خالد البلشي: ترحيبٌ بعودة "هيكل" ومؤسسته في حفل توزيع جوائز الصحافة العربية    «التنسيقية» تنظم صالونًا نقاشيًا عن قانون الإجراءات الجنائية والحبس الاحتياطي    رئيس الوزراء القطري يبحث مع أعضاء في الكونغرس الأمريكي العلاقات الاستراتيجية    سفير الصومال يشيد باستمرار الدعم العسكري المصري لمقديشو    25 لاعباً بقائمة الزمالك لخوض السوبر الأفريقي..ضم الونش و4 صفقات جديدة    خالي من السكان.. انهيار عقار جزئيًا في المعادي    انقضاء دعوى تتهم عباس أبو الحسن بدهس سيدتين في الشيخ زايد بالتصالح    مصر وألمانيا تحصدان جوائز أفلام الطلبة بمهرجان الغردقة    خبير: إسرائيل ستفشل على جبهة لبنان كما حدث لها في غزة    بعد واقعة مدينة الإنتاج.. عمرو عبد العزيز: حريق الاستديوهات ورا بعض مش طبيعي    هيئة الدواء: ضخ 156 مليون عبوة أدوية للقلب والسكر والأورام    أسباب كثرة الإصابة بنزلات البرد.. وطرق الوقاية    عبدالرحيم علي ينعى خال الزميل أبوالحسين غنوم    مبادرة خُلُقٌ عَظِيمٌ.. إقبال كثيف على واعظات الأوقاف بمسجد السيدة زينب بالقاهرة    مياه الفيوم: ورشة عمل لتعليم السيدات مبادئ أعمال السباكة    الرئيس الإيراني: حزب الله يدافع عن حقوقه وندعمه في هذه المعركة    سماعات طبية لضعاف السمع.. وتطبيق للتواصل مع الخدمات    تفاصيل الحلقة 7 من «برغم القانون».. إخلاء سبيل إيمان العاصي    مستشار أممي: الطوارئ المناخية أبرز المخاطر المُهدّدة للعالم خلال العقد المقبل    خالد الجندي: بعض الناس يحاولون التقرب إلى الله بالتقليل من مقام النبى    مصروفات كليات جامعة الأزهر 2024/2025.. للطلاب الوافدين    فانتازي يلا كورة.. دياز وجاكسون "الكروت" الرابحة في الدوري الإنجليزي    تروي ديني: دياز سيكون رجل ليفربول الأول بعد رحيل صلاح    فتح باب التسجيل للنسخة الثالثة من منتدى مصر للإعلام    "المصريين": مشاركة منتدى شباب العالم في قمة المستقبل تتويج لجهود الدولة    رسالة خاصة من تريزيجيه ل أحمد فتحي بعد اعتزاله    محافظات ومدن جديدة.. تفاصيل منظومة إعادة تدوير مخلفات البناء والهدم    إسرائيل صنعت «البيجر» بنفسها ثم فخخته    أستاذ فقه يوضح الحكم الشرعي لقراءة القرآن على أنغام الموسيقى    لأول مرة.. شراكة بين استادات الوطنية والمتحدة للرياضة واتحاد الكرة لتدشين دوري الأكاديميات    السجن 10 سنوات للمتهم بتهديد سيدة بصور خاصة بابنتها فى الشرقية    Natus Vincere بالصدارة.. ترتيب اليوم الرابع من الأسبوع الأول لبطولة PMSL للعبة ببجي موبايل    إعلام بنها ينظم ندوة "حياة كريمة وتحقيق التنمية الريفية المستدامة".. صور    الكبد الدهني: أسبابه، أعراضه، وطرق علاجه    "أزهر مطروح" يطلق "فاتحة الهداية" بالمعاهد التعليمية ضمن مبادرة بداية    عاجل - حماس تطالب الجنائية الدولية باعتقال قادة الاحتلال: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في لبنان وغزة    نتيجة تنسيق كلية شريعة وقانون أزهر 2024/2025    الإحصاء: 21.5 مليار دولار صادرات مصر لأكبر 5 دول بالنصف الأول من 2024    تعيين قائم بأعمال عميد "فنون تطبيقية بنها"    الجيش الإسرائيلي يطالب سكان منطقة البقاع الموجودين داخل أو قرب منزل يحوي أسلحة لحزب الله بالخروج خلال ساعتين    محكمة برازيلية تبقى على الحظر المفروض على "X" لعدم امتثالها لطلبات القاضى    مهرجان مالمو للسينما العربية يعلن عن مواعيد الدورة الخامسة عشرة    قبل XEC.. ماذا نعرف عن متحورات كورونا التي حيرت العلماء وأثارت قلق العالم؟