه من بين مجموعة من الرجال كفرص محتملة وجوائز، أحدهم هو رمزي الذي نراه في بداية الفيلم يمارس هواية مُختلقة هي هواية تقليد أصوات الحيوانات والطيور وما إلى ذلك، ليس عبد الطيف عبد الحميد مشغولاً بما وصلت إليه السينما في العالم من محاولات التقريب بينها وبين الواقع، لم يُجهد نفسه كي يجعلنا نصدق هذه الموهبة العجيبة، فنحن نعرف أن الصوت لا علاقة له بالصورة، وأن حكاية الموهبة رديئة الصنع سينمائياً هي كذبة من ضمن أكاذيب نُعاقب بالمرور عليها أثناء المشاهدة. الصائد الثاني هو سليم النجم السينمائي ويلعبه بيار داغر، وهو مَنْ كانت تؤدي أمامه ليلى الدور الذي اكتشفها من خلاله عبد اللطيف في الفيلم داخل الفيلم الذي يلعب فيه سليم مع ليلى دور الصائد مرّة ثانية، الشيخ المتصابي الذي يستخدم ممرضة شابة ،كي تساعده على تجاوز محنة صحية أحدثها له سقوط قذيفة (لا يجب أن ننسى أننا في الحرب)، لكن الممرضة الشابة تعرف من أين تؤكل الكتف كالمعروف عن النساء الشرقياب، لذلك تستغله بإثارته والتدلل عليه فيعود الشيخ إلى صباه ويقرر الزواج منها ومنحها أمواله الطائلة. إن الفيلم الصغير داخل الفيلم يصلح تماماً لتفسير الفكرة أو الرسالة التي لا يملك طريق النحل غيرها، مع أنه سيلجأ إلى نفيها عن نفسه آخر الفيلم، كي يُمرر ما تريد قوله المؤسسة. يقع سليم في حُب ليلى ولا يشغله فارق السن بينها وبينه، يأخذها إلى بيته ويُعرِّفها على ابنته وحفيده المشاغب وهي مُناسبَة لتقديم مجموعة من الإيحاءات الجنسية التي تناسب مشاهد ما. المهم أن المرأة الفتّاكة صار عليها الآن أن تختار بين وسامة سليم وثراءه وموهبة رمزي ورومنسيته، وفي الأثناء يظهر في طريقها صائد ثالث، عادل ذلك القريب الذي فرّ قبل أعوام من سوريا واختفى فلم تعد تسمع عنه خبراً هو عائد إلى مكالمتها عبر السكايب طالباً منها أن تترك سوريا وتلحق به إلى ألمانيا كي يبدآن حياة جديدة هناك، تُضاف إلى الجوائز المُحتملة فرصة السفر التي تهبط على رأس ليلى كمعجزة، عادل ليس رجلاً أحبّته ليلى بل هو ممر لشيء ما، مثله مثل الآخرين. الجوائز تُقدم إلى ليلى ، لأنها بعد أن صارت نجمة سينما في أفلام مخرج كبير، ظلت متمسكة بأن تكون مسلوبة الإرادة ضعيفة ومكسورة النجاح، لن تتحقق إلا إذا ارتبطت برجل ما، والرجل كما قلت من قبل لا يمثل نفسه لكنه يمثل جائزة، إن طريق النحل لا يطرح لنا أي قصص حُب عكس ما يدّعيه، إنه يخاطب المشاهد في أحط غرائزه وأدنى قيّمه، أعني المادية بالطبع، صحيح أن ليلى ستُنفذ في النهاية ما تُريده المؤسسة بزواجها من رمزي الموهوب الذي سيعيش وسيموت في سوريا، لكني شخصياً أعتقد أن لحظات من الندم ستساورها على ضياع الجائزتين، يمكن للسينما أن تُروّج لفكرة سياسية بالطبع، لدينا فيلم آيزنشتين الشهير “المدرعة بوتمكين"، لكن ذلك حدث أيام كان هناك فكرة سياسية يُروج لها وأفلام لا تنظر لنفسها بوصفها أكاذيب. تريد المؤسسة العامة للسينما في سوريا أن تقول، بواسطة إنتاجها للأفلام في هذه المرحلة الصعبة، تريد أن تقول إن سوريا صامدة، سوريا بوصفها النظام السياسي الحالي مُمثلاً في بشار الأسد، الذي يخوض حرباً للبقاء ويَقتل فيها بالطبع الأبرياء ككل الحروب. في “طريق النحل” توجد الرسالة نفسها، سوريا صامدة، لا يُحتمل أن تكون سوريا أي معنى آخر غير ما يقصده النظام وما يريده النظام، الفيلم الذي يشبه مسلسلات الدراما السورية قبل أن تمر بطفرة تطورها التقني الهائل قبل أعوام قليلة، لمخرجه ومؤلفه عبد اللطيف عبد الحميد ينتمي لزمن قديم جداً، زمن تتصدر فيه البطلة الأفيش بذراعين عاريين وعلى وجهها طبقة كثيفة من مساحيق التجميل تُخفي بها وجهها الحقيقي، البطلة ليلى وتلعبها “جيانا عيد” ليست أكثر من دُمية في يد صانع الفيلم، دُمية وقع عليها اختيار المُخرج الذي يريد أن يقدم فيلماً بوجه جديد، من