في ظل أزمة الديون السيادية التي تعاني منها منطقة اليورو منذ عام 2009 يزيد انخفاض العملة الأوروبية المحدة المخاوف الخاص بالسياسة النقدية المحدة في المنطقة، لكنه يمنح في الوقت نفسه بادرة أمل لتشجيع الصادارات ودعم النمو في المنطقة التي تضم 17 دولة. وخلال العام الماضي حافظت العملة الأوروبية علي استقرارها رغم تفاقم أزمة الديون السيادية في عدد من دول منطقة اليورو، لكن الأمر قد اختلف مؤخرا في ظل زيادة الضغوط علي هذه العملة علي نحو دفعها للانخفاض الحاد. ويقدر بعض الاقتصاديين بحسابات معينة أن انخفاض اليورو بنسبة 10% يعني تعزيز النمو الاقتصادي في منطقة اليورو بنسبة 0.5% أو أكثر. ويري الخبراء أن أهم المستفيدين من تراجع اليورو ويتمثل في الدول التي يصل الجزء الأكبر من صادراتها إلي دول خارج منطقة اليورو، ويأتي علي رأس هذه الدول أيرلندا وهولندا وألمانيا، وستظل بالتأكيد أكبر المستفيدين من أي تراجع في قيمة العملة الأوروبية الموحدة اليورو لاعتمادها الواضح علي الصادرات كقاطرة ومحرك للنمو. وبالمقابل يؤكد محللون أن هذه الاستفادة من تراجع اليرو ستكون مؤقتة كما أنها لن تنجح في تعويض الثر السلبي الناجم عن ضعف الطلب في دول منطقة اليورو. وفي هذا السياق قال ستيفن السنتر الخبير الاقتصادي في معهد انفو الاقتصادي إنه فيما يخص الاقتصاد الألماني تحديدا فإن زيادة النمو في دول مثل إيطاليا وفرنسا وإسبانيا سيترك أثرا أكبر فائدة من الأثر الناجم عن تراجع اليورو. وأضاف الستنر أن صادرات دول جنوب أوروبا تعد أكثر حساسية لتغير سعر اليورو مقارنة بنظيرتها الألماينة، الأمر الذي يعزز استفادة هذه الدول من تراجع سعر اليورو. لكن الستنر شدد علي أن العامل الأهم في إنعاش الصادرات الأوروبية هوتحسن الطلب في باقي دول منطقة اليورو. من جانبه قال أندريس روس الخبير الاقتصادي في «يوني كريديت» إن ضعف اليورو في حال ما إذا كان مصحوبا بزيادة الطلب فيباقي دول منطقة اليورو قد يكفي لتعويض اقتصاد ألمانيا عن الأثر السلبي الناجم عن خطط التقشف المطبقة في باقي منطقة اليورو والتي تعاني من اختلال موازين المدفوعات بسبب ارتفاع عجز الموازنة إلي مستويات قياسية لكنه قد لا يأتي بالنتائج نفسها المرجوة في باقي دول منطقة اليورو. ويري الخبراء أن كلا من اليونان التي تعتصرها الأزمة بجانب البرتغال وإسبانيا لن تستفيد صادراتها كثيرا من تراجع اليورو بسبب ضعف حجم صادراتها خارج منطقة اليورو مقارنة بصادراتها إلي دول المنطقة. ومن جهة أخري يعقد تراجع اليورو مهمة البنك المركزي الأوروبي الذي يستهدف الحفاظ علي استقار السياسة النقدية في منطقة اليورو. ويتوقع مصرفيون أن يلجأ المركزي الأوروبي إلي تقليل سعر الفائدة خلال الأشهر المقبلة في ظل تراجع النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو بشكل حاد. وكان اليورو قد تراجع مؤخرا لأدني مستوي له منذ 22 شهرا مع تزايد المؤشرات علي وجود تباطؤ اقتصادي نتيجة فشل قمة الاتحاد الأوروبي في طمأنة المستثمرين حول مستقبل اليونان في منطقة اليورو. وتفاقمت الأزمة المالية في أوروبا خلال الشهر الماضي نتيجة الانتخابات اليونانية التي لم تكتمل بعد والمخاوف من خروج اليونان من منطقة اليورو، مما يزيد من القلق حول تفكك دول اليورو في الوقت الذي تعمل فيه بعض الدول مثل إسبانيا وإيطاليا جاهدة علي تضييق فجوات ميزانياتها.