‬    العين الإماراتي: الأهلي صاحب تاريخ عريق لكن لا يوجد مستحيل    وكيل الأوقاف بالإسكندرية يشارك في ندوة علمية بمناسبة المولد النبوي الشريف    وزيرة التنمية المحلية تلتقي بنقيب أطباء أسنان القاهرة    جامعة الجلالة تحصل على الاعتماد الدولي IERS لبرنامج تكنولوجيا العلاج التنفسي    الجيش الأردني يحبط محاولة تهريب مواد مخدرة محملة بواسطة طائرة مسيرة    تصالح فتاة مع سائق تعدى عليها فى حدائق القبة    وزير المالية: فخورون بما حققناه جميعًا.. حتى أصبح البنك الآسيوي أسرع نموًا    قطع أثرية مقلدة.. رحلة مباحث القاهرة للإيقاع بعصابة المشاغبين الستة    حبس سيدة بتهمة سرقة رواد البنوك بزعم مساعدتهم    الرئيس السيسي يهنىء قادة السعودية بذكرى اليوم الوطني    محافظ المنوفية: مبنى التأمين الصحي الجديد أسهم في تخفيف الزحام والتكدس وصرف الأدوية    ضبط تشكيل عصابي نصب على المواطنين في القاهرة    شوبير يكشف أسرار عدم انتقال سفيان رحيمي للأهلي.. موسيماني السبب    تفاصيل عزاء نجل إسماعيل الليثي.. نجوم الفن الشعبي في مقدمة الحضور (صور)    حالة الطقس اليوم الاثنين 23-9-2024 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وَلا تَزَالُ الثَّوْرَةُ مُسْتَمِرَّةً
نشر في صوت البلد يوم 01 - 02 - 2013

يأتي يناير وتأتي معه كل نسائم الربيع الثوري الذي مر على بلادي المحروسة مؤقتاً لأنها بالفعل لم تعد محروسة منذ شهور تعصف بالبلاد والعباد ، وكلما يقترب الشهر من الانتهاء تتصاعد الذكريات والحكايات الجميلة التي ارتبطت بتفاصيل الثورة المصرية العظيمة في وقتها ، ولكن هذه الذكريات أصبحت للأسف لا تجد صداها لدى المصريين وهم بالفعل أصبحوا ممن يعانون من مرض فقدان الذاكرة التدريجي أو ما اتفق على تسميته حالياً بذاكرة السمكة. وكنت أفضل أن أتحدث عن ذكريات ومشاهد الثورة التي عايشناها ونحن نفتخر بأننا نقدم للعالم أفضل مثل يحتذى للتظاهر السلمي العفيف والشريف المتسلح بقوة الإرادة واليقين بالنجاح وأخيراً بالشعارات والنداءات الثورية الصادقة.لكن مصر اليوم بالتحديد وهي تحتفل بانتصار الثورة على النظام بعد إسقاطه بالضربات المتلاحقة طيلة ثمانية عشر يوماً أصبحت تحت رحمة الفوضى .
حقاً لقد اجتاحت الفوضى البلاد والعباد على السواء ، وصار اليوم الذي يمر علينا بلا فوضى هو يوم مكرور واعتيادي ، والفوضى بحق أصبحت جزءاً من سياسات الحكومة مروراً بسلوكيات المصريين الذين طلقوا النظام والأمن بغير رجعة. وكيف تحفل البلاد بذكرى الثورة والفوضى والانفلات المتنوع الصور والأشكار سيطر على كل مناشط الحياة فيها في القرار والإدارة والعمل والشارع والمدرسة التي لا يعلم عنها السيد وزير التعليم الذي يتربص بمعلميه وهم يتربصون بالطلاب وهؤلاء لا حول لهم ولا قوة في ظل نظام تعليمي متخلف ومتأخر عن العصور الوسطى في أوروبا.
