مراسم احتفال، وموسيقى عسكرية تعزف النشيد الوطني "المصري والإيراني"، من أجل الاحتفال بزيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لأول مرة إلى مصر، منذ أكثر من ثلاثين عامًا بعد القطيعة الدبلوماسية منذ عام 1979، الذي شهد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، بقيادة آية الله الخميني وهروب "شاه إيران"، بعد توقيع الرئيس الراحل "أنور السادات" اتفاقية السلام مع إسرائيل، وأكد إسلاميون مصريون أن الخلاف المذهبي يعيق عودة العلاقات بين القاهرةوطهران، حتى وإن عادت العلاقات الدبلوماسية والسياسية إلى طبيعتها بين البلدين؛ نظرًا لأن العاصمة المصرية لن تحتمل قدوم أكثر من "مليوني" سائح إيراني سنويًّا بغرض "السياحة الدينية" لزيارة أضرحة ومساجد آل البيت، بالإضافة إلى أن خطط "طهران" في نشر التشيع داخل أكبر دولة "سُنية" سيكون من وراء العلاقات السياسية، وأشار الخبراء أن زيارة الرئيس الإيراني "أحمدي نجاد"، هدفها في المقام الأول "تبشيرية" لنشر المذهب والفكر الشيعي، والدليل زيارته لشيخ الأزهر د. أحمد الطيب داخل مشيخة الأزهر، لوضع أول قدم شيعية في الأزهر، رغم رفضهم كل ما ينتمي لأهل السنة والصحابة، وأكدوا أن "نجاد" غير مرحب به على أرض مصر، بسبب دعم بلاده ومساندته لبقاء الرئيس السوري "بشار الأسد"، وإرساله أفرادًا من الحرس الثوري الإيراني لإراقة دماء الشعب السوري. د. خالد سعيد المتحدث باسم الجبهة السلفية قال: إن العلاقات السياسية والدينية بين "مصر وطهران" بعد ثورة 25 يناير، تشهد اندفاعًا ملحوظًا من قبل إيران، ولذلك ترغب في تقديم جميع خبراتها العسكرية والاقتصادية للقاهرة، على الجانب الآخر تتحفظ مصر على عودة العلاقات قبل وضع شروط مذهبية لإرضاء الشارع المصري؛ خوفًا من انتشار التشيع. موضحًا أن زيارة "نجاد" في هذا التوقيت الحرج والسماح بدخوله الأزهر الشريف دليل على رغبة الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في التعاون الديني مع إيران باعتبارها أكبر دولة إسلامية "شيعية"، كما أن الزيارة تهدف من ورائها إلى "التبشير" بالمذهب الشيعي داخل أكبر دولة إسلامية "سُنية"، ولذلك ستفعل إيران المستحل لإرضاء مصر لإدخال أبنائها جامعة الأزهر الشريف. ومن جانبه تخوف نادر بكار، المتحدث باسم حزب النور السلفي، من عودة العلاقات السياسية ولكن على شكل "سياحة دينية"؛ لأن الشعب الإيراني متلهف على زيارة أضرحة آل البيت مثل "مسجد الحسين، والسيدة زينب" وغيرها من الأماكن التي يقدسونها، لافتًا إلى أن مصر لن تحتمل قدوم أكثر من "مليوني" سائح إيراني للاحتفال بعاشوراء أمام مسجد الحسين، ولن يستطيع السلفيون رؤية مظاهر احتفال الشيعة والدماء، مؤكدًا أن حزب النور يرحب بأي تقارب سياسي يخدم مصالح مصر في المنطقة دوليًّا، ولكن ليس على حساب الدول الخليجية المتخوفة، وكثير من المصريون متخوفون من الأهداف غير المعلنة جراء هذه الزيارة، ومن الطبيعي أن يكون التقارب الديني بين البلدين مرفوضًا؛ نظرًا لاختلاف الطبيعة الإسلامية والمذهبية بين البلدين، والتي قد تطغى إيران لنشر المذهب الشيعي كأحد أهم أولوياتها الخارجية في المنطقة. وفي رأي د. يسري حماد، نائب رئيس حزب الوطن السلفي، أن مصر ستظل حصنًا لمذهب أهل السنة، ولن يسمح الإسلاميون بفتح باب لنشر الفكر الشيعي داخل البلاد، مقابل عودة العلاقات السياسية والاقتصادية مع إيران، التي لا تؤمن بأهل السنة وتعتبرهم "كافرين"، مطالبًا الرئيس "مرسي" بالحفاظ على الهوية الإسلامية للبلاد، نظرًا لأن الأيديولوجية الخفية "لطهران" تصدير المذهب الشيعي وليس الثورة الإسلامية، ولا تمانع في قتل أهل السنة كما حدث في العراق، حيث قتلوا أكثر من "ثلاثمائة" عالم سُني، بالإضافة إلى قتل كل شخص اسمه "عمر"، واغتصاب كل فتاه اسمها "عائشة"، والجميع يعلم أن إيران لها ثأر مع أهل العراق عسكريًّا ودينيًّا، ويقولون هم من قتلوا "الحسين" - رضي الله عنه - وهذا موجود في الكتب الشيعية، كاشفًا أن إيران تطمح في فتح سوق للسياحة الدينية إلى مصر، ومستعدة لصرف ملايين الدولارات يوميًّا من أجل زيارة العتبات المقدسة، للتمسح بالأضرحة والأولياء