تسود حالة من الغضب الشديد أفغانستان وترتفع الأصوات المنددة بقتل 16 مدنيًا بالرصاص الأمريكي حيث خرجت حركة طالبان لتهدد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالانتقام وقطع رقاب جنود أمريكيين كرد فعل على مذبحة "قندهار" كما سارعت الحركة بإرسال عناصرها إلى مساجد بنجاواي لحضور تشييع الضحايا وحث السكان على الانضمام إلى المقاومة ضد قوات حلف "الناتو"، في حين تصاعد الجدل في واشنطن بشأن دور القوات الأمريكية في ظل تحذيرات البيت الأبيض من الانسحاب المتسرع والإشارة إلى إمكانية تطبيق عقوبة الإعدام على الجندي الأمريكي المسئول عن تلك المجزرة والذي خرج من قاعدته العسكرية في منطقة بنجاواي في ولاية قندهار المضطربة في جنوبأفغانستان وهو مدجج بالسلاح وقتل في 11 مارس سكان ثلاثة منازل في قرية مجاورة، بينهم تسعة أطفال وثلاث نساء وشيوخ، قبل أن يحرق جثثهم. وتعتبر المجزرة هى الأولى من نوعها ضد مدنيين أفغان الكارثية بالنسبة إلى الحلف الأطلسى وقواته التى باتت تتعرض بشكل أكبر لإطلاق نيران "صديقة" من جنود أفغان تدربهم، مما أدى إلى انهيار الثقة بين الجانبين. وفي وقت سابق طالبت الحكومة الأفغانية الولاياتالمتحدةالأمريكية بمحاكمة علنية في أفغانستان للجندي الأمريكي المسئول عن مذبحة "قندهار" منددة بالحادثة التي وصفتها بالوحشية وغير الإنسانية في الوقت الذي تتواصل فيه الاحتجاجات على إحراق جنود أمريكيين مصاحف في قاعدة بغرام شمال كابول مما أثار موجة مظاهرات عنيفة راح فيها نحو 40 قتيلاً. وأعلنت طالبان على موقعها الإلكتروني أنها ستنتقم لكل من الشهداء الذين قتلهم المحتلون بطريقة وحشية. وتابع بيان حركة طالبان إنه إذا كان مرتكب هذه المجزرة مختلاً عقليًا فعلاً، فهذا دليل على انحراف أخلاقي جديد للجيش الأميركي، لأنه يسلّح مجانين في أفغانستان، يستخدمون دون تفكير أسلحتهم ضد أفغان عزل. مؤكدة أنها ستضاعف هجماتها ضد الأمريكيين المتوحشين المرضى عقليًا. وجاءت التصريحات التي أصدرتها الولاياتالمتحدة والتي أفادت بأن مرتكب المذبحة قد يكون مختلاً عقليًا لتضاعف استياء الأفغان وغضبهم خصوصًا أن البرلمان الأفغاني أصدر بيانًا قال فيه إن صبر الشعب نفد لغياب الإشراف على الجنود الأجانب الذين يتخذون "إجراءات استبدادية". وفي الوقت نفسه كان مسئول أمريكي أعلن أن الجندي الأمريكي المتهم بقتل 16 قرويًا أفغانيًا خدم أيضًا في العراق وسبق له أن تعالج من إصابة شديدة بالدماغ بعد انقلاب مركبة قرب بغداد في 2010. وفي هذا الخصوص قالت السفارة الأميركية في أفغانستان، في بيان طارئ على موقعها على الإنترنت إن: السفارة الأميركية في كابول تحذر المواطنين الأميركيين في أفغانستان من أنه نتيجة لحادث إطلاق نار مفجع في إقليم قندهار شمل عسكريًا أمريكيًا، فهناك خطر بحدوث مشاعر واحتجاجات مناهضة للأميركيين خلال الأيام المقبلة، ولا سيما في الأقاليم الشرقيةوالجنوبية. ومن جانبه أعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي آندرس فوغ راسموسن عن دهشته وأسفه الشديد إثر المجزرة التي ارتكبها جندي أميركي، وأودت بحياة 16 مدنيًا أفغانيًا. وقال راسموسن في بيان له "أود أن أعبر عن ذهولي وحزني بعد الحادث المأساوي في ولاية قندهار، وأقدم أصدق تعازيَّ إلى عائلات وأقارب الضحايا، وإلى الشعب الأفغاني والحكومة. فيما أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عدم ثقتها في انسحاب القوات الألمانية المنتشرة في أفغانستان، في إطار قوة الحلف الأطلسي مع حلول العام 2014. ومن جانبه حذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما من الانسحاب المتسرع في أفغانستان واصفًا مذبحة "قندهار" التي راح فيها كثير من النساء والأطفال بأنها "مؤلمة ومأساوية" لافتًا إلى ضرورة التأكد من أن الأفغان سيكونون قادرين على تأمين حدودهم والتصدي لتنظيم القاعدة، وأشار إلى أنه اتصل هاتفيًا بنظيره الأفغاني حامد كرزاي وعبر عن حزنه العميق لتلك المذبحة، متعهدًا بإجراء "تحقيق شامل" فيها. وأضاف: الانسحاب المتسرع هو ما لا نريده من أفغانستان، لدينا مئات المستشارين على الأرض في المناطق المدنية، لدينا معدات عسكرية ضخمة يجب أن تسحب من أفغانستان. كما أكد أوباما أن تلك المذبحة جعلته أكثر تصميمًا على الحرص بإعادة جنوده إلى الوطن مشيرًا إلى أن هناك اختلافًا كبيرًا بين مجزرة القرويين الأفغان الستة عشر ومذبحة ماي لاي التي ارتكبها جنود أمريكيون في أثناء الحرب الفيتنامية عام 1968 في الوقت الذي أعلن فيه المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني أن حادث إطلاق النار في قندهار لن يغير الجدول الزمني لانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، قائلاً: لا أعتقد أن هذا الحادث سوف يغير الجدول الزمني لاستراتيجية وضعت وتطبق على نحو من شأنه أن يسمح بانسحاب القوات الأمريكية ونقل المسئولية الأمنية إلى الأفغان بنهاية 2014. وفي السياق نفسه من المقرر أن يستضيف أوباما زعماء حلف شمال الأطلسي لإجراء مشاورات خلال القمة التي يعقدها في مايو المقبل والتي من المنتظر أن تركز على تحديد خطط لتقليص تدريجي للقوات الغربية وتسليم مهمة حفظ الأمن للقوات الأفغانية، حيث يتوقع أن تنسحب معظم القوات الغربية من أفغانستان بحلول نهاية 2014.