يمثل مشروع القرار الذي تقدّمت به المجموعة العربية في الأممالمتحدة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، تطوراً نوعياً في العمل الدبلوماسي العربي تجاه القضية الفلسطينية، كونه يضع إطاراً زمنياً لانسحاب الجيش الإسرائيلي وإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية، بالإضافة إلى إيجاد حل لمشكلة اللاجئين ووقف الأنشطة الاستيطانية، وفي ظل التعنت الإسرائيلي يحتاج القرار لجهد دبلوماسي كبير، يحدث نوعاً من التفاهمات، ويخرج القرار بصيغة توافقية تسمح بتمريره وتجنب الفيتو الأمريكي، لتبقى التكهنات حول قُدرة الدبلوماسية العربية على تمرير القرار، وفقاً للتفاهمات والتوافقات التي تحقّق إنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. وفي هذا الإطار يقول السفير عبد الرؤوف الريدي سفير مصر الأسبق في واشنطن: إن مشروع القرار الذي تقدّم به الوفد العربي في الأممالمتحدة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، يُعتير تطوراً نوعياً في التحرُّك الدبلوماسي العربي على المستوى الدولي تجاه حل القضية الفلسطينية، وتابع: إن القرار يأتي في إطار تحرُّك عربي شامل للحشد الدولي، لدعم إعلان قيام الدولة الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ويشير إلى أن المشروع يتضمّن التوصُّل إلى السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين خلال عام واحد، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بنهاية عام 2017م، كذلك ينص على ضرورة أن يستند أي حل يتم التوصُّل إليه من خلال المفاوضات إلى حدود عام 1967م والاتفاقيات الأمنية، والقدس عاصمة مُشتركة للدولتين، بحيث تكون القدسالشرقية عاصمة لدولة فلسطين المستقلة، فضلاً عن دعوة الجانبين إلى التوقُّف عن أي إجراءات أُحادية الجانب وغير قانونية، بما في ذلك الأنشطة الاستيطانية التي قد تقوّض جدوى حل الدولتين، بالإضافة إلى إيجاد حل عاجل لمشكلة اللاجئين وفقاً للاتفاقية العربية، لافتاً إلى أن هناك مفاوضات بشأن نص القرار؛ مما قد يسفر عن إدخال تعديلات عليه، مؤكداً على ضرورة أن يحتفظ جوهر القرار بتحديد الثوابت والأسس، للتوصُّل إلى اتفاق نهائي مع إسرائيل، وتحديد جدول زمنى لإنهاء الاحتلال ووضع آليات إنهائه، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وهذا يُعتبر التحدي الأكبر أمام الدبلوماسية العربية، من حيث كيفية تمرير القرار دون افتقاده لمضمونه بفعل التعديلات، التي أُجريت له من المحادثات والتفاهمات مع الأوروبيين. بينما يرى د.حسام شاكر الخبير في الشئون الدولية، أنه من الصعب تقييم القرار حالياً، كونه مازال مطروحاً للمناقشة، وفي الأغلب سيتم إدخال تعديلات عليه، وفقاً لتفاهمات دولية مع الوفد العربي لتجنب غضب إسرائيل، ويشير إلى أن هناك مفاوضات لدمج المشروعين العربي والفرنسي في مشروع واحد، والوصول إلى صيغة توافقية ترضي الجميع، لافتاً إلى أن فرنسا تقترح في صيغتها مفاوضات لمدة عامين، فيما يُطالب الفلسطينيون بمفاوضات لمدة عام، بالإضافة إلى ضرورة التحديد في مشروع القرار أن القدسالشرقية عاصمة دولة فلسطين، وحل قضية اللاجئين، وتابع: باريس تقود مسعى أوروبياً لطرح مشروع قرار لا يحدد موعداً لقيام الدولة الفلسطينية، قبل إجراء الانتخابات الإسرائيلية في مارس المقبل، وهذا ما تميل إليه الولاياتالمتحدة، ويضيف: هناك تعديلات سوف يتم إدخالها على مشروع القرار، بناءً على تفاهمات مع الوفد الفرنسي، وتوصيات من بريطانيا وألمانيا، وتختص بأن تكون المفاوضات تحت إشراف دولي، وإعطاء مدة عامين للانسحاب الإسرائيلي من الضفة الغربية، إلا أنه مازال هناك خلافات مع واشنطن، التي ترفض بند تحديد إطار زمني للمفاوضات؛ مما يجعل مشروع القرار أمام سيناريوهين، الأول: إدخال تعديلات عليه لإلغاء بند وضع جدول زمني للمفاوضات وإنهاء الاحتلال لإرضاء تل أبيب، ومن ثم تجنب فيتو أمريكي، والثاني: رفض الوفد الفلسطيني تعديل القرار بالشكل الذي ترضى عنه تل أبيب، ويضر بمصالح الفلسطينيين، ومن ثم يتم طرح القرار بصيغته دون تعديل للتصويت أياً كانت النتيجة. وعن الموقف الإسرائيلي، تقول د.داليا فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة لونج آيلاند: إن إسرائيل تمثل العقبة الرئيسية أمام أي حل يدفع بعملية السلام في الشرق الأوسط، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وتابعت: إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي، وستُمارس ضغوطاً دبلوماسية على الدول الأوروبية بجانب الفيتو الأمريكي، لمنع تمرير القرار في مجلس الأمن، حتى لا يضعها في موقف صعب أمام القانون الدولي، لافتة إلى أنه في الأغلب سيتم تعديل مشروع القرار في ضوء مُلاحظات تل أبيب، حتى يخرج القرار بشكل يحقّق جزءاً من مطالب الفلسطينيين، ولا يثير غضب إسرائيل، وتؤكد أن الموقف الأمريكي سيتحدد بناءً على موقف تل أبيب ومدى قبولها للقرار، وتابعت: واشنطن سيتمحور دورها حول الضغط على الوفد العربي لتعديل القرار، بما يتوافق مع مطالب الإسرائيليين، وهذا ما أكدته تصريحات الخارجية الأمريكية، بأن الولاياتالمتحدة ليس لديها مُشكلة مع القرار، شريطة ألا يزيد التوتر مع إسرائيل، وتوضح أن السياسة الأمريكية المستمرة منذ 47 عاماً، تقوم على إيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي عبر المفاوضات، وليس عبر مجلس الأمن وقرارات الأممالمتحدة، وليس هناك سبب لتغييرها الآن، ومن ثم تقبلها لمشروع القرار العربي لإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، لافتة إلى أن الولاياتالمتحدة أمامها خياران، الأول: التفاوض حول نص المشروع الفلسطيني أو الفرنسي، والثاني: أن تضع مشروع قرار مُنفصلاً.