وآل البيت. مشروع شيعي توسعي بينما رفض د. عصام دربالة، القيادي بالجماعة الإسلامية، عودة العلاقات الدينية بين طهرانوالقاهرة؛ لأن إيران لديها مشروع شيعي توسعي في المنطقة العربية، وترغب في نشر الفكر الشيعي داخل البلاد الإسلامية التي تتبع الفكر السني، ولابد قبل عودة العلاقات بين البلدين تقديم الضمانات الكافية بأنها لن تعمل على إرسال المد الشيعي لمصر ولدول العالم الإسلامي، وغير ذلك لن تنجح الدولة الشيعية في إعادة العلاقات مع البلدين العربية والإسلامية، أما من الناحية الاقتصادية فلا مانع من تبادل الاستثمارات بشرط فرض رقابة صارمة على رجال الأعمال الإيرانيين، ولكن بشرط طمأنة دول التعاون الخليجي التي ترفض التقارب المصري الإيراني، والتي بدورها قد تسحب استثماراتها من مصر وهو ما سيؤثر سلبًا على الاقتصاد المصري المنهار، ومن الناحية السياسية فإن التحالف المصري الإيراني سيغير خريطة الشرق الأوسط، وقد يساعد على زيادة التوازن العسكري في المنطقة؛ نظرًا لأن طهران تعتبر الدولة الإسلامية الوحيدة التي وقفت ضد الإملاءات الأمريكية، ورفضت أن تملي قوة خارجية عليها رغباتها وأجنداتها. بينما شكك د. صفوت عبد الغني، مسئول الجناح العسكري في الجماعة الإسلامية السابق، في نوايا إيران بعودة العلاقات الدبلوماسية مع مصر، رغم توغلها سياسيًّا في دول الخليج العربي، تبقى مصر ذا مكانة خاصة؛ لأنها قلب العالم العربي والإسلامي، وتصدير المد الشيعي لكل البلدان العربية أو الإسلامية وإعادة الإمبراطورية الفارسية مرة أخرى لن يتم إلا من خلال البوابة المصرية، لافتًا إلى أن "طهران" إذا كانت تمتلك رغبة صادقة في عودة العلاقات فلتفعل ما أمر به شيخ الأزهر، وتصدر فتوى بتحريم سب الصحابة، بالإضافة إلى ذلك تعيد فتح مساجد أهل السنة في منطقة "الأحواز" الإيرانية، وتتوقف عن لغة التهديد التي تمارسها تجاه دول الخليج العربي، محملًا "طهران" بحور الدماء التي تسيل في سوريا بسبب دعم "نجاد" بقاء "بشار الأسد"، للحفاظ على المصالح السياسية والدينية المشتركة، باعتبار أن "دمشق" ترعى الفكر الشيعي أكثر من السني، لافتًا إلى أن التقارب المصري الإيراني لابد أن يكون بعيدًا عن الهوية الدينية حتى لا تفقد الدول العربية ذات التاريخ والثقافة المشتركة هويتها السُنية. ويرى ممدوح إسماعيل، نائب رئيس حزب الأصالة السلفي، أن إيران تحتاج إلى عودة العلاقات مع مصر في ظل احتمالات سقوط حليفها السوري، ومن ثم حرمانها من نفوذ إقليمي، ولذلك لا تتردد في إطلاق الوعود والتصريحات الوردية لإنشاء تحالف جديد مع "القاهرة" التي تُعتبر أكبر حليف سياسي وعسكري مع "أمريكا"، والأمر نفسه ينطبق على "طهران" ولكنها حليف إستراتيجي مع "روسيا"، محذرًا من محاولة إيران اختراق مصر "دينيًّا" بعد الزيارات السياسية المتبادلة، بجانب احتضان إيران للوفود الشعبية والحزبية وتكريمها لأهالي شهداء ثورة الخامس والعشرين من يناير للتقرب وإرضاء الشعب المصري، كما أن التعاون بين ثالوث المنطقة "مصر، وإيران، وتركيا"، يزيد من نفوذ الدول الإسلامية أمام القوى الدولية والغرب، بما يعزز احترام العالم للدول العربية والإسلامية. في حين أكد د. محمود غزلان، المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين، أن الرئيس "محمد مرسي" وحزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان، لديهم رغبة حقيقية في عودة العلاقات مع إيران، طالما سيكون هناك عائد "اقتصادي وسياسي" على مصر من وراء هذه العلاقة، مرجحًا أن تخفف العلاقة حدة الاحتقان بين دول الخليج وإيران؛ لأن وجود مصر سيكون ضمانًا وحماية من التهديدات والتوغلات الإيرانية في المنطقة، مستنكرًا موقف دول الخليج الرافض والمتخوف من إعادة العلاقات مع إيران، رغم حجم التعاون التجاري والدبلوماسي بينهما إلا أنهم يرفضون ذلك لمصر، مطالبًا التيار السلفي بالنظر إلى مصالح الدولة العليا من وراء عودة العلاقات، وعدم الوقوف "حجر عسرة" ضد التصالح مع إيران، ولن يوجد شبهة تصدير الفكر الشيعي لمصر، قائلًا: "الشعب المصري سُني المذهب شيعي الهوى"، والدليل مشاركتهم في الاحتفال بموالد الأولياء وآل البيت، وعاشوراء.