فى نهاية دورة دراسية حضرتها فى بريطانيا، دخلت قاعة الامتحانات لأجيب على أسئلة امتحان مدته ثمانى ساعات، لم أتسلم ورقة أسئلة وكراسة إجابة كما يحدث فى الامتحانات المعتادة، وإنما استلمت كتابًا يحوى مئات الأسئلة وفراغات مناسبة للأجوبة: منها أسئلة تحتاج (...)
من المعروف أن الأديب الراحل نجيب محفوظ كان يشرب العديد من فناجين القهوة كل يوم - مثلما يفعل أدباء وكتّاب ومفكرون وسياسيون - لكنه لم يكن يشرب من كل فنجان سوى رشفة أو أكثر، أى أنه يشرب سطح القهوة أو (وش) القهوة كما يقول المصريون. فالبن البرازيلى والبن (...)
قال لى مواطن عربى أثناء تحاورنا: باعوا بلادنا!.. قلت: من هم؟!.. قال: حكوماتنا!.. قلت: كيف؟!.. قال: بخصخصة مشاريعنا!.. قلت: الخصخصة هى عملية إصلاح لخطأ إسناد إدارة المشاريع فى البلاد إلى الحكومات، فلقد ثبت بما لا يدع مجالًا للشك بمرور الأيام والشهور (...)
زرت بلغاريا قبل أن يتحول اقتصادها من الانغلاق إلى الانفتاح فى أواخر الثمانينيات، وشعرت وأنا أسير هناك أن الأرض لا تلد من باطنها الخيرات، وأن المصانع من فوقها عقمت عن الإنتاج، وأن عجلة الاقتصاد كفت تمامًا عن الدوران، فالمحلات كانت أرففها تكاد تكون (...)
عندنا فى مصر ما يزيد على نحو مائة هرم بناها الفراعنة أشهرها بالطبع أربعة، وهى الأهرام الثلاثة لخوفو وخفرع ومنقرع وهرم سقارة المدرج، غير أن باقى الأهرام لا يعلم القاصى أو الدانى شيئًا عنها.. اللهم إلا بعض العلماء هنا وهناك بحضارة أجدادنا، ومازال (...)
قرأت رواية «العجوز والبحر» أول مرة فى مطلع الشباب، ولا أذكر كم مرة قرأتها بعد ذلك.. كنت أقرأها كلما شعرت أنى فى حاجة لقراءتها، فحينما كنت أشعر وأنا أمر بكرب أنى أكاد أستسلم لدواعى اليأس ألجأ إلى الله عز وجل وأقرأ رواية «العجوز والبحر»، لأستلهم منها (...)
1- أيام «الخطوبة»!
هو: قال اللاعب الأمريكى جون باول: وَجِّه قوسَك نحو القمر لأنك حتى إن لم تصبه سيقع سهمك بين النجوم.. وأنا وجهت قوسى نحو القمر فرشق سهمى فى القمر بين النجوم.
هى: أعزك كلمة لا تكفى.. أحبك كلمة لا تفى.. أخصك بالدعاء فى سجودى وعساه (...)
قال دايل كارنيجى: لقيت هنرى فورد قبل وفاته، وكنت أتوقع أن أراه رجلاً منهك القوى فى آخر أيام حياته، من فرط الجهد الذى بذله، والعبء الذى تحمله من أجل إنشاء مؤسسة تجارية ذات سيط واسع تعد من أضخم المؤسسات فى العالم.. غير أنى فوجئتُ حين وجدته غاية فى (...)
للأنهار جمال خاص يختلف عن جمال البحار والمحيطات.
أول مرة دخلتُ فيها هولندا كانت من خلال نهر الراين، كان الجو شديد البرد، بينما كنت فوق سطح سفينة تبحر فيه ببطء. رأيت حينذاك من مظاهر الجمال التى تحاكى الخيال ما جعلنى أشعر أنى فوق بساط تحمله الريح فى (...)
قبل وفاة فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى بأشهر قليلة اختلف مع فضيلة الشيخ محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر السابق اختلافًا كبيرًا، فانشقت جبهة علماء الأزهر الشريف إلى شقين أحدهما وقف فى صف فضيلة الشيخ الشعراوى، والآخر وقف فى صف فضيلة الشيخ طنطاوى.
وكان (...)
هل تسمع صوتى القادم من أعماق البحر؟!.. أشعر كأنى أسمع هذا السؤال قادمًا من تحت الماء كلما ركبت البحر وعشت فى حالة إبحار.. ومصدر السؤال هو المدن والسفن الغارقة فى القاع لا صوت عبدالحليم حافظ فى رسالته الموجهة من تحت الماء.
فى قيعان البحار كنوز وأسرار (...)
لم أنس ذلك المشهد الذى رأيته فى الدنمارك، برغم مرور نحو ربع قرن.. زوجان عجوزان يبنيان غرفة فى الحديقة الواقعة بين فيلتهما وسورها تحت أشعة الشمس الباردة.. كان السور يتكون من قوائم خشبية متباعدة وغير مرتفعة كل منها على شكل سهم مغروسة مؤخرته فى الأرض.. (...)
