نشرت وكالة "أنباء موسكو" الروسية مقالا تحدثت فيه عن تحرك مصر نحو مواجهة تحديات المرحلة والانتصار على التطرف والإرهاب، والبدء في خارطة طريق لبناء مصر جديدة مستعينة بالتراث التاريخي والثقافي للمجتمع العاشق للحرية والتنوع والانطلاق في اتجاه فضاء الكون الفسيح بعيدا عن قيود الجهل والرجعية، واقع حقيقي تعيشه مصر ما بعد 30 يونيو 2013.وأضافت , في مقال لمدير مكتبها في القاهرة أشرف كمال , أن تيارات الإسلام السياسي تصدرت المشهد منذ مارس 2011 عند الاستفتاء على الإعلان الدستوري المؤقت بما عرف عندهم ب "غزوة الصناديق"،ذلك الإعلان الذي فتح الباب لسيطرة هذه التيارات على أول برلمان مصري ما بعد مبارك. فصدرت القوانين والتشريعات المنظمة للمرحلة، لكن بشكل منح الجماعات الإسلامية مزيدا من السيطرة على مؤسسات الدولة وتغليب رؤيتها على النظام وتوجهاته الداخلية والخارجية. امتلكت جماعة الإخوان القرار السياسي بالإعلان عن فوز القيادي في الجماعة محمد مرسي بمنصب الرئيس، لتبدأ مرحلة جديدة من تاريخ تيارات الإسلام السياسي مع الشعب المصري. وعلى مدار عام كامل من حكم الإخوان لم يشهد المصريون سوى تراكم للأزمات وفشل واضح في إدارة الملفات الداخلية حتى أصبحت الحياة مستحيلة في ظل التدهور الاقتصادي والانقسام الاجتماعي وتطرف الخطاب الديني وروح الانتقام والغطرسة والكبرياء تجاه الآخر، فيما تعاني البلاد حالة من الارتباك الصارخ في العلاقات الخارجية. لقد عملت الجماعة على قدم وساق على تنفيذ خطة التمكين وأخونة الدولة بالتحالف مع التيارات الدينية الأخرى من جهاديين وسلفيين كشركاء في السلطة الإخوانية. لقد تجاهل الإخوان شريحة كبيرة من الشعب ظلت تناضل من أجل تحقيق أهداف الثورة التي تخلت عنها الجماعة وحلفاؤها، حتى تفجرت الثورة من جديد وعاد الى الظهور في الميادين شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" يرافقه شعار "يسقط .. يسقط حكم المرشد" والذي عكس رفض المجتمع لممارسات الإخوان. لقد انطلقت هذه الشريحة الكبيرة من الشعب المصري، وانضمت إليها النخب السياسية الوطنية رغم اختلاف توجهاتها، والتقت مع القوات المسلحة في أن حكم الإخوان وممارسات تيارات الإسلام السياسي باتت تشكل تهديدا على مستقبل الأجيال القادمة، نتيجة الفشل الواضح في إدارة الدولة وصراعاتها المتواصلة مع مؤسسات الدولة واقصاء المعارضة وتكريس أمكانيات الدولة لصالح التنظيم الدولي للجماعة، فضلا عن تجاهلها لأهداف الثورة من عيش وحرية وعدالة اجتماعية. الحاجز الحقيقي بين المجتمع والإسلام السياسي، إن هذه التيارات لا تؤمن بالطرف الآخر وأن الديمقراطية جسر للوصول الى السلطة وما أن يصلوا ينقبلون على كل مبادئها ويقسم المجتمع ما بين مؤيدين مؤمنين ومعارضين كافرين أعداء للإسلام. لقد منحت القوات المسلحة محمد مرسي فرصا عديدة للحفاظ على الدولة المصرية والمجتمع وإنهاء مشهد الاستقطاب والاحتقان. كانت الأولى عقب أزمة الإعلان الدستوري في 21 نوفمبر 2012، إذ دعا الفريق أول عبد الفتاح السييي لحوار يكون فيه وسيطا بين المعارضة والثورة، وبين الإخوان. رفض مرسي، ثم حصن قراراته وتأسيسية الدستور ومجلس الشورى وعين نائبا عاما من طرفه دون أدنى اعتبار للنظام القضائي المصري. ثم بادر السيسي ثانية بأن أمهل الجميع فرصة للحوار وانهاء حالة الانقسام والتوتر قبل 30 يونيو، أو ان الجيش سيتدخل للحفاظ على على الدولة من الانهار. لكن مرسي والإخوان أعلنوا رفضهم وتمادوا في تعالي وكبرياء ظهر في خطاب مرسي في قبل الأخير بقاعة المؤتمرات بمدينة نصر. ثم كانت فرصة ال 48 ساعة، والتي تفاقمت بعدها الأوضاع وازداد الغضب الشعبي ضد الإخوان، فبدأت مصر مرحلة جديدة منذ 30 يونيو وخرجت الملايين للشوارع تطالب الجيش الانتصار لإرادتهم. واستجابت القوات المسلحة بخارطة انتقال جديدة، ليزول حكم الإخوان. وكما كان متوقعا توجه أنصار الرئيس المعزول والمتحالفون معها من بقايا الجماعات الجهادية بتهديد المتظاهرين بالقتل والعدوان ومن خلال خطاب العنف والدم الذي تمارسه قيادات الاعتصامات في رابعة العدوية وميدان النهضة. أعلنها طارق الزمر وعاصم عبد الماجد القياديين في الجماعة الإسلامية، وغيرهم من قيادات جماعة الإخوان المسلمين ك محمد البلتاجي وعصام العريان ومرشد الجماعة محمد بديع، وصفوت حجازي، وقيادات السلفية الجهادية التي بدأت تضرب بعنف وبلا هوادة في سيناء منذ عزل محمد مرسي. تعيش جماعة الإخوان وحلفاؤها حالة من الارتباك ما بين مزاعم الدفاع عن شرعية الصندوق الذي جاء بمرسي، والدفاع عن الشريعة في مواجهة أعداء المشروع الإسلامي في المنطقةن خاصة مصر. لقد دفع خطاب أنصار الرئيس المعزول الى تجييش الجماهير في رابعة العدوية وفي ميدان النهضة، ودفعهم الى استخدام العنف وإرهاب المجتمع بدعوى الجهاد نصرة للشريعة. وقراءة تاريخ الجماعات الدينية المتشددة، تؤكد فشل توجه الإخوان والجهاديين والجماعة الإسلامية وغيرهم من السلفية الجهادية، فيما يبقى على المجتمع الدولي والعالمين العربي والإسلامي مواجهة دعاوى العنف والإرهاب الذي يمارس على أرض مصر، وأن ممارسات الإخوان و تيارات الإسلام السياسي تدفعهم الى الانتحار السياسي في ظل تدني شعبيتهم، ورفض المجتمع لهم بعد عام من التجربة الفاشلة في حكم مصر. لقد كانت تجربة الإخوان في الحكم درسا قاسيا، كشفت للمصريين حقيقة هذه الجماعات التي تتستر خلف شعارات دينية، وتتجار بتعاليم الشريعة، وها هي أحداث ما بعد 30 يونيو تؤكد هذه الحقيقة، وان انتصار الجيش لإرادة الأغلبية العظمى من المجتمع أنهت الدرس وعاد الوطن الى حضارته ثقافته وتاريخ