بين دُمى أخرى أكثر إثارة للسخرية وأقل إثارة للرغبة الجنسية (والمفترض أن الفيلم يقدم فيلماً داخل الفيلم)، عموماً تتجسد ليلى التي يُفضلها المخرج على نجمة سينمائية أخرى هي سولاف فواخرجي، من كل التوقعات الذكورية الشرقية العنيدة عن المرأة، كضحية، كوحيدة وخارجة من مأساة إنسانية تستحق العطف (فقدانها للأهل في الحرب) والأهم كفريسة. وفقاً للشعار الرجعي “قوة المرأة في ضعفها” تستمد ليلى حضورها، فهي طالبة الطب التي تعيش مع شقيقها تحت نيران القذائف ومهددة بالموت كل يوم، لكنها تحافظ على أنوثتها الطاغية على مدار الساعة لأنها تعرف أن الكاميرا تُصورها، ولأنها تعرف أن الأنوثة البلاستيكية هي الكنز الذي تملكه لاصطياد الرجال، بالتأكيد نوع مُعين من الرجال، نعم إن اللعبة التي يقوم عليها فيلم “طريق النحل” هي لعبة ساخرة تقلب المعادلة بأن تجعل الفريسة هي من تطارد الصائد تغريه وتصطفيه من بين مجموعة من الرجال كفرص محتملة وجوائز، أحدهم هو رمزي الذي نراه في بداية الفيلم يمارس هواية مُختلقة هي هواية تقليد أصوات الحيوانات والطيور وما إلى ذلك، ليس عبد الطيف عبد الحميد مشغولاً بما وصلت إليه السينما في العالم من محاولات التقريب بينها وبين الواقع، لم يُجهد نفسه كي يجعلنا نصدق هذه الموهبة العجيبة، فنحن نعرف أن الصوت لا علاقة له بالصورة، وأن حكاية الموهبة رديئة الصنع سينمائياً هي كذبة من ضمن أكاذيب نُعاقب بالمرور عليها أثناء المشاهدة. الصائد الثاني هو سليم النجم السينمائي ويلعبه بيار داغر، وهو مَنْ كانت تؤدي أمامه ليلى الدور الذي اكتشفها من خلاله عبد اللطيف في الفيلم داخل الفيلم الذي يلعب فيه سليم مع ليلى دور الصائد مرّة ثانية، الشيخ المتصابي الذي يستخدم ممرضة شابة ،كي تساعده على تجاوز محنة صحية أحدثها له سقوط قذيفة (لا يجب أن ننسى أننا في الحرب)، لكن الممرضة الشابة تعرف من أين تؤكل الكتف كالمعروف عن النساء الشرقياب، لذلك تستغله بإثارته والتدلل عليه فيعود الشيخ إلى صباه ويقرر الزواج منها ومنحها أمواله الطائلة. إن الفيلم الصغير داخل الفيلم يصلح تماماً لتفسير الفكرة أو الرسالة التي لا يملك طريق النحل غيرها، مع أنه سيلجأ إلى نفيها عن نفسه آخر الفيلم، كي يُمرر ما تريد قوله المؤسسة. يقع سليم في حُب ليلى ولا يشغله فارق السن بينها وبينه، يأخذها إلى بيته ويُعرِّفها على ابنته وحفيده المشاغب وهي مُناسبَة لتقديم مجموعة من الإيحاءات الجنسية التي تناسب مشاهد ما. المهم أن المرأة الفتّاكة صار عليها الآن أن تختار بين وسامة سليم وثراءه وموهبة رمزي ورومنسيته، وفي الأثناء يظهر في طريقها صائد ثالث، عادل ذلك القريب الذي فرّ قبل أعوام من سوريا واختفى فلم تعد تسمع عنه خبراً هو عائد إلى مكالمتها عبر السكايب طالباً منها أن تترك سوريا وتلحق به إلى ألمانيا كي يبدآن حياة جديدة هناك، تُضاف إلى الجوائز المُحتملة فرصة السفر التي تهبط على رأس ليلى كمعجزة، عادل ليس رجلاً أحبّته ليلى بل هو ممر لشيء ما، مثله مثل الآخرين. الجوائز تُقدم إلى ليلى ، لأنها بعد أن صارت نجمة سينما في أفلام مخرج كبير، ظلت متمسكة بأن تكون مسلوبة الإرادة ضعيفة ومكسورة النجاح، لن تتحقق إلا إذا ارتبطت برجل ما، والرجل كما قلت من قبل لا يمثل نفسه لكنه يمثل جائزة، إن طريق النحل لا يطرح لنا أي قصص حُب عكس ما يدّعيه، إنه يخاطب المشاهد في أحط غرائزه وأدنى قيّمه، أعني المادية بالطبع، صحيح أن ليلى ستُنفذ في النهاية ما تُريده المؤسسة بزواجها من رمزي الموهوب الذي سيعيش وسيموت في سوريا، لكني شخصياً أعتقد أن لحظات من الندم ستساورها على ضياع الجائزتين، يمكن للسينما أن تُروّج لفكرة سياسية بالطبع، لدينا فيلم آيزنشتين الشهير “المدرعة بوتمكين"، لكن ذلك حدث أيام كان هناك فكرة سياسية يُروج لها وأفلام لا تنظر لنفسها بوصفها أكاذيب.