يتحفنا الرئيس مرسى كالعادة بخطاباته المميزة التى تأتى من حيث لاندرى ولانعلم مغلفة بنظرية المؤامرة الجاهزة من عملاء فى الخارج والداخل يريدون النيل من استقلال مصر وسلامتها ،الا انه أمس فى مؤتمر حقوق المرأة المصرية تكلم بلغة "الصوابع" التى تعبث بمصر والتى سيقطعها بقدرة منقطعة النظير بسيف الزعماء الذين لايقهرون. وتثبت خطابات الرئيس مرسى بانه لايعى ان درس نظرية المؤامرة لتبرير فشله فى إدارة البلاد قد حفظه الشعب على يد حكام سابقين آخرهم مبارك الذى عكف لسنوات طويلة فى محراب هذه النظرية التى قمع بفضلها الاسلاميين واليساريين واسكنهم السجون والمعتقلات فما كان الا ان انتهى حكمه بثورة خلعته من حيث لا يدرى واستمر ما يعرف " بسنة التدافع " الممهدة للثورات ،خاصة فى ظل حالة الفشل التى نمر بها حاليا على كافة المستويات فلا عدالة تحققت ولا الحرية نالت حريتها والعيش اصبح" لايسمن ولايغنى من جوع . " ويبدو ان الرئيس مرسى مازال منساقا وراء حسابات مغلوطة يضعها له مكتب الارشاد لاتناسب التحول الذى حدث فى البيئة السياسية للوطن والنفسية للمواطن خاصة بعد ثبوت تجربة الارادة عمليا باسقاط الحاكم على يد شعبه وما أعقبها من سيل من التيارات السياسية المتنوعة بين اسلامية ويسارية وقومية تحتاج فى الوقت الحالى الى الاتحاد على اهداف محددة لن تتحقق اذا كانت السلطة بهذه الطريقة لاتلقى بالاً لرغبات الشعب وارادته . وتعرف نظرية المؤامرة بانها محاولة لشرح السبب النهائى لحدث أو سلسلة من الأحداث (السياسية والاجتماعية أو أحداث تاريخية)على أنها أسرار، وغالباً ما يحال الأمر إلى عصبة متأمرة بشكل منظم هي وراء الأحداث وهو ما يطبقه الاخوان فى الحكم حيث يلقون بالشماعات على الاعلام وجبهة "الخراب" كما يقولون والايادى الخارجية والعملاء ويتهمون هذه الجهات بأنها واقفة امام المشروع الاسلامي حتى وصلوا الى تكفير البعض فى محاولة منهم لالهاء الرأى العام فى فلكلور من المؤمرات يحتوى على كافة الالعاب التى تهدف فى النهاية الى اسقاط شرعية الرئيس. وبلغة المجهول يتحدث الرئيس دائما عن مؤمرات ودسائس من متأمرين الا انها فى النهاية لاتقدم جديدا ولاتكشف عن شىء وترفض الواقع ايضا بما يحتويه من متغيرات حتى ان الجماعة تحولت الى طاقة "سلبية" فى النهضة بالدولة "ايجابية" فى قلب الحقائق من اختيارات سيئة للوزراء ومسئولين والعمل على اخوانة الدولة بمفهوم اهل الثقة وليس الكفاءة وتصدير اخبار تنقصها الشفافية والدلائل توجه الاتهامات الواضحة لمن يعتبرهم مُدانين من وجهة نظره يشاركون فى صناعة الازمات من وراء الكواليس ويبدو أن الاخوان المسلمين استلهموا احلام الماضى امامهم وكيف تعرضوا للمؤامرات خلال عقود الجمهورية فدفعهم غرورهم ان يلقوا جميع اوراق اللعبة على الارض فارادوا السيطرة وبسط القدرة على كافة مفاصل الدولة فركزو فى مجلس الشعب والشورى والرئاسة وارادو ا السيطرة على الشركة والجيش حتى اتحادات الطلبة ناسيين انهم جاءوا بعد ثورة الربيع العربى التى صدر لها نظرية المؤامرة كعناوين لها من اياد خارجية وتدابير مسبقة اتخذها الغرب لهذه الثورات وكأن النظم السابقة لم تكن عميلة بالشكل الكافى وكأن بوعزيزى عندما قرر حرق نفسه فتح له حسابا سريا فى بنوك سويسرا ! الا ان الطابع العربى دائما مايتيقن "باللهو الخفى " الذى يهدف الى ضرب استقرار البلاد. وعلى الرغم من اقترابنا من عام كامل من حكم الاخوان الا انهم مازالوا يلعبون بنفس الاوراق التى تنقص الارض من تحتهم يوما بعد يوم فالاكتفاء بالمؤامرات لايجدى وصراع السلطة من المعارضة لايجدى ايضا فى ظل متطلبات جيب المواطن المصري الذى يحلم بالغد الافضل الذى يرى انه فى قبضة حاكمه ولا يهمه مبررات واهية خاصة عندما يفتقد من يحكمه الى " كاريزما " السيطرة والقوة التى تلهم البسطاء وتظل احاديث يومهم حتى انه يزين حائطة المشروخ بصورة رئيسه الذى يذيقه الجوع والعطش. نظرية المؤامرة وان كانت قد نجحت لفترات طويلة فى ظل نظم حكم عديدة استغلت وامية وفقر شعبها الا انها " فاقدة للصلاحية فى هذه المرحلة " التى يسيطر عليها ثورة التكنولوجيا والاتصال التى تفصح عن الحدث قبل ان يحدث وتشكل رأيا عاما جديرا بالاحترام يقبل النقاش والمحاورة حتى وان كانت نخبته تكتفى بالكراسى والمولوتوف كمحاور للنقاش. هذه مرحلة لن يجدى معها خطابات حكم من هذه النوعية تفتقد حتى الى موهبة ابجدية الكتابة والتعبير اللفظى ويكتفى شبابها بالسخرية من مصطلحات شعبية مرادفة للمؤامرة تأتى على لسان رأس الدولة كنوعية " لعب الصوابع " و"الحارة المزنوقة " و"القلة المندسة " وبهذه الرؤية ستحاك علينا المؤامرات الخارجية الحقيقة التى لن يردها إلا العودة للحق الذى سيعصف بمنطقة كل التيارات الفاقدة لأبجديات التحولات الكبرى.