فى عام 1986 كان ضيف إحدى الندوات الثقافية التى كان ينظمها أسبوعيًا القسم الثقافى بالأكاديمية البحرية الفنان حسين فهمى، سأل الطلاب الفنان أسئلة كانت إجاباته على بعضها مذهلة! قالوا له على سبيل المثال: مما تخاف؟ فقال: أخاف الفقر! وبرر هذا القول بأنه قد (...)
أذكر أن محاضرة اللغة الإنجليزية بالأكاديمية البحرية بالإسكندرية وهى بلجيكية الجنسية قالت: بينما كنت حاملًا فى طفل وعلى وشك الوضع استيقظت قبل فجر ليلة من الليالى شديدة البرد على آلام فى بطنى تنذرنى بحلول ميلاد ابنى، فأيقظت زوجى ليسعفنى فأمرنى بإبدال (...)
كان الجو باردًا، والموج مرتفعًا، والسحاب تلتحف به الشمسُ فى السماء، وطيور النورس تسبح فى الهواء مثلما تسبح الأجسام فى الفضاء، بينما كنت أجلس وحدى على كرسى تغوص سيقانه الأربعة فى رمال الشاطئ المبتلة، أتأمل البحر الذى يداعبنى بموج يغمر قدمىّ، فتثلج (...)
هل ركبت البحر من قبل وأبحرت بعيدا عن البر؟!
إن ركوب البحر ممتع ولا شك طالما كانت تسطع الشمس، لكنه مخيف ولا ريب بالليل.. فمنظر التقاء الماء بالسماء على مرمى البصر فى الأفق هو (بانوراما) ممتعة فى النهار ومخيفة فى الظلام، موسيقاها مؤلفة جملها من هدير (...)
يا بنى: لقد صرنا فى زمن صعب، القابض على دينه فيه كالقابض على الجمر، فإياك أن يضطرك الإحساس بالألم الشديد إلى عدم الاستمساك بالدين، وإياك أن تظن أن الأساس الذى بنيت عليه الحياة هو ذات الأساس المذكور فى قول من قال: «كنت أظن أن الشمال مجرد اتجاه.. (...)
بينما كنت مع بعض زملائى فى أعماق إحدى الصحارى العربية، منذ نحو عشر سنوات ماضية، جاءنا من أقصى تلك الصحراء أعرابى يتكئ على عصاه، كان مسنًا تعدى عمره الثمانين، ورأسه مشتعل شيبًا ووجهه مليء بالتجاعيد، وكان يلبس زيًا مكونًا من رداء وإزار كملبس حجاج بيت (...)
رنات جرس الباب المتقطعة جعلتها تتوجه إليه مسرعة، فلما فتحته رأت رجلًا سمينًا وطويلًا، أسود لونه يقف مبتسمًا ويحمل صندوقًا يزعم أن زوجها أرسله إليها! فاعتذرت له عن عدم استطاعتها أخذه لأن زوجها لم يخبرها شيئًا عنه، فلما لم تفلح محاولاته لإقناعها (...)
لم أستسغ طعامًا بعد الإفطار كطعام بريطانيا على سبيل المثال، ومرَّ عليَّ وقت كنت فيه أظن أن طعام أهل الهند هو أسوأ طعام على وجه الأرض، وحدث أن أخبرت بهذا الظن أحد المهندسين من الهند، فاستاء أشد الاستياء وقال لى: المطعم الهندى معروف، وهو واحد من أفضل (...)
كنا قبل ثورة يناير 2011 نعيش فى ظلام دامس، فكان قيام الثورة فى ذلك الوقت بمثابة بزوغ الفجر، غير أننا لم يتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر بسبب ضباب كثيف أعمى عيون الناظرين، وهو الفتنة التى وقعت بفعل فاعل من الخارج بين المصريين، ثم كان (...)
منذ أيام دار حوار بينى وبين أستاذ من أساتذة الاقتصاد، قال: صحيح أن نسبة النمو الاقتصادى فى عهد الرئيس السيسى بدأت فى الارتفاع إلا أننا نحتاج إلى سنوات حتى نصل إلى نسبة النمو التى كانت فى آخر عهد مبارك (أى أكثر من سبعة فى المائة).
قلت: أنتم يا أساتذة (...)
إن أحزنك ظلام الليل فانظر إلى السماء فإن فيها القمر، وإن لسعتك نار الشمس فاحتم تحتها بظل الشجر.. وإن ضقت بهم أو ألمّ بك غم أو أصابك كرب فاسأل من مَدَّ الظلَّ وخلق القمر أن يكشف عنك الهم والغم ويفرِّج عنك الكرب ويأتيك بالفَرَجْ.
وإن سقطت فى حفرة (...)
قطعت من قبل كثيراً من خطوط الطول والعرض، وقابلت فى بقاع شتى من الأرض أناسا من كل قطر وجنس ولون، وبمرور السنين صرت على يقين من أن عيون المصريين تختلف عن عيون باقى الآدميين!.
فعيون الناس فى شتى البقاع صافية ويُرى لها لمعان.. أما عيون المصريين فذابلة (...)