كنت أتمنى أن أستحضر بعضاً من مشاهد الثورة الجميلة التي شكلت وجداننا وتاريخنا المعاصر بل سأبالغ حينما أقول إنها أعطت لحياتنا قيمة ومكانة وهوية بعدما ضاعت لعقود بعيدة ، ولكن ما تمر به مصر الآن هو توحش قديم متغلغل في الثقافة المصرية ، فالفساد لا يزال متربعاً على عرشه القديم ، سواء على مستوى الفساد الإداري أو المالي أو القيمي وأخيراً فساد النفوس . وكل ما نستطيع فعله هو اجتثاث أغصان الفساد لكن الحقيقة أننا بعيدون تماماً عن جذوره. وكنت برغبة أن أنتشي وأنا أتحدث عن ثورة أتت بثمارها على المستوى الاقتصادي ، لكن للأسف مصر بدأت تنهار اقتصادياً ولا مجال لتصديق التصريحات والدعاءات حول موقف مصر الاقتصادي المنتعش ، لعلهم يقصود بالمنتعش حالة الاقتصاد المصري في غرفة الإنعاش بالمستشفى المتهالكة الأركان والمحاصرة من البلطجية والمنتهية صلاحيتها في الإمداد والعتاد.
والذين ظنوا للحظة أن هناك مشروعاً يسمى النهضة بغير ارتباطه بجماعة الإخوان المسلمين لم يعوا جيداً أن الوطن في حالة ركوع مستمرة لذا فهي تحتاج إلى محركات رفع خرافية للنهوض بها من البئر السحيقة التي تركنا فيها نظام مبارك ثم جاءت السياسات الحكومية الوزارية بعد ذلك لتضعنا في عداد المتوفيين إكلينيكياً. وكم بمصر من المضحكات منها كل الممارسات السياسية الراهنة ، من مجلس شورى يتراشق فيها الأعضاء بالألفاظ والكلمات النابية والدلالة أنه مظهر من مظاهر الديموقراطية ، وكم من العجب أن نهرول نحو الاستفتاء على دستور للوطن نتعايش فيه من خلال مواده ونحن شعب يصر على اختراق القانون والعراف ويحتال على القيم والمبادئ السامية. ويكفيك أن تجلس مع نفسك منفرداً بغير صديق أو شريك يؤانس صمتك المطبق وتقرأ ما تكتبه الصحف الأجنبية الأكثر صدقاً عن مصر وما آلت إليه الأمور بها حتى تقترب من مشارف الاكتئاب والإحباط الذي قد يصاحبه قلق وجودي يدفع إلى الانتحار الجماعي وليس الفردي ، لأن هناك آخرين يشاركونك هم الوطن والمواطنة ويحملون على عاتقهم مثلك عبء الثورة التي تكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة.. قامت الثورة لنلجأ للاقتراض من كل عابر سبيل وكل طامع طامح في اقتناص أي جزء من الكعكة غير الحجرية ، وقامت لنكتشف معجماً جديداً للغة تتضمن كلمات مثل الفلول والأخونة والانفلات ، والتكويش والمغالبة والدستور والنائب العام والمحكمة الدستورية ومحمد محمود والأولتراس وبورسعيد ومجلس الوزراء والقطار والجماعة والمرشد والجبهة والإنقاذ والاتحادية والمليونيات والحصار والاعتصام والتطهير، والحقيقة أن معظم مفردات المعجم تصلح لتسميته بمعجم غرق مصر.
والمدهش ونحن نتهيأ معاً للاحتفال بثورتنا الغالية أننا نتحدث عن ثمة مؤامرات تحاك بليل ضد هذه الثورة والثوار، من الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض البلدان المجاورة والصدق أننا أنفسنا أصحاب المؤامرة على جسد وعقل الوطن وثورته ، ومن الكذب والضحك والسخرية أن نظن غافلين بأن المخرج من مأزقنا الراهن هو التحالف والتكاتف وإقامة حوار متوازن بين القوى السياسية وأطيافها المجتمعية لأننا باختصار أصبحناً جسداً أصم بملامح مشوهة.
ولكن رغم هذه الحلكة والسواد الذي يكسو ملامحنا إلا أنني أحمل بقلبي يقيناً بأن الله يرانا ويرى ما تخفيه الصدور المطمئنة والمخلصة التي تحب الخير لمصر ولأهلها وأن بمصر سواعد كثيرة تبني وتنهض بالبلاد بغير مشروعات ورقية ، ولأولئك الذين يتمنون الشر لمصر وشعبها أقول ستنهض البلاد وستحترقون يوماً ، وستنتصر الثورة مهما طالت أيامها ولياليها الباردة والحارة ، هذا الوطن ملئ بالشرفاء فلهم التحية والاحترام.. كل سنة وأنت طيبة يا ثورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.